مجسم للكعبة بأستراليا.. عرض لسيرة النبي والحج "للمشتاقين إلى مكة" (صور)

كتب- محمد مهدي:

قبل موسم الحج سنويًا، تهفو روح "مازن أبو الزلف" الأسترالي الجنسية، إلى تكرار زيارته إلى مكة المكرمة، حيث يمنحه عمله كمتطوع في مؤسسة "اتحاد مُسلمي أستراليا" فرصة السفر رُفقة الحجاج كمرشد لهم، لكن تفشي فيروس "كورونا" المستجد، منع الرجل الأربعيني والآلاف من مواطنيه من سفرهم إلى الحرم المكي "لذلك أقمنا لأول مرة معرضًا عن سيرة النبي والحج بعنوان (من مكة إلى المدينة المنورة)"، يقولها أبو الزلف في حواره مع مصراوي.

"اتحاد مُسلمي أستراليا" هي منظمة غير ربحية، تركز على إحياء روح الإسلام في حياة الناس وفقا للقرآن والسنة في إطار متوازن للتعاليم الإسلامية، ومقرها سيدني- بحسب الموقع الرسمي للمنظمة.

لم يتوقع "أبو الزلف" مع بداية انتشار موجة "كوفيد-19" بين دول العالم، أن يتسبب ذلك في منعه والحجاج بأستراليا من السفر إلى الحج هذا العام "لقد افترضت أن كل شيء سيعود إلى طبيعته بحلول الحج" لكن مع مرور الوقت دون الوصول إلى علاج أو مصل لـ "كورونا"، دب القلق في قلبه، خاصة مع تخطي أعداد المصابين في بلاده 18 ألف حالة "أصبح من الواضح صعوبة الذهاب" لتحسم المملكة السعودية الأمر بقرار عدم استقبال وافدين من الخارج.

وبحسب وزارة الحج والعمرة السعودية، فقد قررت المملكة في يونيو الماضي إقامة موسم الحج بأعداد محدودة جدًا، وفق خطة دقيقة لتنظيمه بشكل آمن، على أن يكون أعمار الحجاج أقل من 65 عامًا، ووفقا لإجراءات احترازية وبروتوكولات مُحددة لضمان سلامة الجميع، فضلًا عن عدم وجود حجاج من خارج السعودية.

حينما استقبل الحاج الأربعيني الخبر "شعرت بأن قلبي مكسور" حيث اعتاد على السفر إلى مكة سنويًا في السنوات الأخيرة "قمت بالحج 10 مرات منذ عام 2007" لم يتخلف سوى مرات قليلة، لا يزال يتذكر الرحلة الأولى إلى مكة "لن أنسى تلك اللحظة أبدًا عندما رأيت الكعبة، فكرت وقتها أن روحي وصلت أخيرًا إلى بيتها"، لذلك شعر بخيبة أمل واكتئاب شديد-على حد تعبيره- لأن الحرم المكي أصبح بالنسبة له "الوطن" وكان عليه إيجاد حل للتعامل مع حزنه وأيضًا مساعدة الآخرين من المشتاقين لتلك الزيارة.

في الأعوام السابقة خلال التجهيز للسفر إلى مكة، كان "أبو الزلف"مع عدد من المتطوعين باتحاد مسلمي أستراليا، يقومون بجمع الحجاج "نعطيهم دروسًا في طقوس الحج ونصائح عملية حول ما يجب القيام به عند السفر" جاءت الفكرة بتكرار الأمر هذا العام لكن بصور مختلفة ومحاولة لإدخال السرور على قلوب المسلمين في غرب المحيط الهادي "أقمنا نسخة طبق الأصل من الكعبة، حتى يتمكن الناس من إلقاء نظرة على شكلها في الماضي والحاضر".

بعد الموافقة على الأمر، مضت أيام عديدة في التحضير لتلك التجربة، ثم الاستعانة بمتخصصين من أجل عمل نسخة مطابقة للكعبة كمجسم "وأيضًا خريطة لرحلة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بين مكة والمدينة المنورة" توافد العشرات من المسلمين على المعرض عند افتتاحه بحضور الدكتور إبراهيم أبو محمد، مفتي أستراليا، لتشهد التجربة ردود فعل واسعة بين السعادة والاستفسارات والمطالبة باستمراره لفترة أطول " بالنسبة لي شخصيًا كان ذلك بمثابة تذكير جميل بتجاربي الجميلة في الحج" كما يؤكد أبو الزلف.

خفف الأمر من شعوره بالسوء، استعاد على إثره مشهد لا يمكن نسيانه عندما طلب من الحجاج أن تبقى أعينهم في الأرض داخل الحرم المكي، وحينها أصبحت الكعبة أمامهم وجههم بالنظر إليها "إن مشاهدة وجوههم وهم ينظرون إلى الكعبة لأول مرة شيء مذهل وعاطفي للغاية" يحكي الرجل الأربعيني بتأثر شديد.

بعد انتهاء المعرض يذهب سريعًا إلى بيته، لمتابعة بث مباشر من أداء الحجاج لمناسك الحج في مكة المكرمة "أدعو أن أكون معهم" يتمنى الحاج الأسترالي انتهاء أزمة فيروس "كورونا" في القريب العاجل وتمكنه من الحج في العام القادم ودائمًا "لأنه بمجرد تذوق حلاوة الأمر يصبح قلبك مرتبطًا بتلك البقعة المباركة".