إعلان

البلاد الجميلة.. حكايات مصورة من النوبة في كتاب (حوار)

07:58 م الخميس 05 أغسطس 2021

البلاد الجميلة كتاب يوثق حياة النوبة

كتبت- شروق غنيم:

تصوير- جلال المسري:

عام 2007 كانت الزيارة الأولى للمصور جلال المسري إلى أسوان في جولة مُصوّرة، سُحر بالمكان، ثقافته وعاداته، أُناسه الطيبين، تكررت الزيارة في أعوام متتالية، لكن عام 2017 ثمّة تغيير طرأ على مشاعر المُصور وما تلتقطه عدسته، حين زار النوبة.

في بلاد الذهب، شعر المسري بأن الأمر يتعدى مُجرد لقطات مُصورة لبلاد جميلة تحمل منازلها ألوانًا وزخرفات تبُهر العين، صار ما يستوقفه هو الحكايات خلف جُدران المكان وصمت أهلها، لذا قرر أن يوثق القصص داخل كتاب مُصور يوثق رحلاته.

وفي نهاية شهر يوليو المنصرف، والذي يوافق احتفالات الثقافة النوبية، أطلق المسري كتابه الذي يحمل رحلات بدأت منذ عام 2007 وحتى العام الجاري، موثقًا 14 قصة داخل أربعة فصول، تحت اسم "البلاد الجميلة"، ويُعد الكتاب التجربة الأولى للمسري.

1

خلال رحلاته المُتعددة، تجلّت سمة أساسية في الحكايات والأماكن التي تجول بها المسري خلال زياراته للنوبة؛ الحُب. لمسه المصور في علاقات الناس ببعضها، علاقتهما بالأرض، سيدة تُحب شجرتها حد التقديس، ورجل لا يزال قابضًا على مهنة تكاد تندثر، أول نوبية تُصبح مأذونة، وأخر ترك كل شيء ورائه وعاد للنوبة مُحبًا، "رأيت أيضًا كيف يحترمون كبار السن، ويعتبرونهم رموزًا تحمل تراث البلد وتاريخها، لذا تم تخصيص فصلًا تحت اسم أصحاب المقام الرفيع".

حين ذهب المسري إلى أسوان لأول مرة، كانت خطواته محسوبة "زُرنا أماكن سياحية مختلفة، كنت منبهر بالألوان، وكانت حصيلتي من الصور كلها للمنازل والأسواق، لكن في عام 2017 عندما بدأت العمل في مجال الصحافة تبدّل كل شيء"، أصبحت لحظة يحتضن فيها مشاعر وقصص مختلفة داخل صوره وليس "مجرد كادر جميل".

كانت الزيارة الأولى في بلاد الذهب لجزيرة تنقار، 15 عائلة فقط تعيش على أرض المكان، لأول وهلة اتخذ الأهالي جانبًا من المصور ورفاقه "لم يعتادوا على دخول أغراب للمكان"، لكن رويدًا رويدًا اختلف الأمر حينما لمسوا الاطمئنان تجاههما "كان معنا عم ياسر، وهو أحد سُكان المنطقة، اطمئنوا لنا وبدأوا في فتح أبواب منازلهم".

تملّك المكان من قلب المسري؛ انطلقت عدسته موثقة المنازل من الداخل، لهو الأطفال في الأنحاء، النيل الأزرق الصافي واللحظات الرائقة التي يستمتع بها الأهالي، ومن بينها احتفائهم السنوي بـ"ولّي" مر على جزيرتهم في الماضي وصار لها مولد باسم "الشيخ أرمان" رغم عدم دفنه هُناك.

2

في المولد اقترب المصور من الأهالي أكثر، تعرف على ثقافتهم وعاداتهم "كل من يمر بالمكان يأكل طعامًا مُعد خصيصًا للمولد"، تُفتح المضايف ويخرج الأهالي والأطفال احتفائًا بالولي الذي بارك أرضهم. كانت اللحظة استثنائية للمسري، استمتع بالأجواء فيما التقطت عدسته أكثر من صورة نالت فيما بعد جوائز مختلفة، أحّبه الأهالي اعتادوا وجوده "خلال العودة رافقنا الأطفال مطالبين بعدم رحيلنا".

تلك الرحلة بدلّت بداخله الكثير داخل المكان، ومعها بدأت رحلات أخرى بمنظور جديد "تعرفت على عوالم جديدة، وبسبب الصحافة والصحافيين الذين عملت معهم عرفت أن الصور السابقة لم تعكس معيشة الناس، تطورت نظرتي ولم أعد أرضى بمُجرد صور جميلة وأعود"، تلك الرؤية لازمت المصور حتى في جولاته بالخارج فيما بعد "صرت أعمل على قصص، وروابط بين الصور حتى عندما سافرت إلى فيينا".

3

لم تكن رحلة الكتاب سهلة، حين شرع المسري في ترتيب الأمر فوجئ بالتكلفة الضخمة نظرًا لأنه كتاب مصور، حتى عرف عن طريق الصُدفة عن دار كُتبنا، وهي أول منصة نشر شخصي، فضلًا عن أن الطباعة بطريقة "ديجتال"، مما يُقلل من نسبة التكلفة وأيضًا يتيح للمصور مميزات أخرى مثل "التعديل في بعض الصور بعد الطباعة".

طبع المصور عدد قليل من النسخ في البداية لمعرفة ردود الفعل حوله وإذا هناك مُلاحظات على تجربته الأولى في عالم الكُتب "شعرت أنني في انتظار مولود جديد". والأسبوع الماضي نظم حفلًا لتوقيع الكتاب في مكتبة القاهرة، فيما يُرتب لحفل توقيع آخر في أسوان وسط أبطال الكتاب.

4

بالنسبة للمسري لم تنتهِ التجربة بطباعة الكتاب، لكن رحلة أخرى تنتظره، إذ ينوي ترجمته إلى اللغة الإنجليزية ليتواجد في دول مُختلفة، وأيضًا ينوي توزيعها على هيئات متعددة في مصر، من بينها الهيئات الثقافية والحضارية "أسعى للنشر ولمعرفة قصص أهل النوبة، وليس المكسب المادي من الكتاب".

لايزال يحمل المصور حلمًا باستكمال رحلاته في بلاد الذهب، يتمنى أن يوثق تفاصيل معمار النوبة، يجوب مناطق مختلفة في أرجاء أسوان، وأن يلتقي قصصًا أكثر، توثقها عدسته وتحمل معها مشاعر لا تُغادر نفس المسري "التواجد مع أهل النوبة يمنح شعورًا بالدفء والأصالة، أتمنى أن أوثق باقي حكاياتهم".

5

يذكر أن جلال المسري مواليد 7 مايو 1961، وهو مصور فوتوغرافي مصري اشترك في 125 معرض محلي وعربي ودولي، منهم 5 معارض فردية بمكتبة الإسكندرية، ومكتبة الزاوية الحمراء، وسفارات مصر ببرلين وفيينا، بالاشتراك مع مكتب العلاقات الخارجية الدولية، ووزارة الثقافة.

وحصل على 41 جائزة من مصر والأردن والسعودية والصين وألمانيا والولايات المتحدة وصربيا واليابان والعراق وفلسطين والإمارات.

6

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان