إعلان

كيف وصل الإخوان إلى 30 يونيو؟

كيف وصل الإخوان إلى 30 يونيو؟

10:41 ص الأحد 14 يوليه 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - سامي مجدي:
تحدث البعض من الإخوان أو الموالين لهم أو الكارهين للحكم العسكري كثيرا خلال اليومين الماضيين عن ما قامت به القوات المسلحة من عزل للرئيس المنتخب انتخابا حرا نزيها - لا جدال في ذلك - وتعطيل الدستور الذي عليه علامات استفهام كثيرة، ونددوا بذلك الفعل واعتبروه ''انقلابا عسكريا'' على نظام ديمقراطي اسما، ديكتاتوريا استبداديا قمعيا فعلا. لكن هؤلاء للأسف الشديد نسوا أو تناسوا الأسباب التي دعت القوات المسلحة إلى القيام بخطوتها تلك على اثر نزول ملايين المصريين إلى الشوارع منددين بالإخوان وحكمهم ومطالبين بإزاحتهم وإنقاذ البلاد من حرب أهلية كانت على وشك أن تقع.

عودة للوراء إلى ما قبل ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية، حينما كانت المنافسة محتدمة والصراع على أشده بين مرشح النظام السابق (أحمد شفيق) ومرشح جماعة الإخوان المتمسح في الثورة (محمد مرسي). دارت الجماعة وحلفاءها الدائمين على كافة القوى السياسية والثورية الرافضة لعودة مبارك في صورة شفيق، من أجل مساندتهم أمام مرشح بدا لوهلة أنه قاب قوسين أو أدنى من التتويج بالرئاسة، وقدموا لهم الوعد تلو الوعد بأن يكونوا على قدر المسؤولية وأن ينفذوا أهداف الثورة، وتبلور ذلك في اتفاق من ست نقاط سُمي وقتها ''اتفاق فيرمنت'' نسبة إلى الفندق الذي عقد فيه ذلك الاجتماع الشهير منتصف العام الماضي، وضم أغلب القوى الثورية إن لم يكن كلها.

بفضل هؤلاء وغيرهم الكثير من المصريين البسطاء الذين نجحت الآلة الانتخابية للجماعة في استقطابهم ''بالزيت والسكر'' تارة وبالمشروع الإسلامي ونصرة الدين تارة أخرى، في الفوز بالحكم الذي حلموا به طيلة ثمانية عقود، وصعد مرشحهم المحدود القدرات، المعدوم الإبداع إلى كرسي الرئاسة.

رغم بدايته الجيدة التي تجسدت في إلغاء الإعلان الدستوري الصادر في يونيو ٢٠١٢ وإخراجه الجيش من المعادلة السياسية بالإطاحة بالمشير طنطاوي والفريق عنان، والذي ساندته فيه جميع القوى السياسية والثورية الحريصة على تحقيق أهداف الثورة، إلا أنه سرعان ما انقلب للضد وتنصل من وعوده واحدا تلو الآخر؛ فالحكومة (حكومة هشام قنديل) لم تكن محل توافق، ولا اُتخذت إجراءات في سبيل تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين جنائيا وسياسيا عن إراقة دماء المصريين بدءا من يناير ٢٠١١ وصولا إلى ٣٠ يونيو ٢٠١٢ حينما حلف مرسي اليمين الدستورية. (وكان ذلك من ضمن اتفاق فيرمنت).

كانت حكومة قنديل بداية الانحراف عن المسار الذي اتفق عليه مرسي أو الجماعة مع قوى سياسية وثورية من أجل تحقيق أهداف الثورة، تبعها بإجراءات وقرارات أخرى بددت الكثير من الأمل لدى الكثير فيه (مرسي) وفي جماعته، حتى جاءت اللحظة الفاصلة بإعلان نوفمبر الدستوري الدكتاتوري الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير. جعل مرسي من نفسه بهذا الإعلان فوق كل السلطات وفوق المحاسبة، كما حصن الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور المطعون عليها قضائيا حينها، وكذلك مجلس الأهل والعشيرة (الشورى)، وكان بذلك يدق المسمار تلو الآخر في نعش حكمه؛ فرغم خروج مئات الآلاف من الجماهير إلى الشوارع للتنديد بالإعلان إلا أن مرسي لم يرتدع ولم يتراجع وكأنه يعيش على أرض غير الأرض وتحت سماء غير السماء.

لم يكد يفيق الشعب من صدمة الإعلان الدستوري في نوفمبر ٢٠١٢ حتى استيقظ ذات صباح ليجد أن الأهل والعشيرة أقروا الدستور الذي سمي وقتها بـ''دستور الليل''. مرسي في الدستور أيضا نقض عهده مع القوى السياسية وشركاء الوطن ودعا إلى استفتاء على دستور عليه من الخلافات أكثر ما عليه من توافق. وكان الدستور انتقاميا في كثير من مواده وبدا للبعض أنه مكتوب لفئة معينة من الناس، رغم ما روج له كاتبوه بأنه ''أعظم دستور كُتب في العالم'' كما زعم ''فقيه الإخوان القانوني'' صبحي صالح.

فوق كل هذا، هناك الأزمات اليومية التي نغصت على المواطن العادي حياته وزادتها صعوبة؛ فطوابير الوقود وأنابيب البوتاجاز تكاد تكون لم تنقطع في ''عام الإخوان''، وطوابير الخبز التي لم تفلح ''بروباجندا'' الوزير باسم عودة في حلها أو إقناع الناس بحلها على الأقل. يضاف إلى ذلك الأمن؛ حيث أن الانفلات الأمني ارتفع بشدة في كافة أنحاء الجمهورية، اللهم إلا سيناء نتيجة اتفاقهم مع المتشددين الأصوليين الذين قدر يأتمر بعضهم بأمر الإخوان.

الرئاسة والأهل والعشيرة أرجعوا ذلك كله إلى ''نظرية المؤامرة'' وزعموا أن ''فلول النظام السابق'' وراء تلك الأزمات المفتعلة لإفشال الإخوان. قد يكون ''للفلول'' دور؛ لكن الشعب لم يرى أي دليل على تحرك في الطريق السليم من قبل الرئاسة بل رأى علامات تمكين - ''أخونة''- تقوم بها الجماعة للسيطرة على البلد ومقدراتها، وهو ما جعل الملايين يوقعون على استمارات تمرد والخروج في مظاهرات حاشدة بطول مصر وعرضها مطالبين بإنقاذ البلاد من براثن الفشل والانهيار على أيدي هؤلاء الذين أعلوا من مصلحة تنظيمهم على مصلحة وطن عمره آلاف السنين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب الشخصية.

إعلان

إعلان

إعلان