إعلان

٤ أعوام في مواجهة التطرف.. كيف يعمل مرصد الأزهر؟

04:59 م الأحد 01 سبتمبر 2019

كتب ـ محمود عبدالرحمن ومحمود مصطفي:
تصوير- علاء أحمد:
فيديو- أحمد السهيتي:

في صيف عام 2015، بدأ تنظيم "داعش" الإرهابي تكثيف رسائله الدعائية للغرب؛ متوجها إلى هذه الشعوب باللغات الأجنبية التي يتحدثون بها، ومتحدثا باسم الإسلام والمسلمين عبر العديد من المنصات الإعلامية الرقمية "دابق والرومية ودار الإسلام والخلافة" التي يديرها عناصره وتدعو إلى العنف.

ورد الأزهر الشريف بتدشين "مرصد مكافحة التطرف"؛ لرصد ومتابعة ومجابهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي تتبناها الجماعات الإرهابية ومتابعة أحوال المسلمين ونشر صحيح الإسلام ودوره في دعم الإنسانية.

"مصراوي" رصد ماذا حقق المرصد منذ افتتاحه في يونيو 2015، وكيف يعمل من أجل رصد التطرف وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين بـ12 لغة أجنبية، باعتباره "عين الأزهر الناظرة على العالم" كما وصفه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
مرصد الأزهر  (2)

مبني منفصل، يتكون من ثلاثة طوابق، داخل مشيخة الأزهر، بشارع صلاح سالم، بمنطقة الدراسة، يعمل داخله أكثر من 90 باحثا وباحثة من خريجي كليات اللغات والترجمة، وحاملي درجة الماجستير والدكتوراه، ويضم المبني 12 وحدة رصد، كل وحدة تعمل بطريقة غير مركزية وتختص بمتابعة ورصد ما ينشر بإحدى اللغات الأجنبية (الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والأردية، والفارسية، والصينية، والإيطالية، والعبرية، واللغات الأفريقية)، من أجل مخاطبة شعوب وثقافات مختلفة في العديد من دول العالم، وفق ما قال طارق شعبان مدير المرصد.
الصورة الثانية_1

على مكتبها بوحدة رصد ما ينشر باللغة الإنجليزية، تتولى مريم عبدالجواد، الباحثة بالوحدة، متابعة إحدى القنوات الفضائية العالمية التي تبث أخبارها باللغة الإنجليزية. تقول مريم عن طبيعة عملها: "كخطوة أولى، أتابع عددا من وسائل الإعلام بحثًا عن الأخبار التي تتضمن أفكارا تدعو إلى التطرف أو العنف ضد الإسلام أو المسلمين".

بحكم خبرتها، أصبحت مريم تمتلك مهارة تستطيع من خلالها معرفة توجهات ووجهات نظر الكتاب والدول الأوربية عن الإسلام والمسلمين.

تحليل الأخبار التي تتضمن أفكارًا متطرفة، هي الخطوة الثانية التي تقوم بها مريم، فهناك رسائل إعلامية ترى أن "المسلمين منبع للجماعات الإرهابية، ومنهم اللي بيشوف أنه ليس من الصحيح الحكم على الإسلام بأنه منبع للإرهاب، لمجرد وجود قلة من الإرهابين تتحدث باسم الدين الإسلامي".

تنتهي مهمة "مريم" بترجمة وجهات النظر المغلوطة إلى اللغة العربية وتقديمها إلى مشرف الوحدة، والذي يوجهه بدوره إلى لجنة الفتوى المتخصصة التي تضم أساتذة من كبار العلماء للرد عليها.

تتذكر مريم، أهم القضايا التي شغلت الرأي العام الأوروبي في الفترة الأخيرة، "كان في ضجة كبيرة حول عودة مقاتلي داعش".

وفي وحدة اللغات الأفريقية، التي تضم عددا كبيرا من الباحثين لكونها مطالبة بتغطية رقعة جغرافية كبيرة، بجانب الاهتمام البالغ بالدول الأفريقية بعد تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، يقول الدكتور محمد عبدالرحمن باحث بالوحدة: "عددنا كبير علشان زيادة الجماعات التي تبث أفكارًا متطرفة ببعض الدول الأفريقية".

يعمل الدكتور محمد باحث بالوحدة، منذ نشأتها، ومر عليه في هذه الفترة العديد من الاستفسارات والقضايا والظواهر المهمة، ورد المرصد عليها، "في الصومال عندهم فتاوى إن لعب كرم القدم حرام، المتطرفون يدخلون أي نادٍ يدمرونه"، موضحًا أن أكثر الدول الأفريقية التي بها متطرفون هي "الصومال- ونيجيريا- والنيجر"، وذلك بحسب الإحصائيات التي تقوم بها الوحدة من وقت إلى آخر.
الصورة الثالثة

وتعد جماعة بوكو حرام أكثر الجماعات تطرفًا في غرب أفريقيا، وتمنع هذه الجماعة التعامل مع غير المسلمين، وخروج المرأة للتعليم، وتحرم التعليم الأجنبي "كل دي شبهات لازم نرد عليها؛ لأنها تنسب إلى الدين الإسلامي".

منذ نشأته، أطلق المرصد حملات عدة للرد على ادعاءات المتطرفين والشبهات التي يثيرونها، وتعتبر إصدارات المرصد مرجعًا للباحثين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، ومنها "استراتيجية داعش في استقطاب وتجنيد الشباب- وتصاعد حِدة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في أوروبا- والعائدون من داعش- ولماذا تتصدّر بوكو حرام الجماعات الأكثر دموية في العالم؟".

اللغة الأردية من اللغات التي خصص لها المرصد وحدة، يعتمد عليها في رصد كل ما ينشر عن الأفكار المتطرفة وخاصة أن عدة حركات متطرفة تستخدمها مثل حركة طالبان. تقول الدكتورة ريهام عبدالله، مشرفة وحدة اللغة الأردية: المرصد لحظة افتتاحه كان يعمل على سبع لغات فقط، وتم تدعيمه باللغة الأردية لأهميتها ومخاطبتها أكثر من 300 مليون مسلم حول العالم.
الصورة الرابعة_3

وتتلخص مهمة الوحدة بمتابعة كل ما يصدر من الدول الناطقة باللغة الأردية من أفكار تدعو إلى التطرف، وترجمتها إلى اللغة العربية ثم تحويلها إلى لجنة شرعية للرد عليها، ثم تترجم الوحدة الرد إلى اللغة الأردية ونشره لتلك الدول. تقول ريهام: "نحرص على أن تكون الرسالة الموجهة بأسلوب وسطي، بلغة المجتمع المتلقي للرسالة".

في الوقت الذي انشغلت فيه أغلب الوحدات بلغاتها المختلفة في المتابعات اليومية، كانت وحدة رصد اللغة التركية وباحثوها منشغلين برصد الأحداث المتعلقة بالانتهاكات التي تحدث في حق اللاجئين في المناطق التركية، يقول الدكتور حمادة إسماعيل مشرف الوحدة "إحنا شغالين على قضية اللاجئين لكونها أكبر قضية كارثة شهدها التاريخ"، موضحًا أن كل دقيقة في عام 2018 شهدت نزوح 30 ألف شخص بحثا عن الحياة في مكان آخر بخلاف محل إقامته، وأن بين كل 108 أفراد حول العالم هناك لاجئ يبحث عن الحياة، وفقًا لإحصائيات المرصد.
الصورة الخامسة_2

"عملنا العديد من التقارير عن حزب اليمين المتطرف" يستكمل حماد، موضحًا أنها إحدى القضايا التي تهتم الوحدة بمتابعتها وخاصة الهجمات الإعلامية حول العالم، التي تبث الكراهية ضد الدين الإسلامي والمسلمين.

وبلغت التقارير التي رصدها المرصد ما يقرب من 1800 تقرير، تتنوع بين اليومي والأسبوعي والشهري من كل وحدة، بإجمالي 20 ألف تقرير على مستوى جميع الوحدات، وتم نشرها في العديد من دول العالم وعلى موقع الأزهر الإلكتروني، وتعتبر مراجع بحثية للعديد من القضايا.

بداخل قاعة المرصد رقم 2، كان أيمن عطية، مشرف وحدة اللغة العبرية، يتابع عمل الباحثين بالوحدة ومعرفة ما تم رصده من انتهاكات وأفكار متطرفة على مدار اليوم، في ظل تزايد انتهاكات الكيان الصهيوني تجاه دولة فلسطين، يقول أيمن: "الكيان الصهيوني انتهاكاته كتير جدًا سواء للأفراد أو المؤسسات، وفي تقرير بها يقدم مع نهاية كل يوم".

حمل كبير يقع على عاتق وحدة اللغة العبرية، التي تضم 4 باحثين ومشرفًا، يترجمون ما ينشر في إسرائيل، ورصد محاولات التهويد المستمرة "الكيان الصهيوني يغير مسمى شوارع لمسميات يهودية".
الصورة السادسة_5

بالقرب من مشرف الوحدة، كان محمود السيد، الباحث بنفس الوحدة، يتفحص العديد من المواقع الناطقة باللغة العبرية، ورصد أعمال العنف التي تحدث تجاه الفلسطينيين، "بنشتغل على رصد الأفكار المتطرفة والدعوات ضد الإسلام، وأعمال العنف والقمع".

وقال الدكتور طارق شعبان مدير المرصد، إن الباحثين بالمرصد يعملون جاهدين للرد على كل ما يثار حول الإسلام والمسلمين من أفكار متطرفة ورصد الدعوات المتطرفة إلى العنف. كما يعد المرصد مرجعًا في كافة القضايا المختلفة من خلال ما يقدمه من تقارير، مشيرًا إلى أن هناك تعاونًا بين المرصد والمعهد الملكي للدراسات الدينية بالأردن، "مراكز عالمية تريد توقيع برتوكول تعاون مع المرصد".

وعن آلية العمل، يقول شعبان: المرصد يتابع كافة الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل التي تستخدم مصطلحات تدعو إلى التطرف وبث الكراهية تجاه الإسلام، وبعد عملية المتابعة والترجمة إلى اللغة العربية تعرض على لجنة متخصصة من كبار العلماء لإعطاء التشريع فيها ثم ترجمتها مرة أخرى إلى لغة الدولة التي نشرت فيها والرد عليها بأسلوب يتناسب مع المتلقي لهذه الرسالة؛ لأن المتلقي يختلف من دولة إلى أخرى فلا بد من تطويع الرد لكى يتناسب معه".

الصورة السابعة_4

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان