إعلان

حروف بلا نقاط.. كيف تسلل الاحتلال الإسرائيلي إلى فيسبوك؟

08:08 م الثلاثاء 18 مايو 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

يقال في ضبط الأمور: «لنضع النقاط على الحروف»، لكن ما فرضته خوارزميات فيسبوك دفع مستخدمي الموقع، الذي يضيق الخناق على منشورات دعم القضية الفلسطينية، إلى استخدام مواقع وتطبيقات تنزع تلك النقاط. وهي كلمة لا يملك العربي المغلوب على أمره سواها، لكنه مضطر إلى تخريبها بيديه، لتفلت من مقصلة الخوارزميات، فيترك بين الحرف والحرف فاصلا أو حرفا أجنبيا أو رمزا، ثم لجأ إلى السيرة الأولى للعربية، حروفا مجردة بلا نقاط.

حين بدأت حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية الغضب من طرد أربع عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح، كان "باسم محمد" أحد الذين دونوا عن الأمر على موقع فيسبوك. لم تمر لحظات حتى فوجئ الشاب بتقييد حسابه ومنعه من النشر لفترة زمنية محددة، رغم أن ما كتبه لم يكن يحتوي على كلمات تحمل التحريض أو العنف، وحين حسب أن ذلك التصرف فردي، أخبره مقربون منه أن الأمر نفسه تكرر معهم، ليجد الشاب حيلة للهرب من ذلك الحظر أو التقييد بنشر أحرف أجنبية وسط كلمات عربية، أو يستبدل الرموز بالحروف: «حسابي اتحظر كام يوم، اتمنعت فيهم من النشر وكل ده عشان قلت إنه لازم نتضامن ولو بالنشر مع إخواتنا في فلسطين».

1

لم تكن الأحداث قد اشتعلت بشكل كبير في فلسطين، حين حظر حساب باسم، لكنها حين اتخذت منحى آخر، وصل إلى رشقات صاروخية من جانب الفصائل المسلحة في غزة، ردا على استفزازات الاحتلال الإسرائيلي وما أحدثه من جرح للعشرات من المصلين في المسجد الأقصى، ومنع آلاف الفلسطينيين من دخوله، وهاجم آخرين داخله، لتتطور الأحداث سريعا وتشتعل الأوضاع داخل المدن التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، والمدن الفلسطينية الأخرى، بشكل غير مسبوق في الانتفاضات السابقة، لتزداد عملية تقييد الحسابات على الموقع الذي وجهت له اتهامات فيما قبل لحظره منشورات تدعم القضية الفلسطينية، ويتهم أصحابها بأنها تحتوي على كلمات عنيفة: «لما حصل القصف على غزة ونشرنا عبارات عن المقاومة، وضرورة عدم التخلي عن الأرض، الحساب بتاعي تم حظره أكثر من مرة»، يحكي باسم.

وبحسب تقرير أصدره المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، فإن فيسبوك «حذف مئات المنشورات والحسابات التي توثق الانتهاكات، حتى بات حجم إزالة المحتوى وتعليق الحسابات التي أبلغ عنها المستخدمون، ووثقتها المنظمات الحقوقية، دليلا واضحا وصريحا على الاستهداف الممنهج لهذا المحتوى».
مثل هذه التصرفات لم تكن وليدة اللحظة. سبق أن أصدر ناشطون رسوما على موقعي تويتر وفيسبوك، يرفضون فيها ما تنتهجه إدارة موقع فيسبوك بحق المحتوى الذي يدعم قضايا الفلسطينيين.

2

ولاقت فكرة كتابة الكلمات العربية دون نقاط ترحيبا واسعا، وسخرية أيضا من البعض، الذين نشروا عبارات تشكك في قدرة الذكاء الاصطناعي على قراءة الكلمات ومعرفة دلالاتها في ظل غياب النقاط عنها، تماما كما فعل "عبد الرحمن علي"، الذي كتب على صفحته مستعينا بأحد المواقع «ابقى خلي معاييرك تنفعك يا مارك»، في إشارة منه إلى "مارك زوكربيرج" مؤسس موقع فيسبوك.
وبحسب الدكتورة وفاء كامل، عضو مجمع اللغة العربية، فإن الكتابة العربية قديما لم تكن النقاط تستخدم فيها، وإنما استحدث الأمر بعد ذلك، نظرا للخلط الذي قد يحدث بين الحروف المتشابهة، كالحاء والخاء مثلا، أو الباء والتاء: «ولذلك كنا نتعامل مع المخطوطات بحرص ودقة كبيرة، لأن النقطة الواحدة قد تغير في المعنى».

3

واجه كثير من مستخدمي فيسبوك ما يقوم به من تضييق على المحتوى الذي يندد بالعنف الإسرائيلي، والمجازر التي ترتكبها بحق المدنيين، بحملة لخفض تقييم تطبيق فيسبوك على المتاجر الإلكترونية للتطبيقات، حتى وصل إلى 2.9 بعد أن كان يحصل على الحد الأقصى للتقييم وهو 5 نقاط، وهي أمور قد لا تغير من طبيعة الموقع ولا تؤثر عليه بحسب خبراء، لكنها تدل على انزعاج الكثيرين من سياسة الموقع في انتقاء ما يريد حذفه من منشورات أو التضييق على أصحابها: «أنا اتعملي حظر على حسابي 3 مرات في 10 أيام، بسبب منشورات داعمة للفلسطينيين»، تحكي بسمة مصطفى التي منعت من التعليق أو النشر أو البث الحي لفترة طويلة، قبل أن تلجأ للرموز أو الكتابة دون نقاط: «عجبتني الفكرة، وتحايل الناس على خلق طرق للتعبير».

4

خوارزميات فيسبوك تعتمد على عدد من الكلمات، إذا ما دونها أحدهم فإن حسابه قد يكون مهددا، وكذلك يعتمد فيسبوك على مجلس الحكماء، والذي من مهامه اتخاذ قرارات نهائية وملزمة حول ما إذا كان المحتوى يتوافق مع معايير وقيم مجتمع فيسبوك من عدمه: «لو أنا عندي 400 مصدر على صفحتي، خوارزميات فيسبوك أو الريتش كونترول هو اللي بيتحكم أنا أشوف إيه وإيه لأ، وبنحذر من سنوات من إن فيسبوك هيكون ليه سياسات في وصول المعلومات من عدمها للمتصفح»، قالها المهندس أحمد صبري، رئيس شعبة «الديجيتال ميديا» بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، والذي أوضح في حديثه أن فيسبوك لديه تصريح سابق وهو الأول في وصول معلومة حادث مقتل مسلمين في نيوزيلاندا في 2020، بأنه سيقلل من انتشار المنشورات التي تناولت الأمر: «وهذا ظهر بشكل كبير فيما يحدث في القدس الآن».

5

بحسب خبير الإنترنت، فإن تلك الحيلة قد تستمر لفترة لكنها لن تكون طويلة، نظرا للذكاء الاصطناعي الذي يراقب المحتوى وفق كلمات محددة، ويطور نفسه بنفسه: «وبالتالي فهي حيلة، لكنها لن تنجح لفترة طويلة، وهيفضل في صراع مستمر بين الناس وما تريد تدوينه، والخوارزميات التي تتطور بشكل سريع».

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان