إعلان

"طبخ" و"غُنا" ورقص معاصر.. حكاية إفطار "بناتي"

02:19 م الثلاثاء 04 يونيو 2019

كتابة وتصوير- شروق غنيم:
يوم واحد في رمضان يجتمع شمل أعضاء مؤسسة "بناتي"؛ يزداد عدد الطاولات الموجودة في ساحة المؤسسة، ينضم لهم إدارة مجلس الإدارة، وكذلك كل من يدعم المكان، فيما يصبح الإفطار الجماعي كرنفالًا، يُقدم فيه الفتيات عروضًا، تنطلق مواهبهن فيُنسى الماضي كأنه لم يكن.
عام 2009 أسست الدكتورة هناء أبو الغار مؤسسة "بناتي"، لتصبح بيتًا آمنًا لكل الفتيات دون مأوى، في البداية احتضنت ثلاث فتيات فقط، فيما اتبع الموظفون طرقًا بسيطة للوصول إليهن "كنا بنمشي علي رجلينا عشان نقابل البنات في الشارع، مكنش لسة في وحدة متنقلة جاهزة بأخصائيين".

1

حين جاء رمضان في أول سنة للمؤسسة، نظموا إفطارًا جماعيًا، كان الهدف ألا تصبح "بناتي" مجموعة مغلقة على نفسها، أن تخشى الفتيات الاندماج، وبعد عشر سنوات في المكان ذاته، يُقام حفل الإفطار ولكن هذه المرة وقد كبرت المؤسسة، البنات، الأنشطة "في بنت السنة دي دخلت الجامعة"، تقولها مؤسسة المكان بفخر.
على مدار عشر سنوات صارت "بناتي" حصن آمن للفتيات بلا مأوى، أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة أسرة "خدمناهم، وفي مقر المؤسسة في أكتوبر في 750 بنت، وفي إمبابة فوق الـ300"، فيما افتتح مركزًا للاستقبال في مبنى مصر القديمة "ده بيكون مرحلة من التأهيل بحيث نقدر نلحق البنات ونأهلهم لأسرهم"، كل شهر يستقبل المركز قرابة ألف وخسمائة فتاة.

2

على المائدة توزع الحضور، بينما أعدت المؤسسة مسرحًا من أجل تقديم العروض المختلفة لليوم؛ ما بين عزف موسيقى، مسرحية، غُناء، ورقص معاصر جاء البرنامج، الذي يعُد خلاصة تدريبات الفتيات لأشهر على كل نشاط.
على الجانب الآخر من المؤسسة، وقفت عدة فتيات تُحضر طعام الإفطار؛ طيلة عامان ونصف دُربن على كيفية إعداد الطعام، مع الشيف معتز منصور ومحمد إبراهيم الشهيرين بـ"ميزو وأوشي"، تطوّع الثنائي من أجل الفتيات "كانت أول مرة بالنسبة لي أدرب حد أقل من 18 سنة، بس حبيت الموضوع".
34

داخل المطبخ، تتحرك الفتيات في حماس، يسمعن تعليمات الشيف، ثم يبدأن في تقطيع الخضروات، إعداد "الصوص" برفقته، وفي تجهيز الأطباق و"رّص" الأصناف بداخلها "في بنات بقت شاطرة جدًا لدرجة بقت تشتغل دلوقتي في مطاعم". يحكي الشيف ميزو.
كان الأمر بمثابة تحدي بالنسبة للشيف؛ كيف يعلم هؤلاء الصغار دون أن يمسهم ضرر، وكيف يستوعبن قيمة العمل كـ"شيف"، من أجل ذلك اصطحبهن في مطاعم من أجل محاكاة الأمر "عشان يفهموا أد إيه مهم إنك تعمل أكل حلو لحد ويتبسط بيه"، كذلك ينطبق على باقي فتيات المكان "لأن اللي بياخد ورشة الطبخ هنا بيكون مسئول عن تجهيز الأكل لصحابه في المؤسسة".

5

6

قرابة خمسة عشر شخصًا في كل ورشة؛ بهدوء يدربهن الشيف على أدوات المطبخ "بقيت بفهمهم الأول مخاطر المطبخ، ومبخليش حد يستخدم السكينة إلا لما يكون اتحكم في عضلات إيده وقادر يسيطر على اتزانه النفسي لإنه ممكن يتعور أو يعور حد"، في حين يدرب الجميع من أجل تأهيله لسوق العمل "بحطهم في ضغط ساعات عشان يتعودوا على الشغل".

مع أذان المغرب، كانت أيادي المشاركين في الإفطار الجماعي تلتقط الطعام الذي أعده فتيات المؤسسة، بينما ينتظرن الإفراغ منه من أجل حضور عروضهن التي أعددن لها خصيصًا لليوم.

7

8

كل شئ في اليوم يحمل بصمة "بناتي"، مقدمة العرض واحدة منهن، بتلقائية تحكي الصغيرة عن برنامج اليوم ثم تقدم كل فقرة جديدة؛ بدأ الأمر مع كورال الفتيات، تغنين بالأناشيد الدينية، وأعقبه عزف فردي لفتاة منهن وقعت في غرام "الكمنجة"، فأدت عرضًا منفصلًا، وحين انتهت استمر التصفيق لها لدقائق.
يحمل كل نشاط في المؤسسة وجهة نظر، أن يضفي قيمة ما على شخصية الفتيات، يتقلبن أنفسهن أكثر، يتصالحن مع قصتهن، ومن ضمن تلك الأنشطة الرقص المعاصر.
قبل عامين بدأت نرمين حبيب، مدربة الرقص المعاصر، عملها مع فريق "بناتي"، في البدء كان الأمر صعب "مكنش في ثقة في نفسهم، حاسين طول الوقت إنهم وحشين أو عاجزين إنهم يعملوا حركة صح"، لكن كانت الفتاة العشرينية تحفزهن بأن كل شئ يتحسن مع التدريب، واستجابت الفتيات بالفعل.

910

كل ستة أشهر تدرب حبيب مجموعة من الفتيات "أجمل حاجة في البنات هنا إن عندهم موهبة فطرية، عاوزين يعملوا الحاجة عشان حابينها فعلًا، فالموضوع بيبقى فيه شغف أكبر"، لم تكن تهتم المدربة العشرينية في البداية بالعروض "كل بنت هنا مرت بظرف خاص تقيل، وفكرة إنهم يقدموا عرض قدام الناس كان صعب في الأول".
قسمت حبيب مجموعة الفتيات من خمس سنوات وحتى العاشرة، ومن الاثنى عشر وحتى السادس عشر، أرادت مزج كل أداء لمجموعة عمرية في عرض الإفطار الجماعي "بدأت اتناقش معاهم في أفكار هما حابين تكون في العرض، وبعدين أبروز ده في إيقاع ومزيكا وحركات".

11

12
لم يعد الرقص المعاصر مجرد ورشة تأدية حركات بالنسبة للفتيات، بل انعكست دروس الورشة في شخصياتهن "زي تنظيم الوقت والمجهود، يبقى في ضمير في الحاجة اللي بنعملها، والاستعداد الجسدي والنفسي قبل الورشة، وإزاي نحافظ على طاقتنا في أوقات وأوقات تانية نبذل كل اللي عندنا".
بفخر وقفت المدربة العشرينية تراقب الفتيات يوم الإفطار الجماعي، جعلت بطلته الصغيرة ميادة "هي من ذوي القدرات الخاصة، وكان الموضوع في الأول تحدي وصعب جدًا، لكن لما بدأت تدرب بقت مبدعة"، لا يفرق لحبيب أن يكون العرض مثالي "ميادة النهاردة نسيت حركة معينة، ده عادي جدًا وبفهمهم إن طبيعي نغلط، كله بالتمرين هيتظبط، وكل ما تجتهد في التمرين هتشوف نتيجة أفضل، زي حياتك".

1314

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان