معرض الكتاب.. تطور كبير تعكره "المسافة والتعود" والأزبكية غياب
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
مصراوي:
في عام 1975 كان عمر جورج دميان 4 سنوات وكان عمر معرض القاهرة الدولي للكتاب 7 سنوات. وقتها بدأت علاقة جورج مع معرض القاهرة، ذهب مع والده صاحب "مكتبة دار المطبوعات الجامعية" من الإسكندرية إلى أرض المعارض بالجزيرة في القاهرة. ومن هذا الوقت اعتاد الذهب رفقة الأب حاملين كتبهم للمعرض الذي أصبح بمثابة "عيدهم".
حتى عندما ورث جورج وأخته المكتبة، واصل الرجب مسيرة والده بأرض المعارض بمدينة نصر . لم يكن طوال تلك السنوات يعبأ بالمسافة وشحن الكتب ومصاريف الإيجار حتى العام الماضي، لكن تغير الأمر بالنسبة له كثيرًا هذا العام مع نقل مكان المعرض لأول مرة إلى مركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.
بدا معرض القاهرة مختلفا هذه المرة، إذ يحتفل بيوبيله الذهبي في مكان جديد، واسع المساحة، متطور على مستوى الخدمات والتنظيم، لكن كل ذلك لم يكن مرضيًا بالنسبة لـ"جورج" بل كان مزعجًا: "المكان بعيد جدًا على الزائرين حتى بالمواصلات المتوفرة، والمنطقة تعتبر صحراء، أنا توهت وأنا جي من إسكندرية بعربيتي! كمان صعب على الناس تيجي تشتري كتب كتير وتمشي بيها في أكتر من مواصلة، والوقت هيفرق لأن بدل ما تقعد وقت أطول هتضطر تمشي بدري عشان الطريق، غير أن التوزيع مش مناسب، يعني أنا متخصص في كتب القانون وطول السنين اللي فاتت كنا بنتقسم فئات حسب نوعية الكتب، دلوقتي احنا اتفرقنا واللي عايزيني هيدور عليا كتير. لسه قدامنا سنتين أو تلاتة عشان نتعود".
على عكس جورج، يرى إسلام حسني، مدير شركة "كلمات للترجمة والنشر" التابعة لإحدى الشركات الإنجليزية، والذي يشارك في المعرض منذ 2006، أن الإقبال على المعرض في يومه الأول جيد، وأن المواصلات بمختلف أنواعها متوفرة ما يسهل على الزائر المجيء، كما أنه لا يشعر بمشكلة في توزيع أماكنهم لأن الاختيار جاء بناء على قرعة أُجريت في ديسمبر الماضي من جانب اتحاد الناشرين ما جعل الأمر "عادلًا" في وجهة نظره: "مفيش وجه مقارنة بين المكان القديم وهنا. احنا بنسافر كل المعارض الدولية بنشوف النظافة والنظام، وأخيرًا معرض القاهرة وصل للصورة دي، لكن الخيم والتراب والأجواء اللي كانت موجودة في مدينة نصر مكنتش مناسبة ابدًا".
شهد المعرض الذي اتخذ من ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق، والكاتبة سهير القلاماوي، صاحبة فكرة إنشائه، شخصيتي العام، إقبالًا من جانب الشباب خاصة الطلاب منهم، إلى جانب التواجد العربي مع وجود أكثر من جناح لدول عربية كالإمارات، والسعودية، وسوريا، وليبيا، ولبنان، والبحرين، وفلسطين، وغيرهم. وهو ما لاحظه رؤوف عشم، مسؤول الركن الخاص بمكتبة مدبولي الذي يشغل مساحة 72 مترًا. "مدبولي" وهى أحد المنافذ العريقة، كانت حاضرة منذ الدورة الأولى للمعرض، لكن رؤوف لحق بها خلال مشاركتها بالمعرض في سنته الأخيرة بالجزيرة عام 1982، من بعدها أصبح متواجدًا كل عام في أرض المعارض بمدينة نصر: "كنت فاكر أن المسافة مشكلة لكن اكتشفنا أن فيه مواصلات كتير، والإقبال مش هنحكم عليه من أول يوم. احنا بس مشكلتنا في أننا مش متعودين، يعني الرفوف دي بس مش سامحة لنا نشوف الدنيا ومحتاجين عمالة. لكن في المكان القديم كانت المساحة مفتوحة أكتر".
مع الحضور الشبابي كان هناك حضورًا آخر غير مألوف من جانب عشرات الأطفال في ساعات الصباح، زاده غرابه تواجدهم في جناح وزارة الدفاع.
الأطفال، الذين اصطفوا للحصول على "كابات" مرسوم عليها علم مصر، و شعار المعرض، يتبعون جمعية "بسمة اليتيم" الحكومية بمدينة نصر، التي قررت أن تأتي بهم إلى هنا لأول مرة.
شيماء مرسي، المشرفة بالجمعية، تقول: "الأطفال من سن 3 إلى 12 سنة، مش بيسكنوا في الجمعية لكنها تساعدهم. كل مرة نوديهم الحدائق، فحبينا نوريهم حاجة جديدة، يعرفوا معرض الكتاب، ويرسموا ويلونوا في ركن الأطفال، ونشتري لهم قصص تناسب سنهم".
أطفال جميعة بسمة اليتيم
لم يكن هؤلاء الأطفال وحدهم من يشاركون في المعرض لأول مرة، كانت هذه أيضا هي المشاركة الأولى لدول كينيا وغانا ونيجيريا، وشركة storytel السويدية، التي تواجد ممثلو الأخيرة العام الماضي للتعريف بتطبيقهم الخاص بالهاتف المحمول والذي يعتمد على القراءة الصوتية للكتب، لكن هذا العام حضرت الشركة للمشاركة العملية الأولى، واتخذت من منتصف القاعة الثالثة مكانًا لها، وارتدى ممثلوها التي شيرتات البرتقالية وحملوا السماعات لمن يريد من الجمهور التجربة. وإلى جوارهم كانت أكثر فئة قد تستفيد من تلك التطبيقات.
كان ركن جمعية مزايا لرعاية المكفوفين، التي تشارك في المعرض منذ 2010، هو الملاصق لشركة storytel. لكن رئيس مجلس إدارة الجمعية، محمد الزيات، كان رأيه مخالفًا، فهو يفضل الكتب المكتوبة والمطبوعة بطريقة برايل، والتي تملأ الركن الخاص بهم، عن تلك التطبيقات: "الكتاب متاح معايا في أي وقت وينفع أقراه لوحدي. لكن التطبيق ممكن الصوت يفصل أو الشحن، ويحتاج لقارئ من نوع خاص، مدرب ولغته صحيحة". ويوضح أن التفاعل معهم لازال ضعيفا في هذه الدورة نظرًا لتغيير مكانهم، لكنهم يحاولون حل الأمر بتعريف الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى غير المألوف، كان الجناح الأكثر ازدحامًا ولفتًا للنظر هو جناح جامعة الدول العربية، الذي تصدر مدخله صور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع الزعماء العرب، ليس لأن الجامعة هي ضيف شرف المعرض هذا العام وحسب، لكن لأنها أيضًا تبنت مبادرة "كتاب لكل زائر"، حيث قررت أن تعطي كتابًا مجانيًا لكل زائر، على أن تجدد الكتب يوميًا، كما أنها جمعت خمسة آلاف خبر صحفي من جريدة الأهرام في كتاب كبير يستعرض مسيرة الجامعة والعلاقات العربية منذ عام 1945 - وهو عام تأسيسها - وحتى عام 2015، وهو ما شهد التفافا من جانب زائري الجناح.
كان في مواجهة جناح جامعة الدول العربية جناح وزارة الداخلية، الذي كانت أغلبية كتبه تتحدث عن دور الوزارة في مجال حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب، والموضوع الأخير هو أيضا ما حملته أغلب كتب ركني الأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، الذي غلب عليه مؤلفات وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، وأبرزها "داعش والإخوان"، و"الدين والدولة"، و"ضلالات الإرهابيين وتفنيدها".
في تلك الأجواء، حرصت السيدة سوزان عاطف على اصطحاب عائلتها وأطفالها "7 سنوات"، و"12 سنة" لزيارة تلك الأجنحة حتى إذا لم يدرك أطفالها المضمون الذي تحمله تلك الكتب، فهي ترى أنه من المهم أن يتعرفوا عليها.
اصطحبتهم بعدها سوزان إلى المساحة الخارجية المخصصة للطعام، التي تضم ما يقرب من 12 منفذا. يقول أحمد عبده، عامل في أحد منافذ بيع الطعام: "الإقبال كبير من العائلات، وهنا أفضل من أرض المعارض بمدينة نصر بالنسبة لنا، لأن التعامل مع طبقات اجتماعية مختلفة".
كانت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة أشادت " في تصريحات لمصراوي، الأربعاء، بالإقبال الجماهيري على المعرض، مؤكدة أنه أكبر رد عملي على الانتقادات التي تم توجيهها للوزارة بشأن نقله إلى أرض المعارض الجديدة.
وأشارت إلى الجهود التي بذلتها مؤسسات وعلى رأسها القوات المسلحة التي دفعت بأتوبيسات مجانية لنقل المواطنين من المعرض القديم إلى المعرض الجديد بالمجان. تلك الأتوبيسات هى من أنقذت محمد عتريس، الكاتب، الذي يقول إنه ظل لمدة ساعتين ونصف في 3 مواصلات، حتى استقل أحد أتوبيسات القوات المسلحة من أرض المعارض بمدينة نصر ليصل إلى المعرض الذي يشارك فيه منذ 20 عاما، حيث يُعرض له 15 كتابا بمكتبة الآداب، أحدها بلغ أكثر من 2000 صفحة، وهو "القاموس السياسي الشامل": "التنظيم هذه المرة أفضل، لكن المشكلة في التعود والمشوار".
اضطرت أغلب منافذ البيع لزيادة أسعار الكتب نسبيا في ظل غياب بائعي سور الأزبكية بعد مشكلتهم الأخيرة مع إدارة المعرض، لمواكبة أسعار تأجيرهم لأماكنهم. فيقول جورج دميان إن الأسعار زادت حوالي 70% لتأجير مساحات (9 – 18 – 36 - 72) متر، وهى المساحات المقررة من المسؤولين عن المعرض. اختار جورج منها مساحة الـ36 بسعر 1000 جنيه تقريبا للمتر الواحد، غير تكلفة التأمين، شحن الكتب من الإسكندرية إلى القاهرة، وتأجير مسكن له: "لحد السنة اللي فاتت كنت بجيب اللي دفعته من مكسب يوم واحد، لكن دلوقتي بس أتمنى أن أجيبهم بنهاية المعرض يوم 5 فبراير".
فيديو قد يعجبك: