"صُحبة مثيرة للانتباه".. دروب جمعت الراحلين نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق
كتب- محمد مهدي:
في عام 1977 نشرت مجلة "تان تان" في نسختها العربي، صفحة كاملة من أعمال القراء، في نصفها الأعلى رسومًا باسم الطالب الجامعي حينذاك "نبيل فاروق" وفي نصفها الآخر أشعارًا للفتى الصغير "أحمد خالد توفيق"، حصل الاثنان على نسخة من المجلة، غمرتهما الفرحة من تواجدهما في العدد، ولم يلتفت أحدهما إلى اسم الثاني، غير أن القدر جمعهما فيما بعد في طريق الصداقة والأدب والنجاح على مدار عقود.
الحياة لا تخلو من المفاجآت الكبرى، بعد اللقاء الأول الذي جمع "فاروق" بـ"توفيق" أدرك أن هناك "حاجة قدرية بينهم مثيرة للانتباه" كما يصف الكاتب الكبير الذي رحل عن دنيانا مساء اليوم الأربعاء "بينا رابط غريب، إحنا الاتنين خريجين طب، مواليد طنطا، واكتشفنا إننا كنا ساكنين في نفس المنطقة، بينا شارع واحد" أمر يدعو للدهشة، عبر عنه "نبيل فاروق" كثيرًا في عدد من اللقاءات التلفزيونية.
جمعتهما الدروب مرة أخرى في التسعينيات، عندما فتحت المؤسسة العربية الحديثة للنشر الأبواب إلى الأقلام الشابة؛ لإرسال أعمالهم الأولى لتقييمها والاختيار بينها لاكتشاف نجوم جدد في عالم الأدب، تحمس "توفيق" إلى خوض الخطوة، أرسل قصة قصيرة على عنوان المدون في المسابقة بمنطقة الفجالة "كنت وقتها المسؤول عن النشر لكن مسافر، لجنة قراءة تانية هي اللي شافت القصة" تم رفضها غير أن "فاروق" عند قراءتها أبلغ الإدارة بضرورة التعاقد معه "كان موهوبًا وأسلوبه منفردًا وبيكتب شيء جديد وقتها تمامًا، قولتلهم الراجل دا هينافسنا، فخليه معانا أفضل".
حقق "توفيق" بسلسلة روايات "ما وراء الطبيعة" وأعماله الأخرى مثل "فانتازيا" نجاحات جيدة، ساهمت في إعلاء شأن المؤسسة التي ظلت الأكثر مبيعًا في الشرق الأوسط من خلال قراء "فاروق" عشاق الأدب البوليسي والخيال العلمي في "رجل المستحيل" و"ملف المستقبل" و"كوكتيل 2000" ظهرت منافسة شديدة بينهما يراها الأخير "هي وسيلة التألق، لما حد ينافسني هسعى إني أكون أفضل، والحقيقية مفيش حد مننا أثر على مبيعات الشخص التاني، كل واحد له جمهوره الخاص".
ظلت العلاقة ممتدة لنحو 30 عامًا، تُشكل تجربة كلا منهما وجدان أجيال عديدة تحبو نحو عالم الرواية والأدب من خلال أعمالهما، دافعًا بالثقافة والمعرفة وتطور إنتاجهم عما أُشيع حول الفن المُقدم منهما "فيه ناس قالت إن دا أدب للأطفال" حتى حصل "فاروق" على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 2008، وكُرم "توفيق" في مناسبات عدة من بينها جائزة الرواية العربية في 2016. واعترف الجميع بدور الراحلين في نشر المعرفة لسنوات طويلة.
فرّق الموت بين الصديقين في أبريل 2018، عندما توفي أحمد خالد توفيق، خبر هز الآلاف من محبيه وقرائه بجانب "فاروق" الذي قال خلال ندوته الثقافية في معرض الكتاب بدورته الأخيرة "حسيت بإن نص كياني راح مني" كان مؤلف فيلم "الرهينة" ومسلسل "العميل 1001" حريصًا دائمًا على حكي الذكريات الحلوة مع "توفيق" كأنها تُعيده إلى زمن يُحبه لم يعد موجودًا "حديث عن الأدب والفن وبلغة راقية".
اليوم الذكرى السنوية لرحيل الصديق العزيز الجميل د.أحمد خالد توفيق
صديقى العزيز الجميل وحشتنى قوى وتركت فى نفسى وحياتى فراغاً يعجز العالم كله عن احتوائه
وداعاً pic.twitter.com/06ODbnK98I— Dr. Nabil Farouk (@DrNabilFarouk) April 2, 2019
وفي مطلع نوفمبر الماضي، عندما أُذيع مسلسل "ما وراء الطبيعة" على منصة نتفليكس العالمية، المستوحاة من سلسلة "توفيق" ساند "فاروق" التجربة بحماس شديد، قرر -مسؤولًا- بالمؤسسة العربية الحديثة إعادة نشر جميع أعداد السلسلة الشهيرة "نوعًا من المشاركة في الحديث؛ ليتواكب مع ظهور المسلسل الذي سيسعد أناسًا كتيرين مثلما أسعدتهم الرواية". بقيت علاقتهما قوية ومميزة حتى النهاية.
— Dr. Nabil Farouk (@DrNabilFarouk) November 5, 2020
فيديو قد يعجبك: