منسيون ومنسيات (9)-الأخوان لاما.. بداية السينما المصرية على يد فلسطينيين
كتبت-رنا الجميعي:
قرار واحد يُمكنه تغيير دفة التاريخ، فإذا لم تهبط الباخرة التي نقلت إبراهيم وبدر لاما -شابان من أصول فلسطينية- في الإسكندرية ربما لم يكن ليوجد لدينا الآن نحو ثلاثين فيلمًا أرسوا قواعد السينما في مصر، وطورها من جاءوا من بعدهم.
بفارق ثلاثة أعوام عن بعضهما وُلد الأخوان لاما، إبراهيم وبدر، لأب فلسطيني هاجر إلى تشيلي، في أوائل القرن العشرين، وفي عام 1924 قرر الأخوان العودة لمدينة بيت لحم في فلسطين، لكنهما في طريق الرجوع نزلا إلى الإسكندرية، وبدآ مشوارهما في السينما المصرية، هكذا تقول الحكاية المتداولة عن رائدين من رواد السينما في مصر.
في تشيلي كان الأخوان من هواة التصوير الفوتوغرافي، حتى أن الشقيق الأصغر بدر قد عمل كمساعد في إخراج فيلمين قصيرين هناك، وفي الإسكندرية بدآ الشقيقان في العمل بالتصوير الفوتوغرافي، حتى انضما إلى جماعة أنصار الصور المتحركة، التي تحولت بعد ذلك إلى شركة سينمائية عرفت باسم "مينا فيلم"، لكنهما استقلا عنها بعد ذلك، وأسسا شركة "كوندور فيلم"، ومن خلالها تم إنتاج أول أفلامهما الصامتة "قبلة في الصحراء" عام 1927، حيث كتبه وأخرج إبراهيم، وقام بالبطولة بدر.
صار الشقيقان ثنائيان في السينما المصرية، تعاون مع بعضهما في العديد من الأفلام، وقد تم تصوير فيلمهما الأول في استوديو صغير داخل فيلا خاصة في منطقة فيكتوريا بالإسكندرية، واستقبله جمهور السينما بترحيب كبير، بعدها صنعا فيلمها الثاني "فاجعة فوق الهرم" عام 1928، قيل إنه لم ينجح، بعدها انتقل الشقيقان إلى القاهرة، وهناك أسسا أول استوديو سينمائي في مصر "استوديو لاما "، وكان مقره في حدائق القبة.
اعتمد إبراهيم في عدد من أفلامه على قصص الفروسية، حيث كان بدر متأثرًا بالممثل "رودلف فالنتينو"، الذي كان يتصف بشهامة البطل الذي يضحي من أجل حبيبته، ولأن بدر كان مُحبًا للرياضة والفروسية بالأساس، كانت تدور تلك الأفلام حيث البدو والصحراء، كذلك قدّم إبراهيم الأفلام الاجتماعية مثل فيلم معجزة الحب عام 1931، كما قدّم عدد من الأفلام التاريخية مثل "صلاح الدين الأيوبي" و"قيس وليلى" و"كليوباترا".
كانت تجارب إبراهيم السينمائية تقدم فنانين للمرة الأولى؛ فقد دخلت المطربة نجاة علي التمثيل لأول مرة في فيلم "معجزة الحب"، الذي أخرجه إبراهيم عام 1931، وكانت بطولته لأخيه بدر والممثلة ثريا رفعت، كما كان "شبح الماضي" الفيلم الثاني التي تمثله المطربة والملحنة نادرة أمين، كذلك ظهر للمرة الأولى المطرب عبد العزيز محمود عام 1943 في فيلم "نداء الدم".
كانت أغلب الأفلام بالتعاون بين الشقيقين إبراهيم وبدر، لكن بدر قام بتمثيل عدد من الأفلام بعيدًا عن شقيقه، بالتعاون مع مخرجين آخرين، مثل فيلم رابحة عام 1945، وهو من إخراج نيازي مصطفى، ولكن آخر أفلامه كانت برفقة شقيقه، حيث قام بتمثيل فيلم البدوية الحسناء عام 1947، وتوفي دون أن يرى عرض الفيلم في قاعات السينما، حيث أصيب بالذبحة الصدرية عن عمر 47، بعدها بسنوات قليلة لحق به أخيه مُنتحرًا، بعدما قتل زوجته بسبب الغيرة.
أثرى إبراهيم وبدر السينما المصرية بالعديد من الأفلام خلال أكثر من عقدين من الزمان، ربما لو طال العمر بهما لتمكنا من اللحاق بفصل آخر جديد في حياة السينما المصرية، حيث السينما بعد ثورة 1952، لكن إبراهيم توفي قبل شهور قليلة من قيام الثورة، ولم يتمكن من رؤية الحياة الجديدة بعدها.
اقرأ أيضًا:
منسيون ومنسيات (1).. المطربة نازك خفيفة الروح (بروفايل)
منسيون ومنسيات (2)-هند نوفل.. تطلعات امرأة في صحافة القرن الـ19 (بروفايل)
منسيون ومنسيات (3)-أحمد سامي.. غواية الغناء التي لم تجعل صاحبها نجمًا (بروفايل)
منسيون ومنسيات (4)- أحمد فتحي.. أسير الماضي صاحب السيرة الضائعة (بروفايل)
منسيون ومنسيات (5)- لور دكاش.. من ترك العود وحيدًا؟ (بروفايل)
منسيون ومنسيات (6)- عباس البليدي.. نجم اختفى في الستينيات (بروفايل)
منسيون ومنسيات (7)-نادرة.. معجزة القاهرة في الثلاثينيات (بروفايل)
منسيون ومنسيات (8)-بهيجة حافظ.. المُغامِرة الأولى في تاريخ السينما المصرية (بروفايل)
فيديو قد يعجبك: