إعلان

في أسبوع القاهرة للصورة.. كيف أحيت الكاميرا ثلاثة محلات مهجورة؟

09:23 م السبت 20 مارس 2021

كتبت- إشراق أحمد وشروق غنيم:

تصوير- إشراق أحمد:

بينما تمر "أم لؤي" في طريقها الاعتيادي إلى منزلها عبر شارع النبراوي، هالها الموقف. حين رأت ثلاثة محال باتت مهجورة ينبعث منها النور مُجددًا "اتخضيت. معقول المحلات فتحت تاني؟" مر سنوات منذ أُغلقت المحال ومعها حّل الظلام على الشارع "الساعة ممكن تبقى 8 بليل وأخاف أنا وبنتي نعدي منه".

قبل عشرة أيام عادت الأضواء والروح مُجددًا إلى شارع النبراوي، حين تم افتتاح أسبوع القاهرة للصورة في نسخته الثانية بمشاركة 90 مُتحدثًا من دول مختلفة، ومن خلال 11 معرضًا. وفيما يأتي الحدث هذا العام تحت عنوان " DEPTH OFF FIELD" لإبراز فكرة القدرة على التأقلم مع الظروف المتغيرة، عايش أهل المنطقة في وسط البلد الحال نفسه.وخرجت فعاليات أسبوع القاهرة للصورة عام 2018 لأول مرة، حينما أطلقته مروة أبو ليلة، المديرة التنفيذية لمؤسسة فوتوبيا، والشريك المؤسس للمهرجان.

12

ولدت أم لؤي في المنطقة قبل أكثر من خمسين عامًا، شهدت المكان بكافة تطوراته، حين اصطف مقهيان على طول الشارع بينما المحل الثالث باسم "السبع" كان مُخصصًا لتصليح الأدوات المنزلية مثل البوتجاز والتلاجة "كان في دُنيا تانية هنا"، فيما حّل مكانهما خلال الأول من شهر مارس معارض تصوير فنية ضمن إقامة أسبوع القاهرة للصورة.

لم يغير القائمون على المعرض من هوية المحلات وحالتها المهجورة، فقط بثوا فيها الحياة بما وضعوه فيها. في محل تصليح البوتجاز سابقًا، تظهر الصور من جدران محطمة، الأرفف مازالت بحالتها القديمة، وبالمقهى ثمة أثر لحوض قديم، ومرآة محطمة. كافة التفاصيل استخدمها القائمون على المعارض لتوزيع الأعمال المصورة، فيما لا يتوقف الزائرون عن الدخول لتفقد الصور وسط ركام المحلات.

43

خلال شهرين، عكف المصور محمود أبو زيد، مدير المعارض بمدرسة فوتوبيا للتصوير، على تجهيز الأماكن لاستقبال صور معارض أسبوع القاهرة للصورة، إذ نسّق معرض سرد 2، شخصي، ومعرض مدرسة التصوير الدنماركية. وقف المصور الشاب أمام الأماكن يستكشف كيفية إعادة إحيائها من خلال الصور "وده كان بمساعدة فريق مختلف كان بيسّد معايا".

ثمة عامل مشترك ربط المعارض ببعضها، وهو أحاديث أهالي الشارع، تلقوا الحدث بترحاب، في وسط المدينة التي شهدت عدة معارض فنية ولقاءات ودور عرض وسينما، غير أن تلك المحال عادت إلى النور مُجددًا، واستقبل المصور الشاب تعليقات عدة من جيران مهرجان الصورة "الناس كانت حابة وجودنا في المكان، اتقالي إننا دّبينا فيه الروح".

65

تتذكر أم لؤي المكان قبل سنوات حين كان "عمران" بالناس "كان في قهوة اسمها التكعيبة، الستات كانت تنزل تتفرج ويا الرجالة رغم إننا في منطقة شعبية، لإننا في المنطقة هنا عيلة سوا". تتقلب ملامح السيدة الخمسينية بينما تتذكر وفاة الأب وابنه أصحاب القهوة ثم غلقها تمامًا حتى بات مُقبضًا "لدرجة كنا بنعدي من قدامه منبصش على المكان". لكن المرة الأولى التي تُلقي فيها النظر عليه منذ أربع سنوات حين افتتح المعرض.

حين مرّت السيدة وابنتها الشابة، وقفت أمام مقطع فيديو يُعرض دون انقطاع داخل إحدى المحال السابقة، فيُحيي الأصوات في المكان المُغبّر والمهجور "بشبه على البيت الموجود في الفيديو، في عمارة قريبة مننا شكلها كدة".

يتلفت المارة في شارع النبراوي للمحال المفتوحة، منهم من يتوقف مثل أم لؤي وآخرون عابرون، الأهالي يعرفون سيرة تلك المتاجر، لكن مصطفى محمد يحفظ تفاصيلها، امتلك الرجل الستيني اثنين من المحلات الأربعة لنحو 25 عامًا كما يقول "كنت فاتحها معرض موبيليا بشتغل في الورشة هنا وابيع هناك". غيرت السنوات كثيرًا من حال النجار؛ أصبح عمله مقتصرًا داخل الورشة بعدما اشترت شركة الإسماعيلية للاستثمار العقاري مكان المعرض قبل أربعة أعوام.

78

أنهى الحاج مصطفى –كما هو معروف بالمنطقة- أي مشاعر تربطه بالمحلين، مضى الحزن وحل مكانه الاعتياد خاصة وأنه قبل عامين استأجر المكان آخرون، لذلك حينما رأى الأبواب مفتوحة لم يلتفت "الموضوع عدى عليه سنين وكنت قبل ما يبدأ المعرض شوفت التحضيرات فعرفت اللي بيجرى". لم يترك النجار الفرصة لرؤية المعارض عن قرب "روحت وشوفت الصور ولقيتها حاجة حلوة"، سعد الرجل الخمسيني بأن ثمة شيء جديد تستضيفه المحلات بدلا من تركها "بلا حس".

قبل يومين وصل الفضول بأبو وليد للذروة "قلت أشوف إيه اللي مخلي الناس دي كلها تتجمع"، غادر الرجل الستيني مكانه في المقهى المقابل لمقر عقد الندوات وتوجه صوب المعارض، قام بجولة سريعة داخل المحال لكنها تركت في نفسه أثرًا "المكان كان مهجور زي القبر لكن باللي اتعمل بقى فيه رجل وحياة". يعتاد أبو وليد "الونس" في المقهي الذي يملكه لكنه يقول إنه سيفتقد الحركة المستمرة في الشارع طيلة أسبوع، غير أن ما لديه من تذكار يسعده "اتصورت 4 صور لغاية دلوقت" مبتسمًا يتحدث أبو وليد.
13

10

شيئًا فشيئًا انجذب جيران "أسبوع القاهرة للصورة" لما يحدث، أصبح الجلوس جوار المعرض الرئيس المعروف بـ"تاون هاوس" نقطة محببة للتواجد، يجلس أبو وليد جوار أخرين، يلتمسون من الزائرين مزيد من المعرفة والاطلاع على ما يجري. أجواء مختلفة يعايشها الرجل الستيني يتمنى مع اليوم الأخير أن تعاد مرة أخرى في شارعهم الهاديء.

تدخل أم لؤي برفقة ابنتها المعرض، تتأمل الصور المعروضة "ده في حاجات مكتوبة بالإنجليزي"، تقترب من المكتوب باللغة العربية، وأمام صورة لسيدة باسم صفاء، ولـ"عّم فولي" تُخرج هاتفها من حقيبة صغيرة، وتلتقط لهما صورة تذكارية "الشارع رجع له الحياة من تاني"، تتجول في الزاوية التي خُصصت لمعرض باسم شخصي، ثم تهّم برفقة ابنتها للمغادرة قبل أن تُعلن "للأسف المعرض هيخلص، وهنرجع للضلمة من تاني".

1211

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان