جنازة ضحية "قطار طنطا".. بكاء بلا صوت
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب- محمد زكريا:
تعاطف جم، وجدل أثارته واقعة قفز راكبين شابين من قطار "vip 934 مكيف الإسكندرية/ الأقصر" بالقرب من قرية دفرة التابعة لمركز طنطا بالغربية. الشابان اللذان طالبهما الكمسري بالخروج من القطار أثناء سيره، بسبب التذكرة، أصيب أحدهما، ولقي الآخر مصرعه، فيما كانت جنازة الضحية "محمد عيد" هادئة، لم يُسمع فيها "صوت"، ولم تغير كثيرًا من حال الحي الشعبي!
في حوالي الحادية عشرة من مساء أمس الاثنين، وقف شباب حي منطي بشبرا الخيمة، أمام مسجد خاتم المرسلين في شارع الترب، القريب من سكن الشاب الراحل، بينما انزوى رجال ونساء على جانبيه.
عمّ الهدوء المكان، لكن صراخًا وعويلًا كسر الصمت، عندما خرج نعش "عيد" من داخل الساحة التي تقابل المسجد، لم يستمر الأمر طويلًا، لتبدأ صلاة الجنازة على صاحب الـ23 سنة.
صلاة الجنازة لم توقف موسيقى صاخبة صادرة عن عرس قريب، لم يلتفت أصحابه تمامًا إلى مراسم جنازة الشاب.
رغم هدوء الجنازة لم تتوقف ألسنة الحاضرين عن ذكر محاسن الشاب الراحل. سيدة اتشحت بالسواد كانت تقف على بعد أمتار قليلة من المدفن، قالت بصوت خفيض: "أرزقي وغلبان، بياكل اللقمة من عرق جبينه، الله يصبر أهله".
على بعد أمتار من السيدة، انشغل رجل خمسيني في عمله داخل ورشة لإصلاح السيارات، لم يشترك الرجل في مراسم الدفن أو الصلاة، بدا الحزن على ملامحه، حتى وإن لم يتوقف عمله.. الراحل استقل القطار، للانتقال من قرية إلى قرية، يبيع فيها "حظاظات"، ويسعى وراء رزقه.
الشباب كانوا أكثر حماسًا في الجنازة، رغم ذلك لم يُظهر أي منهم انفلاتًا يذكر، يتمتم أحدهم بكرهه للظلم الذي تعرض له زميله الراحل، يسب الثاني فتات "الفلوس" ويقول إنها كانت السبب في موت "عيد"، ويلعن ثالث القسوة في قلوب كان يفترض أنها رحيمة.
على مدخل الشارع غير الممهد، كحال المنطقة الشعبية بالكامل، كانت المقاهي مشغولة بالزبائن، والمحلات مفتوحة للرزق، 3 شباب سمعوا عن الحادث من "فيسبوك"، لكنهم لم يشاركوا في مراسم الدفن.
بعد أن صلى المشيعون على الجثمان، حان وقت خروجه من المسجد إلى المقابر، والمسافة بينهما لا تكمل 3 أمتار، علا الصوت: "لا إله إلا الله"، لكن ظلت مراسم الدفن هادئة، لتكتمل بالدعاء للميت، وعودة المعزين إلى شارع الترب من جديد، ونطق عجوز بصوت هادئ: "سعيكم مشكور.. العزاء بكرة في شارع مبارك".
وقف شقيق الشاب المتوفى مذهولًا، لم ينطق بكلمة واحدة، ولم يحاول إزاحة الدموع التي تنهمر على وجه، اكتفى بحركة من صدره لاحتضان المعزين واحدًا تلو الآخر، وسط أجواء كئيبة بلا صوت.
فيديو قد يعجبك: