إعلان

وجهة نظر: الرئيس وزيارة المانيا

لواء دكتور محسن الفحام

وجهة نظر: الرئيس وزيارة المانيا

11:57 ص السبت 23 مايو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – لواء دكتور محسن الفحام:

لم تتعرض أي زيارة خارجية قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المسئولية لهذا الكم الكبير من الاعتراضات و التحفظات و التخوفات مثلما حظيت به تلك الزيارة المرتقبة لسيادته إلي المانيا و المقرر لها حتي الان يومي 3 ، 4 من شهر يونيو القادم .. و قد جاء ذلك في اعقاب تصريحات السفير الالماني بالقاهرة والذي يرى انه ليس منطقياً ان تنسب جميع الاعمال الإرهابية التي تحدث في البلاد إلي جماعة الاخوان المسلمين، كما ان هناك احكاماً بالإعدام صدرت لأعداد كبيرة من المعارضة مؤخراً في إشارة منه إلي عدم مراعاة حقوق الانسان و الأعراف الدولية في التعامل مع معارضي الانظمة الحاكمة في الدول الديمقراطية .. كذلك جاءت تصريحات الالماني نوربرت لامرت رئيس مجلس النواب الالماني و التي اشار فيها إلي انه يرى ان ما حدث في مصر في 30 يونيو 2013 يعتبر انقلاباً على الشرعية المتمثلة في حكم الاخوان و انه لا يتخيل ان يتم اعدام رئيس البرلمان المصري المنتخب من قبل غالبية الشعب في إشارة منه إلي الاخواني / سعد الكتاتني وان احكام الاعدام لابد من إلغائها بصفة عامة .

و كالعادة انبرت جحافل الإعلام غير المدروس إلى المطالبة بإلغاء الزيارة والرد بكل قوة و عنف علي تلك التصريحات.. ونحمد الله انها لم تطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المانيا .

وقد دفعني ذلك إلى اجراء بعض الاتصالات مع الاصدقاء المصريين الذين يعملون في مواقع متميزة في المانيا وأحدهم من الشباب المصري الناجح ويعمل أستاذ إدارة المؤسسات الاعلامية والقانون الاعلامي بكلية الاعلام في ميونخ وهو علم جديد من علوم الاعلام التي تم إدخالها مؤخراً في المانيا وتخصص فيها هذا الشاب المصري الواعد و اصبح استاذاً لها هناك.. للوقوف على الاجواء السابقة على تلك الزيارة من ارض الواقع و الذي افادني ببعض المعلومات رأيت ان اطرحها اليوم لعلها تعطي اتجاهاً و مؤشراً يؤخذ به خلال تلك الزيارة:

1-ان المانيا بصفة عامة تتحكم فيها لغة الاقتصاد والارقام وهي ترى ان السوق المصري سوقاً واعداً في مجال الاستثمار والصناعات المختلفة وانها لابد ان يكون لها نصيباً فيه والدليل على ذلك تلك الاتفاقيات التي ابرمتها بعض الشركات الالمانية في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مؤخراً في شرم الشيخ.. إلا انها تطمع في زيادة هذا التعاون باعتبارها القوة الاقتصادية الاولى في اوروبا ومن هنا فإن الطابع الاقتصادي سيكون هو الغالب على تلك الزيارة وهو ما المحت إليه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل من خلال تمسكها باتمامها ونجاحها دون التطرق على قدر المستطاع للجوانب السياسية للعلاقة بين البلدين.

2- ان نفوذ جماعة الاخوان المسلمين في المانيا يعتبر من اكثر القوى المؤثرة على الحياة السياسية والامنية وايضاً الاقتصادية حيث يمتد تواجد الجماعة هناك منذ ثورة 23 يوليو 1952 عندما هرب اعداداً كبيرة من قيادات الجماعة إلي المانيا و كونوا مشاريع و مؤسسات اقتصادية كبيرة هناك كما قامت ببناء أضخم مركز إسلامي في ميونخ عام 1974 وهو الاكبر على مستوى دول العالم وله فروع في اكثر من 30 ولاية المانية ويسيطر على اكثر من 500 مسجد ويضم 19 نادياً اجتماعياً وثقافياً و تسيطر عليه الجماعة تماماً وكان من بين من تولى رئاسته الاخواني محمد مهدي عاكف المرشد السابق للجماعة.. وللإخوان في المانيا نفوذاً اقتصادياً ملموساً يؤثر من خلاله احياناً علي اتخاذ بعض القرارات السياسية التي تتعلق بقوانين الهجرة والجنسية والاقامة والاستثمارات.. إلخ. ناهيك عن ان المانيا حتي الأن لا تعتبر جماعة الاخوان جماعة إرهابية بل هي جماعة دينية وسطية من وجهة نظرهم تتعرض لعمليات قمع و عنف في مصر وقد نجح الاخوان منذ عدة عقود في تصدير وتثبيت هذا الاعتقاد لديها.

3- ان عدد المسلمين الاجانب في المانيا تعدي الخمس ملايين نسمة معظمهم من الاتراك و يتمركزون في برلين و ميونخ ولهم ارتباط بشكل او بأخر مع جماعة الاخوان هناك ومع نظام الحكم القائم حالياً في تركيا... حتى ان العديد من المحلات والمطاعم التي يمتلكونها هناك تضع على واجهاتها علامة رابعة حتي الأن. وقد نجح الاخوان في اقناع الالمان ان لديهم القدرة والسيطرة على جميع الهيئات والتنظيمات الاسلامية في المانيا واوروبا بالكامل نتيجة سيطرتهم على بعض القنوات الاعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية من خلال استخدام لغة المانية سليمة تخاطب الفكر الالماني بما يروق له ويقتنع به .

4-ان هناك دعماً مالياً قطرياً كبيراً تم ضخه مؤخراً إلي التيارات الاسلامية بصفة عامة والاخوان بصفة خاصة للتأثير على زيارة الرئيس لألمانيا من خلال تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات والمظاهرات واستخدام اجهزة الاعلام لنقل صورة سلبية عن الاوضاع في البلاد، الامر الذي جعل الشارع الالماني يتحدث بشكل لافت عن محاكمات الاخوان الاخيرة و الإحكام التي صدرت بشأنهم و كأن الامر يخص المانيا في المقام الأول. وان تلك المظاهرات سوف يندس فيها الاتراك بأعداد كبيرة على اعتبار انهم مصريون مضطهدون وهاربون من تعسف الحكم والنظام في مصر وذلك لإعطاء انطباع بكثرة المشاركين فيه والرافضين لنظام الحكم في البلاد .

ويري هذا الشاب الوطني الشريف ضرورة ان يكون هناك تحركاً إيجابياً وموضوعياً خلال الفترة القصيرة القادمة التي سوف تسبق الزيارة تتمثل في القيام بحملة إعلانية وإعلامية مكثفة من خلال تأجير ساعات ومساحات في القنوات الفضائية الالمانية المؤثرة يتم فيها تناول اوضاع البلاد في عهد الاخوان وما تعرض له الوطن خلالها وان يقوم بذلك خبراء متخصصون يجيدون التحدث باللغة الالمانية.. ولا مانع من الاستعانة بإحدى الشركات الدولية المتخصصة في هذا الشأن وذلك لمواجهة تلك الحملات التي يقوم بها الاخوان حالياً هناك .

كما يرى ان ما قام به بعض رجال الاعمال والفنانين خلال زيارة الرئيس لأمريكا لن يحقق نتائج ملموسة إذا تم تكراره في المانيا نظراً لسيطرة الاخوان والاتراك على الجاليات العربية هناك وبالتالي فانه يجب البحث عن اسلوب جديد لإنجاح تلك الزيارة بالتنسيق مع السفارة المصرية هناك والتي تبذل جهوداً خارقة في هذا الصدد.. كما طرح ايضاً رؤية استراتيجية إعلامية دولية لمواجهة ما تتعرض له مصر من مؤامرات خارجية تهدف إلي تقويض مسيرتها إلي المستقبل الذي ينتظرها.. وسوف نقوم بعرض تلك الرؤية لاحقاً بإذن الله.. وتحيا مصر.

 

 

إعلان

إعلان

إعلان