إعلان

يوميات الجدة أم حسن و55 حفيدًا.. فلسطيني يحمل نسمات أمه للعالم (صور وفيديو)

12:30 م الأحد 13 فبراير 2022

كتبت-إشراق أحمد:

قبل عام، أعاد مُؤِيد علي اكتشاف التفاصيل اليومية لحياته؛ لمعت عينا الرجل الأربعيني حينما اقترحت زوجته إنشاء حساب لوالدته على موقع مشاركة الصور والفيديوهات (انستجرام). عاشت زوجة مؤيد خارج فلسطين بعدما تهجرت أسرتها عام 1948، لكن منذ عرفت السيدة الثمانينية ورأتها في منزلها بمدينة طولكرم فطالما ذكرتها بأمها، لذا وجد الابن أن ينقل يوميات والدته لعلها تكون نافذة يطل منها المشتاقون لتراب الأرض الفلسطينية.

"جدة فلسطينية Palestinian grandma" اسم الصفحة التي أقامها مؤيد، أصغر أبناء ذيبة أحمد موسى، في 18 يونيو 2020، ولم ينس أن يَذكر كُنيتها "تيتا أم حسن".

صورة1

نهاية كل أسبوع، يجتمع شمل أسرة ذيبة، على مائدة واحدة، يلتقي الأبناء الاثنين المقيمين معها بالمنزل والأحفاد، ويأتيهم مؤيد المقيم بالجوار. هؤلاء المتواجدون من 9 أشقاء. ليس هذا اليوم كغيره؛ رغم بلوغ السيدة المسن السادسة والثمانين من عمرها إلا أنه لا يتوقف فلك حياتها عما عرفت؛ تحرص أن تعد الطعام بنفسها للأولاد وصغارهم المقيمين حولها من بين 55 حفيدًا.

في أجواء تشملها بساطة الطلة والطباع، تجلس الجدة أم حسن مع أحفادها في حديقتها الصغيرة أو أعتاب المنزل، تتلمس السيدة الثمانينية نسمات شمس الشتاء، تسير معهم بعكازها، تخبرهم عما تجود به الأرض من نباتات وزهور وما يحيط بهم، ولا تنسى الحكاية التي عاشتها ولازالت، تحكي لهم عن النكبة وما أحدثه الاحتلال يوم أن دخلوا قريتها مسكة الواقعة على مسافة ليست بعيدة عنهم في طولكرم، حتى أنها تصحب أبناءها إليها إلى اليوم لترى أطلال ما تبقى كما يقول مؤيد لمصراوي.

لا يتكلف مؤيد عناءًا في التصوير، فقط يفتح كاميرا هاتفه ويدعها تلقط ما يحدث في منزلهم "الفيديوهات تلقائية فهذه حياة أمي اللي تعيشها وما تقدمه لنا في كل مرة نحن في بيتها". تفاصيل تظهر في مقاطع قصيرة لا تتعدى دقيقة، لكنها أصبحت تربط المترددين على صفحة الجدة أم حسن، طلتها، إعدادها للأكلات الفلسطينية التي يحرص مؤيد أن يذكرها، ثم صارت الأم تخبر عنها المتابعين الذين تجاوز عددهم 27 ألف شخصًا حتى الآن.

لم تكن الجدة الفلسطينية تعرف في البداية ما يفعله ابنها مؤيد، ظنت أنه يوثق لحظاتهم معًا لنفسه، لكنها تفاجأت حينما أطلعها على الحساب، أخذت تتساءل "كيف لأشخاص في كل العالم أن يروها وهي في فلسطين؟".

لا تعلم السيدة الثمانينية الكثير عن مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها تأثرت بالصفحة التي تحمل اسمها "تبكي أمي أحيانًا عندما اقرأ لها التعليقات وتسمع بنفسها الرسائل الصوتية وتبكي على المغتربين وأمنياتهم للرجوع للوطن أو أن يشربوا معها القهوة ويتبادلون الحديث".

كثيرًا ما يُخبر المتابعون الجدة أم حسن أنهم يتلمسوا منها ريح فلسطين، لكن لا شيء يساوي في تأثيره مثل تلك الشابة الفلسطينية التي تقيم في أمريكا ولا تستطيع العودة لأرضها، فكانت طلة السيدة ذيبة مرسال مرئي يُذكر المغتربة بوالدتها.

صورة2

كل شيء في صفحة الجدة بسيط مثل حياتها؛ تُعلم حفيدتها إخراج الخبز من الفرن، تصفق وتلعب مع الصغار، تقطف الزيتون وتجفف الباميا لفصل الشتاء، وتجد الحيوانات الأليفة مكان لها في منزلها وبين أحضانها "أحب أن أرى والدتي وهي تداعب القطط وتكلمها وكأنها تفهم ما يرضيها وما لا يرضيها"، لكنه أبدًا ما تخيل أن نشره لمقطع مثل هذا يحقق أكثر من 6 ملايين مشاهدة كما يقول.

ما تبدو عليه حياة "تيتا أم حسن" من هدوء ودفء، إنما ورائه هجمات متكررة لقوات الاحتلال على طولكرم مما يجعل قرب الأبناء من والدتهم ليس فقط لشمل الأسرة لكن خوفًا من مكروه يقع وهم متفرقين، فضلاً عن غربة عاشها مؤيد في أوروبا لأكثر من 25 عامًا، لذا كان حساب التواصل الاجتماعي بمثابة عوض يوثق فيه شيئًا من حنين اعتصره يومًا.

صورة3

أصبحت صفحة الجدة الفلسطينية إيقاعًا جديدًا يدخل حياتها، لم تترك أثرها في نفس أم حسن والمتابعين لها فقط كما يقول مؤيد، بل أيضًا أحفادها "أصبحوا يهتمون أكثر بوجودهم مع جدتهم وأصبح لهم اهتمامًا أكثر بحكايتها عن ما قبل النكبة".

لا تتمنى ذيبة أكثر مما يحلم به كل فلسطيني "أن يأتي يوم وترجع لبلدها التي هجرت منه"، تسعى ما استطاعت أن تربط أحفادها بالأرض وما يخرج منها من خير، تحفزهم ليواصلوا التعليم ويلتحقوا بالجامعات ليحققوا هم ما فاتها، فيما يزداد مؤيد يقينًا بأنه لعل فعل صغير ينقل للعالم ما تحمله حياة الفلسطيني في موطنه المحتل فلا يُنسى.

صورة4

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان