إعلان

دفاعًا عن المعزول وضحايا الانقلاب العسكري

دفاعًا عن المعزول وضحايا الانقلاب العسكري

12:20 ص الأحد 14 يوليه 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- أيمن شعبان:

'' أبتاه طالت غربتي.. من طول ليل الرحلة.. يا كأس حبي يا أبي.. عد للصغير بلهفة.. عد يا أبي أنا لا أنام.. فأنت أنت وسادتي.. عد يا أبي واحمل إلي كما وعدت هديتي.. عد يا أبي فبدونك الدنيا قذي مقلتي.. مزقت أيام الغياب لكي تعود بسرعة.. وتضمني في حضنك الدافئ فتذهب غربتي.. وأرى الحياة على ذراعك يا أبي كالبسمة.. عد واروي لي قصص البطولة كي تشب بطولتي.. عد يا أبي ستكون في استقبال طيفك فرحتي.. عد يا أبي''.. كلمات رددتها طفلة باكية ساندة جسدها النحيل بسور قفص حبس، وكأنها تستمد من قسوته قوة، أو تترجى مددًا ممن طواهم خلفه، ظلمًا وقهرًا، فالوقت كان يشير إلى صبيحة أحد أيام العام 2007، والحدث إحدى جلسات محاكمة حوالي 40 قيادي بجماعة الإخوان المسلمين في قضية ''التنظيم الدولي''..

وفي خارج القفص كان مبارك ورجاله يعملون على تمرير التعديلات الدستورية لتمهيد طريق التوريث، حيث ألغيت النصوص المتعلقة بالاشتراكية والقطاع العام فألغيت العبارات الدالة على الاشتراكية والقطاع العام رغم أن بعض مظاهر النظام الاشتراكى ما زالت موجودة فى الدستور مثل اشتراط نسبة 50% عمال وفلاحين، كما نال تعديل المادة 88 من الإشراف القضائى على الانتخابات وأعطى لرئيس الجمهورية الحق فى إحالة المدني إلى القضاء العسكري وظلت بعض التعديلات الأكثر أهمية خارج

نطاق التعديل الدستوري ومنها المادة المتعلقة بمدد رئاسة الجمهورية التي تسمح برئاسة مؤبدة مما يؤدى للجمهوريات الوراثية.

 

وشنت وقتها القوى الوطنية، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين، حملة قوية ضد التعديلات، وحاولت بشتى الطرق التوعية بخطورتها، ولكن دون جدوى، حيث أُجري الاستفتاء ومرت التعديلات بأغلبية تتجاوز 75%.

تلك كانت إحدى الصفحات التي طالما تغنينا بها طويلا ووصفناها بأنها أحد أصنع صفحات الجاهد ضد نظام مبارك الفاسد، والآن عاد معارض الأمس إلى السجن مرة أخرى ولكن ربما هي نفس الاتهامات في استحضار مشهد من الماضي يصلح لأن يذاع الآن بنفس نفاصيله، وكأن ثورة لم تقم، وكأن نظامًا لم يسقط..، وما أشبه الليلية البارحة وإن اختلفت التفاصيل من شاركوا وطالبوا في وضع مبارك في السجن باتوا إلى جواره نفس الاتهامات تقريبًا.

''الإخوان المسلمين'' كتنظيم وقيادة فشلوا سياسيًا في عام من الحكم، ودفعوا الثمن بالخروج من الجنة إلى جحيم الكفاح مرة أخرى، وخسروا شعبية طالما تغنوا بها، وهذا سياسيا عقاب كاف، لا يستتبعه بالضرورة أن يتم اعتقال القيادات وزجهم في السجون بتهم واهية لا أساس لها، وما يتعرض له قيادات الإخوان ورموز التيارات الدينية يتناقض مع مبادئ الثورة المصرية التي قامت في 25 يناير 2011 بشعار ''عيش- حرية- عدالة اجتماعية''..

''الجماعة'' وإن أخطأ قادتها حكامًا، وجب محاكمة من أخطأ منهم جنائيًا بالقانون، ولزامًا محاكمة من تورط في إراقة دم، أو نهب مال، ولكن من منا ينكر الصفحات الناصعة لكفاح هؤلاء ضد مبارك، فالحق أقول إنه في الوقت الذي كان كثيرًا ممن يدعون الثورية الآن يتمرغون في فساد حكم مبارك، كانوا أحرص الناس على المعارضة وهم أكثر أهل المعتقلات، ونساءهم وبناتهم كن درعهم لمواجهة انتهاكات زوار الفجر، ولم يثبت حتى الآن، على الأقل، بحكم قانوني أن منهم من تقاضى رشوة، أو سرق، أو نهب، أو خان، فليس من الإنصاف أن نمحي ما كنا نفتخر به في لحظة خلاف سياسي، مكان المبارزة فيه الشارع، والحكم فيه المواطن، وليس المعتقلات، والسجون..

اعتقال محمد مرسي وغلق قنوات هي إجراءات لا توصف إلا بأنها قمعية رجعية تشد نزاهة الثورة إلى الخلف، فثورتنا قامت لتنهي نظام قمعي، وليس من أجل إقامة نظام فاشي قمعي يتستر خلفة بدلة عسكرية، وإن كانت 30 يونيو امتداد لثورة يناير، وأحسبها كذلك، فيجب على صانعيها أن يكافحوا لتحرير قيادات الإخوان، وإعادتهم للعمل العام بشكل ليرالي نزيه، ليتنافس الجميع بشكل متكافئ لكسب الشارع وخدمة الوطن..

''30 يونيو''.. يقينًا أنه انتفاضة شعبية مدعومة بانقلاب عسكري، ''الانقلاب العسكري كما تقول الدوائر العلمية، هو تغير نظام الحكم، أوتغيير دفة الحكم، والنظام السياسي الذي تتبعه البلاد، وهو تحرك أحد العسكريين أو مجموعة منهم، للاستيلاء على السلطة''، وهذا لا يعيب انتفاضتنا فاستجابة الجيش لرغبات الشعب ليس عارًا، ولا غضاضة من أن يكون انقلابًا عسكريًا فهذا ما تقوله العلوم السياسية، وخوفنا من المسمى يؤكد أنه حقيقة، ولكي يستعيد الشعب انتفاضته وجب عليه أن يكافح من أجل حرية منافسيه..

''الجيش المصري''.. لا خلاف أنه وطن مهني لا نشكك أبدًا في ذلك، ولكن سياسيًا له أخطائه الجسيمة، ومن قتل متظاهري مجلس الوزراء، هو من قتل متظاهري الحرس الجمهوري، فلا يجب أن نخطأ مرتين .. شكرًا جيشنا على مساندة انتفاضتنا، ولكن كفى واترك لنا أن ندير شؤونها، فمن أنهى حكم مبارك.. قادر أن يتعايش ويحتوى شتات جماعة الإخوان، وأنصار محمد مرسي...

الدين لله وليس للإخوان، ومصر لكل أبنائها.. فهذه مصر تناديكم، ومستقبلها يستغيث.. فانظروا ماذا أنتم فاعلون؟!..

**الأراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي "مصراوي".. وتعبر عن رأي الكاتب.

للتواصل مع الكاتب:

https://www.facebook.com/aymen.shaban.9

إعلان

إعلان

إعلان