إعلان

"يمن" ما بعد عبدالله صالح.. أكثر عنفًا

"يمن" ما بعد عبدالله صالح.. أكثر عنفًا

محمد جمعة
09:00 م الثلاثاء 05 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بمقتل الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، على يد مليشيات الحوثي انتهى فصل رئيس من تاريخ اليمن، لعب فيه "صالح" دور الرجل الأول منذ العام 1979 وحتى العام 2012. ثم ظل بعدها- ربما حتى ما قبل مقتله بقليل- رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والأمنية في اليمن.

الآن بمقتله يبدأ- على الأرجح- فصل يمنى جديد أكثر عنفًا ودموية، خاصة أن مشهد القتل ذاته كان مصحوبًا بالرغبة من قبل الحوثي في استعراض القوة، تمثل ذلك في بعض الإعدامات الميدانية للعناصر المناوئة لهم، وتفجير منزل على عبدالله صالح نفسه، وبالتالي تصفية بعض أقاربه، وأيضا تفجير منازل بعض شيوخ القبائل من أولئك الذين أظهروا التأييد للرئيس السابق.

· الملابسات المحيطة بأحداث الأيام القليلة الماضية في اليمن، تشير بوضوح إلى أن موت صالح جاء نتيجة سوء تقدير خطير من جانبه.

ويبدو أنه كان يراهن (مثلما فعل خلال صراعات داخلية عديدة على امتداد أربعين عامًا مضت) على أنه سينجح في النهاية في حشد دعم قبلي قوي ضد الحوثيين، بعد إعلانه- في الثاني من ديسمبر الجاري- رغبته في مفارقة التحالف معهم.

لكن تبين فيما بعد أن القبائل السبعة الرئيسية حول صنعاء (بني حشيش، وبلاد الروس، وسنحان، وبني مطر، والحيمة، وبني الحارث، وهمدان) لم تكن راغبة في الاصطفاف مباشرة وبقوة مع عبدالله صالح. بالأحرى وقفت القبائل لتشاهد وتنتظر كي ترى لأي من الطرفين ستكون الغلبة قبل أن تقرر مصائرها.

*الآن أحد التساؤلات الكبرى في اليمن يتمثل في: إلى أين ستتجه القوى العديدة الفاعلة هناك؟

هنا يمكن الإشارة إلى ما يلي:

أولا: العناصر التي استجابت لنداءات "عبدالله صالح" وقاتلت معه حتى النهاية (لم تتجاوز أعدادها 800 رجل) ربما يختبئ بعضها هربًا من الحوثي وأتباعه، الذين أظهروا الرغبة في استعراض القوة من خلال سفك المزيد من الدماء. فيما سينشق الآخرون في محاولة للانضمام لـ "قوى الشرعية" وقوات التحالف العربي، مصداقًا لما قال "صالح" إنه ينوي فعله.

ثانيا: القبائل التي استنكفت عن توفير ظهير للرئيس السابق المقتول، وحزبه المؤتمر الشعبي العام، فالأرجح أنها لن تتجه أيضا نحو تملق الحوثيين، وذلك بالنظر إلى إصرار العديد من تلك القبائل على البقاء على الحياد (خلال السنوات القليلة الأخيرة) إزاء التحالف الهش بين صالح والحوثيين.

والأكثر من ذلك، أن التوسع في استخدام القوة من قبل مليشيات الحوثي، ربما ستتولد عنه ردود أفعال مضادة، بغرض الثأر والانتقام.

ثالثا: يجب أيضا مراقبة قوى الحراك الجنوبي الذي يرغب في الانفصال عن اليمن الشمالي.

تقليديا، قادة هذا الحراك يبدون موقفًا عدائيًا تجاه كل من جماعتي صالح والحوثي، وحشدوا المزيد والمزيد من الدعم المحلي في جنوب اليمن، وبإمكانهم محاولة الاستفادة من الفراغ الحالي في القوة والتقدم على مسار تحقيق أهدافهم.

رابعا: في أعقاب موت صالح، ربما تواجه العاصمة صنعاء جولة أخرى من القتال الكثيف، خاصة أن التحالف العربي في اليمن ينوي الآن العمل بشكل أقوى من أي مرحلة سابقة، لاستعادة المدينة من الحوثيين.

وسيشمل هذا تعزيزات عسكرية، إلى جانب مغازلة القبائل المحيطة لحشد دعمها، ربما عبر توظيف نفوذ نائب الرئيس اليمني "علي محسن الأحمر"، المتحالف مع السعودية، وبما له من صلات مع قبائل اليمن الشمالية.

لقد منح تحول صالح بعيدًا عن جماعة الحوثي التحالف العربي أداة قوية ليستخدمها ضد الحوثيين. ولكن كما حصل التحالف على هذه الأداة سريعًا، فقدها سريعا أيضًا.

عند هذه النقطة، يصارع "التحالف العربي" بالتأكيد لوضع خياراته لإدارة الصراع في مواجهة النفوذ الإيراني هناك.

لهذا يبدو أن اليمن بدأ، الآن، فصلًا جديدًا، والأرجح أنه سيكون فصلًا أكثر دموية وعنفًا!!

 

إعلان

إعلان

إعلان