سينما تهزم الحزن.. "القاهرة السينمائي" يُصارع في عام "كورونا"
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير-شروق غنيم
مع نهاية عام هو الأصعب على الجميع، بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، أتمّ مهرجان القاهرة السينمائي دورته الـ42، بمشاركة 90 فيلمًا من بينهم 20 فيلم في عروضها العالمية الأولى، وإذا تخيلنا عدم إقامة الدورة في ذلك العام الصعب لرُبمّا كانت سنة أكثر حُزنًا مما هي عليه.
فكّر محمود حسن عبد العليم، سيناريست، مرتين قبل أن يُقدم على خطوة حضور المهرجان "الموضوع مقلق جدًا، خصوصًا بعد وصولنا للموجة التانية من الكورونا، واللي حصل في الجونة"، حيث أعلن عدد من الممثلين اصابتهم بفيروس كورونا بعد انتهاء مهرجان الجونة بنحو أسبوع، لكن في النهاية حسم رأيه، وقرر المجئ "كنت هتضايق لو مجتش عشان المحاضرات المهمة"، فيما بقيت الكمامة على وجهه طيلة أيام المهرجان، مُلتزمًا بالتباعد الاجتماعي.
يحرص محمود على القدوم لمهرجان القاهرة السينمائي منذ عامين، يهتم بحضور عروض الأفلام والندوات المهمة، ولكونه سيناريست شعر بالفرح لتكريم المهرجان في دورته الحالية لاسم بقامة "كريستوفر هامبتون"، كاتب السيناريو الحائز على جائزة الأوسكار عام 1988، فيما أيقن أنه كان محظوظًا جدًا لحضور لحظة مهمة كتلك.
فمحمود مولع بكواليس صناعة السينما، التي علّمته كثيرًا قبل أن يُصبح سيناريست، فقد حالت ظروف نشأته في الاسكندرية بعيدًا عن معهد السينما دخوله إياها "ودخلت كلية تربية، بس في نفس الوقت كنت بتعلم وبقرأ كتير عن السيناريو"، لذا كانت لحظة سعيدة بالنسبة له حين علم أن هامبتون قضى طفولته في الإسكندرية، وأنه كتب فيلمًا عنها لم يُنتج بعد "حتى أنه قال إن اسكندرية ممكن تطلع منها، بس صعب إنها تطلع من جواك".
داخل دار الأوبرا المصرية انتشرت التعليمات الخاصة بالإجراءات الاحترازية، جوار النوافذ المخصصة لحجز التذاكر، كما وُضعت على الأرضيات ملصقات خضراء مكتوب عليها "يرجى الحفاظ على المسافة"، عند واحد من شبابيك التذاكر وقفت نيفين شلبي، مخرجة أفلام، تحجز الفيلم الفلسطيني "غزة مونامور"، وحين رأت الملصق الخاص بالمسافات علا وجهها بعض من ملامح الراحة، كونها فكّرت كثيرًا قبل حضور المهرجان "أنا واخدة حذري من كورونا وفكرت فعلًا مجيش".
جرت العادة أن يُقام مهرجان القاهرة في نوفمبر من كل عام، لكن إدارة المهرجان اضطرت لتأجيله بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، وصارت إقامته في شهر ديسمبر، لضمان تقديم دورة أكثر أمانًا وفق التدابير الصحية التي تقرها الحكومة المصرية ومنظمة الصحة العالمية، بينما لم يكن في ذهن أندرو محسن، رئيس المكتب الفني، أن يتم تحويل مهرجان القاهرة إلى حدث إلكتروني "كنا مُخططين كإدارة مهرجان إما إن المهرجان يتعمل على الأرض أو أن الدولة تُعيد وقف الفعاليات الفنية والثقافية زي ما حصل قبل كدا، وساعتها كان المهرجان يتلغي".
وعلى هذا الأساس ظلّت إدارة المهرجان تعمل منذ شهور، وكأن الحدث السينمائي الأكبر في مصر سيتم في موعده الطبيعي، فيما نجح المبرمجون الفنيون في اتاحة الفرصة لعرض 90 فيلمًا من أنحاء العالم، كما حضر أندرو نفسه مهرجان برلين في دورته الـ70، التي انطلقت فعالياته في 20 فبراير الماضي.
في نفس الوقت نسّقت إدارة المهرجان مع وزارة الصحة، لأخذ كافة الاحتياطات الاحترازية الواجبة، من بينها الحرص على وجود الكحول، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، الذي ظهر جليًا داخل القاعات المخصصة لعروض الأفلام، ففي المسرح الكبير الذي يتسع لـ1200 كرسي، قلل العدد إلى 700 فقط، وبين كل كرسي وآخر وُضعت الملصق الخاص بالتباعد الاجتماعي، وعرضت الأفلام داخل 4 قاعات بالأوبرا المصرية بدلًا من خمس في السابق، المسرح الكبير والصغير والهناجر، ومسرح WE الذي شهد حفل الافتتاح والختام.
بسبب كورونا اضطرت العديد من المهرجانات السينمائية في العالم إما الإلغاء أو التأجيل، وكان على رأسها مهرجان كان الذي أقام نسخة مصغرة في نهاية شهر نوفمبر الماضي، بدلًا من موعده المعتاد في شهر مايو، فيما خلا العام من إنتاج الأفلام مما أثّر على صناعة السينما، مع ذلك تمكّن مهرجان القاهرة من عرض العديد من الأفلام التي تلقت اشادات كبيرة، فقد انتهت صناعة تلك الأفلام على الأغلب إما في نهاية العام الماضي أو مطلع الحالي "وغير المهرجانات اللي قدرنا نروحها أو نحضرها افتراضي، فيه صناع أفلام كتير بعتوا لينا أفلامهم لعرضها في المهرجان كعرض أول".
رغم ثِقل ذلك العام إلا أن واحدة من ميزاته كانت "إفساح المجال لمخرجي الأعمال الأولى والتانية في عرض أفلامهم، بسبب صعوبة السنة اللي أدت لعدم وجود أفلام لمخرجين كبار"، يقول أندرو، وكانت تلك الأعمال ناجحة بدليل حصولها على جوائز من مهرجانات دولية، فواحد من الأفلام المعروضة بمهرجان القاهرة، فيلم "nomadland" الحاصل على جائزة الأسد الذهبي بمهرجان البندقية السينمائي، لمخرجته من مواليد 1982 " Chloé Zhao".
قبل إقامة المهرجان تابعت نيفين، مخرجة أفلام، بحكم العادة أخباره، وحتى يومه الأول كانت تُفكّر في عدم حضوره، لكن افتقادها لمناقشات الأفلام هو ما جعلها تُعيد التفكير "الأفلام بقت متاحة أقدر أشوفها أونلاين، لكن أنا روحت عشان فيه أفلام معينة محتاجة اشوف المناقشة حواليها مع صناع السينما"، عبر تلك المناقشات تتعلم نيفين الكثير حول الصناعة، خاصة أنها تُعدّ حاليًا لفيلمها الروائي الطويل الأول.
ومن أكثر المناقشات التي ألهمتها، كانت حول الفيلم الفلسطيني "غزة مونامور" لمخرجيه الأخوين ناصر، الذي يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط، "لمّس عندي، لأن أنا بعاني في الفيلم بتاعي، عشان بعمل فيلم تجاري فلازم يبقى فيه ممثلين نجوم شباك في مصر، عشان يعجب الناس"، في حين جرت مناقشة بعد فيلم غزة مونامور كانت مفادها أن أبطاله الذين أدوا أدوار جيدة ليسوا نجوم شباك "وحد كان بيقولي إن المهم الممثل يبقى لايق على الدور، مفيش أي معيار تاني طالما مش فيلم تجاري".
بجانب اللحظات الثمينة التي عاشها كثير ممن حضروا المهرجان، لكن نظرًا تقليل الكراسي قابلتهم مشكلة نفاذ التذاكر، ومن بين هؤلاء كان أيمن عبد الحميد، مخرج أفلام، إلا أنه قرر تفويت الأزمة بهدوء "بقيت أشوف اللي معاه تذكرة زيادة لأي فيلم وأدخله"، يقول ضاحكًا، يحضر المخرج الشاب المهرجان منذ 2008، ويجده فُرصة مهمة لمقابلة كل من له علاقة بصناعة السينما "المهرجان بيجمع الناس، والمقابلات دي هي اللي بتحط حجر الأساس لمشاريع أفلام في السنين الجاية".
بسبب كورونا أيضًا تم تخفيض عدد أيام المهرجان، فبدلًا من 9 أيام قبل ذلك، صارت أسبوع واحدًا، نظرًا لقلة الأفلام المعروضة أيضًا، فقد عُرض العام الماضي 150 فيلم مقابل 90 فيلم هذه السنة، مع ذلك شعر محمود وأيمن ونيفين بجودة الأفلام التي شاهدوها، "أنا شفت فيلم الافتتاح وبعدها متناقشتش مع حد فيه، كنت خايفة أبوّظ جرعة الجمال اللي أخدتها"، تقول نيفين، فيما رأى محمود أنه كان سيشعر بضيق شديد في حالة ما ألغي المهرجان بسبب الكورونا "كنت مستمتع جدًا باللي شفته والندوات اللي حضرتها"، أما أندرو فقد دار في باله أنه كان ليصبح عامًا أكثر حُزنًا بدون مشاهدة "سينما حلوة" تُعين على التأقلم مع الأزمة العالمية.
فيديو قد يعجبك: