"لا دروس اليوم".. أستاذ لبناني يضرب عن العمل تضامنًا مع الثورة
كتبت-رنا الجميعي:
اتخذ جهاد صالح موقفًا شُجاعًا من الاحتجاجات بلبنان، لم يُبالي الأستاذ الجامعي بمكانته، فقرر الامتناع عن إعطاء الدروس بالجامعة اللبنانية الوطنية.
رغم ما أعلنته إدارة الجامعة اللبنانية الوطنية من استئناف الدراسة، منذ يوم الأربعاء، لكن صالح (اسم مستعار) قد اتخذ موقفًا مُغايرًا، حيث كتب على صفحته بالفيسبوك "وفاءً للطالب الذي كنت، والجامعة الوطنية التي بها أحلم، أمتنع عن إعطاء الدروس، سأكون في ميداني الاعتصام في كفررمان والنبطية، وقد آخذ استراحة بين ذروتين لأقرأ "الجنرال في متاهته"-رواية للكاتب الكولومبي جارثيا ماركيز- و"علي بابا والأربعون حرامي".
يوم الأحد الماضي أعلن رئيس الجامعة اللبنانية، فؤاد أيوب، عن تعليق الدراسة وتأجيل الامتحانات إلى وقت لاحق، ثم صرّح يوم الثلاثاء عن عودتها في اليوم التالي، لكن الأساتذة والطلاب كان لهم رأيًا آخر، حيث أعلن تكتل طلاب الجامعة اللبنانية عن رفضهم للعودة مُعلنين "لا تعليم حتى سقوط الحكومة"، نفس الرفض أعلنت عنه هيئة التنسيق النقابية التي تضم روابط ونقابات المعلمين الرسمي والخاص مُوجهة حديثها إلى الطلاب والأساتذة "التحقوا بالمظاهرات"، وبالفعل لم تعود الدراسة بالجامعة حتى الآن.
من بين هؤلاء الرافضين كان صالح الذي أعلن عن اضرابه عن العمل، ليلتحق بالثوار في ميدان الاعتصام بالنبطية، وهي مدينة بجنوب لبنان، الموقف القوي الذي اتخذه صالح كان نابعًا من تذكره بحنين لثوريته حين كان طالبًا في بداية الألفية الثالثة، حيث يحكي الأستاذ الجامعي لمصراوي موقفه حينها "اعتصمنا دعمًا للانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتضامنًا مع أساتذتنا في إضراب سنة 2003 لأربعين يوم".
لم يتوقع صالح الحراك الموجود بلبنان الآن "فاجئنا جميعًا بتوقيته"، لكنه حين فكّر قليلًا بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقع فيها بلد الأرز، وجد أن الاحتجاجات هي نتيجة منطقية لما يحدث، فيشرح صالح النظام الطائفي بلبنان بقوله "النظام الطائفي يتيح للزعماء السياسيين أن يحصلوا على حصة طوائفهم من الوظائف والخدمات، فيوزعونها على البعض من أبناء الطائفة مقابل ولائهم"، أما البقية فهم لا يملكون شيئًا.
وبرأي الأستاذ الجامعي فقد نتج عن ذلك النظام فساد متراكم منذ عقود، وغياب الإدارة الاقتصادية السليمة، وارتفاع الدين العام نسبة للناتج المحلي، وترتّب عن ذلك أيضًا بطالة فئة كبيرة من الشباب "وليس لديهم ما يخسروه، فكسروا حاجز الخوف".
وإذا كان اللبنانيون يتظاهرون الآن بالذات فلماذا؟، فلأن القشة التي قصمت البعير قد ظهرت، وهي إعلان الحكومة اللبنانية ضريبة على خدمة "الواتساب" بحوالي ست دولارات شهريًا.
وقد دخلت احتجاجات لبنان يومها التاسع، وسط دعوات للمتظاهرين إلى اضراب عام في البلاد، وقد وصل عدد المتظاهرين في الشوارع نحو أكثر من مليون شخص، فيما يصل العدد الكلي للسكان إلى خمسة مليون نسمة، وقد قاموا بسد عشرات الطرق رغم دعوة الجيش اللبناني بعدم سد الطرقات.
هناك أسباب أخرى دعت صالح إلى الإضراب، حيث تذّكر موقف الأساتذة في شل حركة الجامعة الوطنية لخمسين يومًا، ففي إبريل الماضي قرروا الإضراب طلبًا لحقوقهم في الراتب والضمان الصحي والمعاش التقاعدي، ويتساءل سلامي "كيف أقنع طلابي بالعودة للدراسة بعد ذلك؟".
لا يرغب صالح أيضًا بخُذلان طلبته الذين رأوا موقفه السابق "ولن أعود للدراسة عند أول إشارة من رئاسة الجامعة".
رغم الغضب بداخل صالح إلا أن شعور الفرحة يتملكه، فأخيرًا يتوّحد الشعب اللبناني رغم الانقسامات الطائفية والسياسية، وتُصبح طلباته واحدة "نريد دولة مدنية لا طائفية عادلة وقادرة"، يحلم صالح بعالم أفضل يبدأ بمحاكمة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، وتأمين حقوق المواطنة الأساسية من خدمات وضمان صحي وضمان للشيخوخة، وخلق فرص عمل جديدة.
"ممتنع عن التدريس حتى إشعار آخر".. ذلك هو موقف صالح الثوري، رغم علمه بإحتمالية حدوث ضرر عليه "من الممكن أن يتم استدعائي من قِبل المسئولين الإدرايين، وربما يكون فيه خصومات مالية".
فيديو قد يعجبك: