إعلان

«شحاتة العرابي».. حكاية 35 عاما مع ميكروفون إذاعة القرآن الكريم (حوار)

11:06 م الجمعة 24 فبراير 2023

كتب- عبدالله عويس:

«الآن أترككم» قالها شحاتة العرابي ومضى. وما بين الكلمتين زمن وانتهاؤه، بدأ في عام 1986، واستمر حتى 2023، كان صوته المميز، يصل إلى بيوت المصريين وشوارعهم وميادنيهم وربما قلوبهم، تاركا ذكريات «مواقف إسلامية» ومودعا زهر بساتين «حدائق الإيمان» ببلوغه سن المعاش. يتلو إبراهيم الشعشاعي «ودانية عليهم ظلالها»، ثم يعقبه صوت العرابي، وهو يمهد للبرنامج الإذاعي الشهير، في إذاعة القرآن الكريم بصوته المميز، لكنه يترك ذلك كله بعد 35 عاما.

كان شحاتة وهو في المرحلة الإعدادية، يقرأ كتب أخويه، أحمد ومحمد عرابي، المتعلقة باللغة العربية والشعر. وقع حينها في محبة اللغة العربية، لكنه لم يتوقع أن علاقته باللغة ستأخذ بعدا أكبر من ذلك، لكنها كانت نواة لقراءة متوسعة في اللغة وعلومها.

في مرحلة الثانوية، كان الطالب شحاتة العرابي، يقدم الإذاعة المدرسية رفقة بعض زملائه، كان صوته يجذب المدرسين، لكنه وبعد حصوله على الشهادة، اتجه إلى «إبراهيم محمد» مدرس التاريخ، بحسب حديثه لـ«مصراوي»، ليشكره على سعة صدره واهتمامه بتدريس التاريخ لطلابه بشكل مميز، قال له المعلم إن «صوتك مميز يشبه الإذاعي أحمد سمير» فكانت تلك النبوءة الأولى، التي تحققت بعد أعوام.

ظلت عبارة مدرس التاريخ في ذهن الشاب الجامعي، لكن تخرجه في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وعمله في التصحيح والمراجعة في مؤسسات صحفية ثم التصحيح الإذاعي، أنسته نبوءة مدرس التاريخ. لكن عمه محمد زكي العرابي، الذي كان يعمل بأحد البنوك أعاد تجديد تلك النبوءة، أو مسح التراب من عليها، فقدم له بنفسه في اختبارات الإذاعة، وتصور شحاتة أنه سيعمل في البرنامج العام أو صوت العرب، لا إذاعة القرآن الكريم.

«كنت أحفظ خمسة أجزاء فقط من القرآن الكريم، وهناك مهابة كبيرة تجاه قراءة الحديث والآيات القرآنية، فلا مجال للخطأ» يحكي شحاتة. بدأ الرجل عمله في مشاركة ببرامج يقدمها مع مذيعين آخرين، كان أولها «مجلة الفكر الإسلامي»، يقرأ افتتاحية العدد، ويرد على أصدقاء العدد، ويجهز موادا لها. ثم برنامج «مع الكتابات الإسلامية في صحافة اليوم» والذي تغير اسمه الآن، وكان شكل البرنامج وقتها مختلفا عن الآن. ثم برامج أخرى مثل «الموسوعة الإسلامية، ونساء مؤمنات، الرسول زوجا وأبا، وبستان الأسرة» ويتذكر العرابي حين كان يقوم بتصويب بعض الأمور لمن هو أقدم منه لغويا، ويعتبر الأمر لا خجل فيه، طالما أن المنتج النهائي سيصدر بأفضل شكل.

استقل شحاتة العرابي بعد ذلك ببرامج، كانت بدايتها من «الإدارة في الإسلام، وأخلاقيات العمل في الإسلام»، ووصل به الحال لمشاركته في خمسة برامج في عام واحد، وامتد عمره مع اثنين منهما لـ25 عاما «مواقف إسلامية» و«قطوف من حدائق الإيمان». ويعتبر الإذاعي الكبير أن واحدة من أجمل اللحظات التي مرت عليه، حين يستوقفه أطفال ويخبرونه بأنهم استمعوا لبرنامجه، ويتذكرون منه عبارات معينة: «لدي رسالة أود أن أقدمها، فلا يهمني هل أرضى عملي فلانا أو فلان، لكن هل وصل العمل لتحقيق غايته».

يدين الرجل بالفضل لكثيرين شجعوه، ثم يرتد عليه الأمر، فحين كان يوم وداع ميكروفون إذاعة القرآن الكريم، ما بين الـ11 صباح أمس، الخميس، حتى الـ2 من مساء اليوم نفسه، آخر ساعات شحاتة العرابي في إذاعة القرآن الكريم، وآخر فترة له على هوائها، فكانت الأوقات تلك تشهد سلاما حارا ووداعا بينه وبين مذيعين آخرين، يعتبرهم تلاميذه، في مشهد وثقته صفحة الإذاعة على موقع فيسبوك، فسجل ما يقرب من مليون مشاهدة، وآلاف التفاعل، على الصفحة وغيرها. وما بين وداع المستمعين، وأبواب الذكريات التي طرقها جماهيره، يتمنى ألا يحرم وغيره من سماع إذاعة القرآن الكريم.

يقول الإذاعي في حديثه لـ«مصراوي» أنه لن يترك الميكروفون، فهو يقدم مؤتمرات وندوات وقوافل دعوية تتبع وزارة الأوقاف، كما سجل أحاديث نبوية لبعض البرامج التلفزيونية، وحقق بعضها نسب استماع كبيرة، تفوق بها على أساتذته: «أستطيع القول أن انتهاء عملي بالإذاعة بالنسبة للمتسمعين فراقا، لكني لن أودع الميكروفون، سأظل أقدم رسالتي وعملي وإن اختلفت الأشكال».

فيديو قد يعجبك: