حصل على ذهبية التصميم المعماري.. مصراوي يحاور الفائز بجائزة "A' Design"
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
حوار- رنا الجميعي:
هناك لحظات في عُمر الإنسان لا تقدر بثمن، مثل اللحظة التي استطاع المهندس أحمد حبيب الحصول عليها، لازال يتذكر التوقيت بالثانية والدقيقة؛ ففي 30 من إبريل الماضي، في الرابعة والنصف فجرًا تلقى حبيب بريدًا إليكترونيًا يُعلن فوزه بذهبية مسابقة "إي ديزاين" العالمية، وقتها توّقف الزمن للحظة، ومرّ شريط طويل أمام عيني حبيب المتألقتين فرحًا.
في 2010 تأسست الـ"A’design" التي عملت على النظر لمسابقات التصميم السابقة لها، وعملت على تطوير منهجيتها، فقد كانت المسابقات تقوم بإعلان الفائزين والخاسرين فقط، لكن تلك المنافسة اهتمت بتسجيل نقاط كل مشترك، حتى يتمكن المتسابقون من تتبع إنجازاتهم وتطويرها مع الوقت.
وقد ضمت المسابقة مئة فئة، وفاز فيها حتى الآن حوالي 10 آلاف و51 شخص، من 180 دولة حول العالم، وتقوم سنويًا.
من بينهم كان حبيب الذي أدرك أن تلك اللحظة لم تأتْ هباء، قبلها سنوات عُمر بلغت الثلاثة والثلاثين، وشغف بالتصميم منذ عمر العاشرة "وقتها رسمت أول شقة"، يقول المهندس الشاب لمصراوي، وُلد المهندس بالكويت لأبوين مصريين، ظلّ حُب التصميم بداخله، حتى اختار هندسة شبرا، قسم عمارة "الهندسة في بيتنا من زمان، والدي مهندس مدني"، وبعد تخرجه واجهته الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث تخرج حبيب عام 2008 "كل الشركات كانت بترفد ناس أو تقلل مرتبات"، لذا كان أول عمل لحبيب في الكويت دون مُرتب.
لم ينسْ حبيب حلمه في العمل بمجال التصميم "الناس لما تتخرج من عمارة مش سهل تشتغل في المجال ده، بتكون وظيفة بيدوها للناس الأكبر سنًا شوية"، تنقّل حبيب في عدة وظائف ليست لها علاقة بالتصميم، تدريجيًا وصل لما يُريده "لحد ما قدرت أثبت لنفسي وللناس إني ديزاينر شاطر".
خلال عشرة أعوام في مجال التصميم، عمل حبيب على 195 مشروع ذو معايير مختلفة، من المطاعم وحتى الحدائق ذات المساحات الشاسعة، يفتخر الشاب بعدد من المشروعات التي عكف عليها، منها جامعة الشرق الأوسط الأمريكية بالكويت، التي تبلغ مساحتها حوالي 280 ألف متر، بنبرة تملؤها العزة يقول "في الجامعة صممت مسرحين بمواصفات عالمية، ويعتبر من أشهر المسارح في الكويت".
كما يفخر حبيب أيضًا بتصميم خليفة بارك، على مساحة 450 ألف متر، والذي سيتم الإعلان عنه قريبًا "هيبقى حاجة مشرفة".
لم يشترك حبيب قبل ذلك في أية مُسابقة، إلا أن هذه السنة قرر الاشتراك في مسابقتين، كانت أولها مسابقة "إي ديزاين"، الواقعة في مدينة كومو، على الحدود بين إيطاليا وسويسرا، تضم المسابقة 100فئة، وفيها قدّم حبيب مشروعه بفئة التصميم المعماري. لم يكن الاشتراك بالمسابقة سهلًا "قعدت تلات أسابيع بذاكر شروط المسابقة كويس"، بين المعايير الخاصة بها وطريقة التحكيم، حيث تتضمن اللجنة على أكثر من 75 مُحكّمًا، بينهم اثنين من العرب، وأخذ حبيب في معرفة مواصفات الصور المقدمة، والمشروع ذاته من مقاييس وجودة ألوان "كمان بذاكر ازاي أشرح الفكرة بتاعتي، فيه دليل للشرح"، فيذكر حبيب على سبيل المثال من بين تفاصيل الشرح "يعني مثلًا ممنوع أستخدم أي وصف مبهر للمشروع".
بعد التقديم كانت هناك مرحلة مبدئية من التحكيم "مُحكم واحد بس بيديني درجة"، وبلغه بأن التحكيم رجّح فوزه بالبرونزية أو الفضية، داخل المسابقة هناك البلاتينيوم، وهو أعلى مركز، ثم الذهبية للمركز الأول، ثم الفضية والبرونزية ومن بعدهم التمثيل المشرف "لما قدمت مشروعي كان كل طموحي بس تمثيل مشرف"، إلا أن طموح حبيب ارتفع مع درجة التحكيم الأولى "كنت بتمنى الدهبية بس خفت أملي يزيد فأزعل لو جت لي حاجة أقل".
أما المسابقة الثانية التي قدّم فيها حبيب، فكانت الـ"دبليو إي إف"، أو مهرجان العمارة الدولي، ومقره بأمستردام، وبالفعل صُنّف مشروعه كواحد من أفضل 15 فيلا على مستوى العالم "فيه لسه مرحلة النهائيات ودي هتكون في ديسمبر الجاي".
على جمر من النار ظلّ حبيب يتقلّب حتى إعلان نتيجة "إي ديزاين"، "كان معلن إن النتيجة هتبقى في شهر أربعة، كنت كل شوية أدخل ابص"، ذات يوم في الفجرية فتح حبيب بريده الإلكتروني ليجد الإعلان المُنتظر، كانت لحظة مُبهرة "صحيت البيت كله"، اتصل بوالدته في مصر يُبلغها الخبر السعيد، أنه فاز بالذهبية "مكنتش مصدق نفسي أول مسابقة أدخلها في حياتي وآخد دهب وأكون أول مصري ياخدها في مجال التصميم المعماري".
فاز حبيب بالمركز الأول لمشاركته بمشروعه المسمى "البيت المكعب"، يحكي المهندس عن ظروف ذلك المشروع "جالنا دكتور تجميل يعتبر الأشهر في الخليج، كان عايز يبني بيت جديد لأسرته"، وتصل مساحة الأرض التي سيبنى عليها المنزل حوالي الألف متر "كانت طلباته هو وزوجته إنهم عاوزين دور أرضي كامل للضيوف، وجزء خاص بالمعيشة والجناين وحمام السباحة، والدور الأول للأطفال حوالي ست غرف، والدور التاني لغرف النوم مع الصالة والمكتبة"، وكان الشرط الأهم في كل ذلك هو دخول ضوء الشمس دون الحرارة المرتفعة في الكويت إلى داخل المنزل "كان تحدي بالنسبة لي أنا والفريق اللي معايا".
لفترة ظل الفريق يتباحث حول الفكرة الرئيسية للمشروع "وقررنا إنه يبقى شكل المكعب، بحيث الشمس تدخل بدون ما تكون حادة"، درس حبيب كل شيء حول حركة الهواء والشمس والتراب وكل العناصر البيئية حتى يتمكن من تصميم المنزل بالشكل المناسب "صممت حديقة أمامية وأخرى خلفية مفتوحة، وحديقة في النص مكيفة، لو الجو حلو يقعدوا برة، أما لو الجو وحش يقعدوا في الحديقة المكيفة"، خلال شهرين ونصف كان التصميم جاهزًا "عشان طلبات العميل ده كانت مختلفة عن اللي قابلته قبل كدا، كنت بعمل المشروع كأني كنت بعمله لنفسي، كل خط بيترسم فكرت فيه أكتر من مرة".
كانت لحظات لا تُنسى حين تسلّم حبيب الجائزة الذهبية، في 28 من يونيو الماضي، يتذكر كمّ الصحفيين الموجودين والمصورين، الذين تهافتوا للحصول على مقابلات وصور للفائزين، حيث تواجد أكثر من 250 مدونة وسبع مصورين محترفين. خلال الاحتفالية تعرّف حبيب على عدد من المعماريين من أنحاء العالم، يذكر بفرح تعرّفه على المعماري الخاص برئيس الهند "وعرض عليا أقدّم محاضرات هناك"، تحدّث حبيب كثيرًا مع المهندسين خلال العشاء الخاص بعد الاحتفال، ورغم اختلاف الحديث معهم، لكن هناك تعليق واحد جمع بينهم "قالولي إن من النوادر حد يقدم على المسابقة وياخد دهب من أول مرة".
مع الحديث الدائر كان حبيب يسترجع أهم نقاط محورية في حياته، ظلّ يتذّكر الأوقات الأكثر صعوبة التي مرّ بها، سواء على المستوى الشخصي مثل وفاة والده، ومرض زوجته وابنه، أو على المستوى العملي، حيث مرّ بأوقات سيئة خلال العمل، يكره حبيب شعور الراحة الذي يلازمه أحيانًا "أسوأ حاجة ممكن تعدي عليا هو الكومفورت زون"، منذ خمس سنوات مرّ حبيب بلحظة مثل هذه "حسيت وقتها إني مستريح ووضعي كويس بس مبتعلمش حاجة وكل الأيام شبه بعضها".
حينها أخذ حبيب القرار الأكثر صعوبة في حياته، وهو الاستقالة "استقلت وروحت مكان كويس بس بمرتب أقل وبمركز في الشغل أقل"، رغم الخسارة البادية إلا أنها كانت نقطة قوة، جددت الحيوية ثانية في عمله.
لم تنتهِ المسابقة عند حصول حبيب على المركز الأول، فإحدى مزايا المسابقة أنها تضع اسم المهندس المصري بين أفضل المصممين في العالم، فقد تلقى بريد إلكتروني يُبلغه بأنه مُصنّف عالميًا، وترتيبه رقم 141 من أصل 27 مليون مهندس في العالم "مكنتش متوقع حاجة زي كدا"، سعد حبيب بالخبر كثيرًا، حيث تكلل جهده خلال عشرة سنين، من 2009 حتى 2019، بهذا الترتيب.
المشوار مازال في أوله بالنسبة لحبيب، يعلم أن السر في نجاحه هو الجهد الزائد "بحس إني عشان أنجح لازم أعمل فوق المطلوب مني، سواء في الشغل أو في الحياة أو في الدين، هي الحتة الزيادة دي اللي نجحتني"، ولا يعني له التصنيف العالمي سوى أكثر من مسئولية كبيرة يضعها على عاتقه، ليجتهد أكثر الأعوام القادمة في إثبات نفسه، وتحقيق مزيد من التصاميم المعمارية.
فيديو قد يعجبك: