إعلان

"عنصرية قطر" بين تقاليد العرب المسلمين ودعم مجتمع الميم

أحمد الشيخ

"عنصرية قطر" بين تقاليد العرب المسلمين ودعم مجتمع الميم

أحمد الشيخ *
07:20 م الإثنين 05 ديسمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"إن لم تتقبل توجهاتي الجنسية فأنت عنصري ورجعي".. هكذا كان لسان حال بعض الأوروبيين الذين انتقدوا قرار دولة قطر في حظر رفع رايات العابرين جنسيًا سواء في الملاعب أو خارجها، حتى إن بعض المنتخبات الأوروبية المشاركة في مونديال قطر 2022 حمل بعض من قادة منتخباتها على يده شارة كُتب عليها "لا للعنصرية". ومنتخب آخر وضع لاعبوه أياديهم على أفواههم في إشارة لتكميم أفواههم عن التعبير.

ما الشجاعة في هذا؟

أنت تريد من الآخرين قبول معتقداتك، ولكنك تريد تدمير إيمان شخص ما. وكأن الغرب الذي يتغنى بتقبل الآخر ونشر وتقبل ثقافة الاختلاف، فقط عندما تختلف معه فأنت رجعي متخلف وعنصري، لكن على ما يبدو أن هذا المنطق ليس بغريب على دول عظمى تاريخها استعماري.

أما المواطن العربي فلم يستوعب بعد مدى الإصرار الأوروبي الغريب على إقحام قضية العابرين جنسيًا في منافسات كأس العالم المقامة حاليا في قطر، سواء من اللاعبين أو المسؤولين الأوروبيين

لكن البعض يتساءل: هل السبب هو أن دولة عربية اسمها "قطر" استطاعت تنظيم كأس العالم بشكل أبهر كثيرين، أم هو شعور المسؤولين الأوروبيين بالتفوق والاستعلاء على دول العالم الثالث "كما صنفونا من قبل". هل السبب هو بالفعل دفاع أوروبا عن حقوق الأقليات الجنسية، في حين أن ربع المنتخبات الأوروبية المشاركة في كأس العالم تجرم المثلية الجنسية، ولم ينالوا كل هذا السخط الموجه اتجاه العرب والمسلمين. وما دخل كرة القدم بهذا كله!!

هذا العالم يا صديقي "نعم صديقي" فأنا أختلف معك لكني لا أكرهك.

هذا العالم ملك لنا جميعًا، لذا لا تجبرني على قبول ثقافتك ولن أجبرك على قبول ثقافتي.

علموا أطفالكم معتقداتكم، وسأعلم أطفالي معتقداتي.. الحياة بسيطة.

ومثلما وجّه المواطن الأوروبي نقده واستخفافه بالمواطن العربي وتقاليده وتعاليم دينه، تساءل أيضًا المواطن العربي، ألم يقرر الأوروبيون أن لا سياسة في كرة القدم!! ألا تضامن أو رفض لأحد خارج ميدان الدائرة المستديرة! فلماذا إذًا نرى شارات ورايات التضامن مع أوكرانيا في حربها مع روسيا؟ لماذا عندما يتضامن اللاعبون مع الأقليات المضطهدة، سواءً في فلسطين أو الإيغور تقوم قيامة هؤلاء اللاعبين. لماذا عندما خلع لاعب منتخب سويسرا ذو الأصول الألبانية "غرانيت تشاكا" قميصه، وظهر اسم "جاشاري" أحد رموز المقاومة التاريخيين في ألبانيا خلال الحرب مع صربيا، فتحت الفيفا تحقيقًا بدعوي "التسيس".

و"مسعود أوزيل" أيضًا لاعب منتخب ألمانيا السابق ليس ببعيد. فعندما تضامن مع "مسلمي الإيغور" المضطهدين من قبل الحكومة الصينية، قاد الإعلام الأوروبي حملة ممنهجة، كانت نهايتها إجباره على إعلان اعتزاله دوليًا، ولم يتجرأ أحد حينها سواء من زملائه أو إدارة اتحاد المنتخب الألماني على التضامن معه.

وكذلك "محمد النني" لاعب منتخب مصر ونادي الأرسنال الإنجليزي. هو الآخر عندما تضامن مع الشعب الفلسطيني إبان "أحداث الشيخ جراح والحرب على غزة"، واجه العنصرية تارةً من الجماهير الإنجليزية وعلى رأسهم رابطة مشجعي الدوري الإنجليزي، وتارةً أخري من ناديه الذي تبرأ من موقفه في بيان رسمي.

على أرضهم وبين جماهيرهم

لماذا إذًا تضطهدون اللاعبين أصحاب البشرة السوداء، فعلى أرضهم وبين جماهيرهم، تعرض لاعبو منتخب إنجلترا "ماركوس راشفورد" و "جادون سانشو" لهتافات عنصرية بسبب إهدارهما الضربات الترجيحية أمام منتخب إيطاليا في بطولة أمم أوروبا. ولم نر قرارا واحدا رادعا تجاه الجماهير الإنجليزية.

و"صامويل إيتوا" ابن القارة السمراء، الذي لم يسلم في مباريات عدة من سبّه للونه تارة، وتارةً أخرى يلقون عليه الموز والسوداني إشارة لتشبيهه بالقردة. ليتساءل البعض الآن:

أين التضامن وأين القرارات الرادعة لكل تلك الأفعال العنصرية!؟

الازدواجية الاستعلائية.. فرنسا مثالً

وبما أن التضامن مع قضية "العابرين جنسيًا" هي قضية إنسانية ثقافية، وتفرض الآن في ميادين كرة القدم، فبنفس المبدأ؛ تفرض كثير من دول الغرب وعلى رأسهم فرنسا ما يسمي بـ "القيم الجمهورية أو اللائكية" في حين أنها تجربة خاصة بفرنسا، ولا توجد دولة أوروبية تشاركها في هذا الأمر، إلا أنها تفرضها على الجميع. فمثلًا ممنوع على النساء أن يظهرن في أي صور شخصية حكومية بحجابهن. أئمة المساجد مطالبون بتغيير الشريعة الإسلامية لتنسجم مع القيم الجمهورية لفرنسا، حتى وإن كان هذا التغيير يخالف صحيح الدين نفسه. انتقاد الرسل والمقدسات الدينية مسموح بدعوى "حرية الرأي والتعبير". هنا يتحدثون عن مفهوم الاندماج الثقافي ولا يتحدثون عن "التعددية الثقافية". فأين حرية هذه الأقليات!! لماذا إذًا يطالبون الآن بتفصيل هوية العرب على مقاس رغبات الأوروبيين. ما المشكلة الكبرى في أن تحترم هويتي!! لماذا هذه الازدواجية الاستعلائية.

ولايزال السؤال على الطاولة!!

متى سيشعر المواطن الأوروبي أن معه شركاء في هذا العالم، لديهم تقاليدهم وهويتهم المتمسكين بهما، واحترام هذا وذاك ليس منّة من أحد، بل هو حق إنساني نصت عليه قوانينهم هم. فالقانون الدولي يعطي الحق للشعوب في تقرير مصيرها الثقافي والسياسي. فلم الإجبار على الدمج مع ثقافات الغير وليس التنوع وتقبل الآخر!!

متى سيتخلى المواطن الأبيض الأوروبي عن استحقاقيته في امتلاك العالم!!

الإجابة ليست لدينا كشعوبٍ عربية، فمن أتانا ضيفًا حملناه على رؤوسنا... هذه عادتنا وتقاليدنا.

إعلان