إعلان

 الرئيس وأسرع طريق لضرب العقارب

د. سامي عبد العزيز

الرئيس وأسرع طريق لضرب العقارب

د.سامي عبد العزيز
07:44 م السبت 26 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لعل المتتبع ما بدأ يحدث فى مصر من إصلاح على كل المستويات، ورغم أن لهذا الإصلاح فاتورة اقتصادية واجتماعية يمكن أن يتوصل إلى الخلاصات التالية:
أولاً: حينما خاطب الرئيس السيسى الرأى العام من أول يوم تجده حرفياً استخدم المعانى التالية.. لن أخدع الناس.. نعم مصر دخلت إلى حافة الإفلاس.. مصر محاصرة من كل الاتجاهات.. بالإصلاح الجريء فقط نحل مشاكلنا ولا نمد أيدينا.. حدودنا مهددة بمخاطر لم يسبق لها مثيل فى تاريخها.. التعدى على أملاك الدولة فاق الحدود.. المواجهة على كل المستويات وعدم التغافل عن فساد أو تعدٍ مسئولية الجميع.
هذه عينة من أقوال الرئيس السيسى، أعتقد أنها لغة غير مسبوقة ولا تأتى على لسان أى مسئول آخر وإن جاءت فهى تأتي بعد أن يقولها الرئيس.. هذه العينة تحمل معنى واحدا هو التصارح حتى لو كان جارحاً وكاشفاً واقعا أليما نتيجة تراكمات زادت، ولكنها وصلت ذروتها منذ عام 2011 وكادت تسقط الدولة وحدها، فما بالك والمؤامرات الخارجية كلياً والمدعومة من الداخل جزئياً؟
نعم التصارح .. أى أن الرجل نظر فى المرآة وقال ما شاهده، وما كشفه ودعا لتغييره.. إذن الرئيس ومعه رجال مسئولون وضعوا الأساس المتين لأى توافق.. التوافق على أن تحقيق أي تطور أو تنمية هو مسئولية الجميع حكومة قبل الشعب.. والشعب قبل الحكومة ومواجهة أى أزمة هى مسئولية الأمة كلها مهما عانينا ولو فترة.

ثانياً : حينما تأتى المبادرة للإصلاح الجاد مدعومة بأدلة عملية وحقائق لا زيف فيها ، وبالصورة والصوت- وإن كانت تتطلب قرارات قد تصطدم بميراث ومفاهيم وممارسات سلبية وغير مسئولة- فإن الإصرار على مواصلة المكاشفة وتفعيل القانون بعدالة وتعقل يقلل من الصدمات والمصادمات تدرجياً.
هذا الأمر تمثل فى آخر وأكبر قضية فساد وتعدٍ فى مصر.. وهي مخالفات البناء دون تراخيص وتعلية دون ضمير، وتصحير أراضٍ زراعية وتحويلها إلى خرسانة وجبس.. فماذا حدث؟

يعلن رئيس الدولة أن لا هدم لبيت به سكان.. ثم تتوالى رسائل توضح محاولة العدالة فى التصالح بتيسيرات، ومراعاة لطبيعة كل مخالفة وظروف كل منطقة أو وسط اجتماعى.. فنجد الناس قد اتجهت إلى الطرق المشروعة للتصالح بأرقام قياسية فى زمن قياسي، لا أعتقد أن مصر شهدت مثله.. وتتقارب المسافات وتُبني جسور الثقة فتمد الحكومة مهلة التقدم بطلبات التصالح.. وبداخلي يقين أن الدولة سوف تفكر فى تيسيرات أكثر وأكثر.

ثالثاً: لا شك أن بعض وسائل الإعلام المصرى من برامج أو مقالات أمينة وصادقة ضغطت لصالح الرأى العام؛ ما زاد من التقارب بين المحافظين والمسئولين، والمواطن المصرى مما قلل من مساحة القلق وزاد من مساحة الحوار والتصالح والتسامح بين أجنحة الدولة وأهمها جناح الرأي العام الذي ينبغي أن يكون هو السيد.

رابعاً: لقد تعلمنا جميعاً من هذه التجربة دروسا كبيرة وعديدة أهمها أن أفضل خطوات ضمان استقبال الرأي العام لأية قرارات مهما كانت صعوبتها هو التمهيد الإعلامي والمصارحة المصحوبة بأرقام وحقائق.. يليه توضيح ومناقشة عوائد هذه القرارات على المواطن حتى لا نترك للجهات المعادية تفسير الأمر على هواها المغرض.. ثم الاستمرارية فى الحوار من أجل مزيد من التقارب لضرب الثعابين والعقارب.

أقول هذا وفى ذاكراتى تجربة أصعب قرار فى تاريخ مصر.. وهو تحرير سعر الصرف.. رئيس صارح.. وبنك مركزى بتيسيرات وتصالح.. فتحقق التسامح.. فتعبر مصر إلى بر الأمان.. وتواصل صمودها.. إنه التسويق المسبق والمواكب واللاحق والمتواصل.

إعلان