إعلان

الأوليجارشية الترامبية

أيمن صبري

الأوليجارشية الترامبية

أيمن صبري

صحفي متخصص في أخبار السيارات

07:17 م الخميس 23 يناير 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لم ينفك أعضاء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية عن الترويج إلى أن عام 2025 هو بداية نظام "أوليجارشي" في أم الديمقراطيات بالعالم، متهمين الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب بتزويج أصحاب المليارات إلى النفوذ السياسي.

"الأوليجارشية" هي وصف لحكم الأقلية ذات النفوذ المالي أو السياسي أو العسكري للأكثرية من الشعب، وفي دول العالم الأول يندر أن يتهم نظام حكم بأنه أوليجارشي.. إلا أن صراع يلوح في الأفق يهدد الدولة الأولى المصدرة للديمقراطية.

بدأت تتبلور مخاوف الديمقراطيين من امتزاج رأس المال بالسلطة مع إعلان ترامب تعيين الملياردير إيلون ماسك وزيرا مشاركًا للكفاءة بالحكومة، وما تبعه من ظهور للعديد من المليارديرات لدرجة أن الحكومة الجديدة وصفت بأنها الأكثر ثراءً في تاريخ الولايات المتحدة.

ووفقًا للمعطيات الحالية فإن مليارديرات فاعلين في حكومة ترامب الجديدة تصل ثرواتهم مجتمعة إلى نحو 340 مليار دولار، أبرزهم إلى جانب ماسك الملياردير فيفيك راماسوامي مؤسس شركة علوم الرويفانت للأدوية.

ومن بين الذين اختارهم ترامب لتولي مناصب قيادية واستراتيجية في حكومته، هناك نحو 11 شخصا على الأقل، هم مليارديرات، أو على مشارف دخول نادي المليارديرات، أو متزوجون من أصحاب المليارات.

ولعل أكثر الأسماء البارزة في فريق عمل دونالد ترامب، الملياردير هوارد لوتنيك - وزير التجارة، وليندا ماكمان - وزيرة التعليم، وسكوت بيسنت - وزير الخزانة، مضاف إليهم تشارلز كوشنر الذي يتوقع أن يصبح سفيرا لأمريكا في فرنسا، وكذا رجل الأعمال وحاكم نورث داكوتا السابق دوج بورجوم المرشح لوزارة الداخلية.

ويعد ترامب نفسه مثالا حيًا على امتزاج نفوذ المال بالسلطة السياسية، فهو رجل مال وأعمال قبل أن يصبح رئيسا، وينعكس ذلك بشكل جلي على أسلوب تعاطيه مع العديد من القضايا على الصعيدين المحلي والدولي حيث تطغى شخصية رجل الأعمال في الكثير من الأحيان ويتعامل مع ملفات عدة باعتبارها صفقات.

وتشير تحليلات إلى أن استعانة دونالد ترامب بأصحاب المال قد يرجع إلى أنه يبحث عن أفراد ذوي خبرة في إدارة الشركات الناجحة، أو رغبته في استخدام المليارديرات في إعادة تشكيل السياسات الاقتصادية التي تخدم مصالح الدولة.

وقد انعكس ذلك بالفعل على انتعاش أسواق الأسهم في الساعات الأولى التي أعقبت استلام ترامب مقاليد الحكم رسميًا، ما رآه محللون للبورصات بأنه عائد إلى الأثرياء الذين يحيطون بالرئيس ويرسمون له السياسات والخطط الاستراتيجية لدعم الصناعات وخفض الضرائب.

وبالرغم من منطقية التحليل، إلا أن المخاطر تبدو أكبر وأعمق فالتجارب التي سيطرت فيها النظم الأوليجارشية على مفاصل الحكم بعدد من البلدان، تسببت في قلاقل اجتماعية وإفقار للشعوب وفساد سياسي، وبعض تلك النظم انتهى بثورات دامية.

ومن الأعراض الجانبية أيضًا لتحكم الأوليجارشية، ظهور صراعات بين مصالح الأعمال ومصالح الشعب وزيادة تأثير السلطة المالية في السياسة العامة للدولة مثل السياسات الضريبية والجمركية؛ فضلًا عن التأثير على الفئات الاجتماعية المختلفة.

ومع استمرار أبواق الديمقراطيين في الصدح تخويفًا من خطط ترامب لتمكين المليارديرات من مفاصل الدولة الأمريكية، لم يظهر أي ملمح من ملامح الأوليجارشية في تعاملات ترامب منذ تنصيبه سوى في تصريحه بشأن المملكة العربية السعودية.

فقبل ساعات خرج ترامب بتصريح للصحافة على هامش احتفالية بعد توليه الرئاسة وقال إنه قد يكسر البروتوكول المتعارف عليه والذي يقضي أن يزور الرئيس الجديد المملكة المتحدة أولا وسيزور السعودية بدلا عنها، بشرط أن يشتري السعوديون من أمريكا منتجات بقيمة 500 مليار دولار.

ما قاله ترامب عن السعودية بمثابة تأصيل لابتزاز الأوليجارشية، فهو يتعامل مع الدول باعتبارها شركات يجب أن يحصل منها على أكبر مكاسب قبل أن يمنحها ما تريد.

بالنهاية.. أود الإشارة إلى أننا مقبلون على أربعة أعوام مثيرة سيكون بطلها الأول دونالد ترامب وأعوانه.

إعلان

إعلان

إعلان