إعلان

من سيربح المليون؟.. أمنيات المتسابقين في المشروع الوطني للقراءة

12:57 م الأربعاء 11 أغسطس 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

كل منهم معروف بين رفاقه بمحبة الكتب. 44 طالبًا ومعلمًا كانت القراءة سبيلهم للمعرفة والتميز، ولدخول عوالم جديدة عبر الصفحات، لكنها منذ إعلان أسمائهم بين المتأهلين للتصفيات النهائية في مسابقة المشروع الوطني للقراءة، أصبحت وسيلتهم لتحقيق أحلام وأمنيات احتفظت بها مخيالاتهم، واليوم باتوا على أعتاب تحقيقها بأنفسهم بمجرد ترتيب مراكزهم ضمن العشرة الفائزين.

كانت مؤسسة البحث العلمي في دبي أطلقت بالشراكة مع وزارات التربية والتعليم، التعليم الفني والتعليم العالي المصرية، والثقافة، الشباب والرياضة، والتضامن ومؤسسة الأزهر الشريف، النسخة الأولى لمسابقة المشروع الوطني للقراءة هذا العام. نحو 3.5 مليون من الطلاب والمعلمين من مختلفات محافظات مصر تقدموا للمسابقة، وعلى مدار الأشهر الماضية وعبر المنافسة، وصل للمرحلة النهائية 44 قارئًا في مختلف المراحل العمرية، بداية من الصف الثاني الابتدائي إلى معلم يحمل لقب كبير المعلمين في إدارته.

على مدار يومين، 7 و8 أغسطس الجاري، داخل إحدى الفنادق الشهيرة بمنطقة مدينة نصر، أقيمت التصفيات النهائية للمسابقة، اختبرت لجنة التحكيم المتشاركين، تمهيدًا لإعلان ترتيب قائمة الفائزين بجوائز تبلغ قيمتها 20 مليون جنيهًا مصريًا.

بين 20 طالبًا في فئة التنافس المعرفي لطلاب المدارس، كان معاذ سي تويين مونج المتأهل الوحيد من القاهرة، لأب تنتمي أصوله لشرق أسيا وأم مصرية حمل عنها جنسيتها، بالقراءة تجاوز صاحب التسعة أعوام نوبات التنمر على اسمه، وبسببها جاء رفقة والدته وشقيقه الأصغر حمزة للتصفيات النهائية، لا يرغب إلا بحلم وحيد "أنا اشتركت في المسابقة عشان أحقق لماما أمنيتها أن يكون عندنا شقة".

يستقر معاذ مع والدته بمنزل جدته في المطرية، وفيه ورث عن أمه حب القراءة وشغفه بالعلوم خاصة الفلك "بحب القراءة لأنها مالهاش عمر معين. كل الناس تقدر تقرأ في أي وقت وكمان ساعدتني كتير وعلمتني حاجات في الحياة"، لذلك باتت المكتبة مكانه المفضل منذ الصف الأول الابتدائي.

1

لم يشترك معاذ من قبل في مسابقات للقراءة على أي مستوى، هذه المرة شجعته معلمته في المدرسة، لذا كان وصوله التصفيات حدثًا كبيرًا له، شجعه أكثر على الحلم بتحقيق أمنية والدته ورغبة صغيرة له في امتلاك تليسكوب.

ينقسم المتأهلون للتصفيات إلى 4 فئات، 5طلاب بالصف الثاني الابتدائي، ومثلهم في الخامس والسادس الابتدائي، و10 بالصفين الإعدادي والثانوي. ومثلهم بالمرحلة الجامعية يتنفاسون على لقب الطالب الماسي، وآخرين على لقب المعلم المثقف. يحصل صاحب المركز الأول من كل مرحلة على مبلغ مليون جنيه، والتالي نصف مليون جنيه، ثم ربع مليون، ومن يأتي في المركز الرابع إلى العاشر يحصل على 100 ألف جنيهًا.

داخل قاعة الاختبار لا فرق بين صغير وكبير في الأمنيات، الجميع يعلم أن الفوز تحقق ببلوغ مرحلة التصفيات، ومن قبل ذلك التحصيل المعرفي بقراءة 30 كتابًا متنوعًا. الكل يجتهد ويطمح مثل مريم أشرف. قطعت الطالبة في الصف الأول الإعدادي الطريق من أسوان إلى القاهرة لأجل هدف تذقه منذ عرفت خطاها مسابقات القراءة "المشاركة في المسابقات زي المشروع الوطني بتحسن صورتي قدام نفسي وتخليني أحس أني كويسة وبعمل الحاجة اللي بحبها".

2

مع تجاوز مريم مرحلة تلو الأخرى بدأ تفكير الطالبة بالجائزة، وضعت معالم لأماني تود تحقيقها سواء حصلت على مركز متأخر أو متقدم بين العشرة "لو فزت بالمائة ألف هتبرع للمستشفيات والمنشآت الخيرية اللي في نظري تستحق أتبرع لها وهجرب نشاطات كان نفسي أجربها من زمان وهسافر مع عيلتي"، ولا تختلف أمنياتها مع المليون، فقط ستتوسع النشاطات ويصبح السفر دوليًا.

قيمة الجائزة أول ما لفت أسماء العشري للمسابقة "كانت تمثل لي تحقيق حلمين في آن واحد". لأعوام تمنت طالبة الطب السفر إلى اليابان، وأن تحظى بفرصة لدراسة الأورام بجامعة هارفارد، وأعلنت المسابقة أن من ضمن تكريمها للفائزين توفير رحلة ثقافية لليابان، هذا بالإضافة إلى المكسب الموحد للجميع بقراءة ومعرفة 30 كتابًا أتم المعرفة.

كأنما اجتمعت كل أحلام أسماء في مكان واحد كما تصف، لهذا تحملت مشقة الاستعداد للتجربة في وقت قصير "كل اللي فكرت فيه أن دي فرصة هتغير حياتي للأبد". تعلم أسماء جيدًا ما تريد إن حصلت على المليون؛ فإذا لم تستطع الدراسة في هارفارد أو جامعة طوكيو، ستتقدم للدراسات العليا في إحدى الجامعتين، فضلاً عن مساعدة والديها لأداء فريضة الحج، أما إن حصلت على الجائزة الأصغر، ستخصص جزءًا للحصول على تدريبات في طب الأورام وشراء جهاز آيباد والإلتحاق بالبرنامج التدريبي في مستشفى 57357 لمعرفة المزيد عن الأورام ومتطلبات العمل في هذا المجال الطبي.

3

في التصفيات النهائية، يتشارك البعض الحلم ذاته، خاصة الأصغر عمرًا، تتجه الأمنيات نحو تأسيس مكتبة في أماكن السكن وشراء الهدايا للأهل، والبعض يرتبك أمام سماع القيمة المادية للجائزة، لا يعلم ماذا يفعل بها، فيبقي نفسه على الاعتزاز بالقيمة المعنوية للمسابقة قائلاً "مش مهم الفلوس الاستفادة اللي حصلت عليها لا تقدر بتمن" أو يتملكه الصمت من منطلق "مش حابب أقاطع.. لما أفوز أشوف أعمل ايه".

أما الأكبر عمرًا من طلاب الجامعات والمعلمين، لا يتوقف جماح أمانيهم عن التخطيط للمستقبل، بإنشاء مصنع مثل أحمد خالد دارس الهندسة الكيميائية، والسفر للدراسة بالخارج حال أحمد مدحت، طالب كلية العلوم بجامعة الأزهر، والأول على الثانوية العامة لعام 2020، والذي يحلم بأن يدمج بين دراسة تخصصي الرياضة والبيولوجيا، ولم ينس مدحت مدرسته التي تخرج فيها "هحاول أعمل مشروع لشراء كتب وتوزيعها على مكتبة مدرستي".

ثمة أمنيات تحققت بالفعل بالوصول للتصفيات، يمتن لها بعض المتسابقين. يسعد خالد فتحي، معلم اللغة العربية، حينما يتذكر كيف أصبحت ابنته الصغرى تسأل عن القصص والكتب لتقرأ مثل أبيها رغم أنها ما كانت تفعل سابقًا، وكذلك يستشعر أسامة محمد إسماعيل أن بلوغه هذه المرحلة دليل إقبات لمن شكك في سعيه بطريق محبة الكتب والشغف بها.

4

يعلم إسماعيل معنى الحلم منذ كان في المرحلة الإعدادية، وقتها تأثر بكتابات زكي نجيب محمود، وتمنى لو التقاه ولهذا درس الفلسفة بجامعة القاهرة، وبالفعل حقق رغبته بلقائه، ليعمل منذ عام 1990 على نقل المعرفة لطلابه في المرحلة الثانوية بتدريس الفلسفة والإنجليزية، ورغم صعوبة الأمر مع اختلاف ظروف الأجيال التي يدرس لها إلا أنه لا ييأس، لكنه في المسابقة وقف مشاركًا بأعز ما يملك وهي الكتب لأجل بناته الثلاث "أنا معلم لنحو 31 عامًا ولا امتلك منزل فحلمي أن يكون لي بيتًا يجمع أبنائي".

من دمياط قدم صلاح محمد سعد، لا يجد معلم اللغة العربية ضررًا من النظر للجانب المادي للمسابقة، يرى أنه مجرد حافز للتنافس. لم يخطط لما سيفعله في حالة الفوز، يترك الأمور لوقتها، لكن أمنيته التي ترافقه حتى الآن، هي أن تجد المسابقات الثقافية طريقها للشباب وتكون دومًا مضخة للنماذج الملهمة.

أحلام عديدة ضمتها قاعة الاختبار على مدار اليومين، الكل يتمنى وينتظر حسم النتيجة في سبتمبر المقبل، لكن المؤكد بالنسبة لهم أنها تجربة صعبة النسيان.

5

فيديو قد يعجبك: