إعلان

نوفمبر2011.. ما قبل الدم.. وما بعد الدم

نوفمبر2011.. ما قبل الدم.. وما بعد الدم

02:07 ص الإثنين 12 نوفمبر 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - أحمد سمير:

17نوفمبر.. عندما تألق توفيق الدقن في دور والي عكا (1)
 
مكتب رئيس التحرير..
 
يجلس ووراءه معرض صور.. صورة له وهو يهتف بجدية في مظاهرة أمام نقابة الصحفيين.. وأخرى وهو يبتسم لزملائه خلال تقدمه للمحاكمة لمهاجمته الرئيس السابق.. وفي الجوار صورة ثالثة لحسن نصرالله ورابعة لجيفارا..
 
صور معبرة تليق برئيس تحرير ثوري
 
غدا مليونية 18 نوفمبر.. يصله خبر كتبه زميل لنا رائع ومحترم عن مشاركة الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل وائتلاف شباب الثورة مع الإخوان والسلفيين في مليونية تدعو لتحديد موعد نقل السلطة للمدنيين ورفض وثيقة السلمي.
 
يبتسم رئيس التحرير السمين ثم يقرر تأدية «دوره الوطني»..
 
يتصل بعضو ائتلاف شباب الثورة يعمل لديه في الجريدة ويسأل عن موقف الائتلاف.. تأتي الإجابه أنهم سيشاركون فيتكلم رئيس التحرير طويلا مع مرؤوسه عضو الائتلاف عن الثورة التى يُتلاعب بها لتحقيق أهداف القوى الدينية.
 
المهم.. ينشر الخبر أنها جمعة قندهار الثانية وأن أحدا لن يشارك الإسلاميين جمعتهم ولا حتى ائتلاف الثورة نفسه.
 
هو رئيس تحرير ثوري جدا لكنه ــ فقط ــ يدرك خطر الإسلاميين.
 
يخبرنا زميلنا الصحفى المحترم بما حدث بأسى فأقول لأحد أصدقائي: منذ اعتصام يوليو ومليونياتنا لم تكتمل، والعسكر قتلوا منا العشرات في ماسبيرو، بينما مثقفونا يعتبرون العسكر الحليف.
 
 يفاجئني بدفاع مستميت عن رئيس التحرير قبل أن يلمح أننى أتعمد تشويه «رموز القوى الوطنية» لأمهد الطريق أمام من يعتبرهم «فريقي السياسي» للانفراد بالسلطة.
 
أشيح بيدى في وجهه بما معناه «امك عارفة إنك أهبل»، فيفحمني ببيان للسادة في الجمعية الوطنية للتغيير قائلا:
 
ــ اتكلم عن الجمعية الوطنية كمان.
 
تقول الجمعية ببيانها: «تيارات سياسية تستغل ميدان التحرير دون داع حقيقى.. للتشويش المتعمد، وإثارة اللغط المضلل والتهديد بأعمال شغب وعنف، وتحريض الجماهير على التصدي لـ(المبادرة الحكومية)».
 
قال لك: التصدي للمبادرة الحكومية..
 
آه وربنا.. وثيقة تعطى العسكر سيطرة أبدية اسمها مبادرة حكومية.
 
ــ إثارة وشغب وعنف.. واضح أنه بلاغ أمنى عظيم.
 
ينتفض صديقي معتبرا أنها إهانة لرموز «الدولة المدنية» مؤكدا أننى غبي مثالي أتصور أننا يجب أن نساند من يسرقون الثورة..
 
آخر ما أذكره عن صديقى في ذلك العهد السحيق حين كانت السيارات تسير بشارع محمد محمود دون أن يكون أسفل إطاراتها بقع دماء، أنه اقترب منى وقال:
 
ــ يجب أن نكون أذكياء.
 
اعتقد أنه أصبح ذكيا.. لكنه لم يعد صديقي.
 
 
 
19 نوفمبر.. التفوق على والي عكا(2)
 
في العاشرة صباحا فض الأمن اعتصام العشرات من مصابي الثورة في التحرير.
 
الاحزاب المدنية والاخوان كانوا وقعوا مع عنان وثيقة تقضي باستمرار حكم العسكر حتى الانتهاء من الدستور في 2013 وربما أبعد.. والآن العسكر يفضون اعتصاماتنا بالقوة فماذا بقى لنقول إنهم سيحكمونا بالقهر إلى الأبد؟..
 
نزلت لأشارك.. وبينما أقف وسط دماء تسيل وعيون تفقأ وشهداء يتساقطون طالب المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان بتوحد الشعب لمنع تأخير الانتخابات.
 
التفت إلى صديقي عضو الإخوان مرددًا بذهول:
 
ــ انتخابات.
 
بدا صديقي الذي كان يتصدر الصفوف مستاء من بيان جماعته، ولكن المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين عاجله بتصريحآخرأكد خلاله أن شباب الإخوان لا يشارك منهم أحد في محمد محمود.
 
اتهمه من حولي بالخيانة فرد بعصبية: شبابنا يشارك ولسنا تنظيما عسكريا لنتحرك بجهاز التحكم عن بعد.
 
ادعمه واسأله بجدية: أليس في الجماعة رجل ينصر المظلوم؟..
 
ظهر الرجل.. وشارك البلتاجى.
 
ولكن المتحدث باسم الجماعة أعلن أن البلتاجي نزل للميدان بعد استئذان مسؤوليه وكلَّ فرد في الإخوان يشارك في المظاهرات إما بتكليف أو استئذان من مسؤوليه.
 
أقول لصديقي:
 
ــ   في الحديث «مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ».. هل نصرة المظلوم والتصدي لحاكم ظالم تستوجب تكليفًا.
 
لم يرد صديقي.. وغاب طويلا ليعود أقل حماسة للمشاركة في المظاهرت مرددا عبارات مثل الإخوة الكبار يعلمون ما لا تعلم..أنت لا تدرك حجم الكراهية للمشروع الإسلامي.. والمؤامرة الأمريكية الإسرائيلية تنصب فخا للإخوان.. وحدنا نفهم الإسلام بشموليته وأمامنا فرصة لم تحدث منذ 83 عاما.
 
فيما بعد وخلال أحداث مجلس الوزراء تطور موقف صديقى إلى تأييد بيان الحرية والعدالة الذي يحذر من «مثيري الفوضى».
 
لكن ذلك لا يعنى أنه لا علاقة لهم بالدم..
 
بعدها بشهرين اقترح المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان منح المجلس العسكري حصانة ضد المساءلة عن أحداث محمد محمود.
 
لا تشارك.. امنع أعضاءك.. هاجم الفوضوية.. فاوض على دماء من لم تنزل معهم أصلا.. وعندما تحكم لا تحاسب القاتل.
 
والى عكا كان شخصا جيدا بالمقارنة بك يا صديقي..
 
الدم أسقط حكم العسكر.. أما صديقى الذي تعرفت عليه عام 1995 فلم أعد أشارك معه ثانية في الأعمال الدعوية أو الخيرية.
 
لم يعد صديقي.. هو يجلس مع إخوانه ويحبون بعضهم وحدهم في الله في المقرأة.. وأصبح يدعو لى بالهداية كلما رآنى وأنظر له برثاء كلما رأيته.
 
خسرت اثنين كنت أتصورهما أقرب أصدقائي بعد نوفمبر2011.. ولكني كسبت ابتسامتى بطمأنينة حينما أتذكر من كانوا بجوارى كلما مررت بمحمد محمود.

إعلان