إعلان

قصة عن الإدمان وراء ابتسامة خريجة بأول دفعة لمواجهة تعاطي المخدرات

09:08 م الأحد 30 سبتمبر 2018

حفل تخرج

كتب- محمد مهدي:

حين صعدت "يمنى عادل" على مسرح قاعة الاحتفالات بجامعة القاهرة، للحصول على شهادة التخرج في أول دفُعة لمواجهة تعاطي المخدرات، التي نظمها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بالتعاون مع كلية آداب، علت وجهها ابتسامة كبيرة، لم تكن مجرد تعبير عن سعادتها بالنجاح، لكنها حملت خلفها قصة رافقتها لنحو 8 سنوات "حلمت باليوم دا وأنا لسه في أولى ثانوي" تذكرها بحماس.

1

عودة إلى الماضي القَريب، في عامها الدراسي الأولى عايشت الشابة تجربة صعبة لأحد المقربين من العائلة "أخو صديقتي، كان في سننا، بدأ يشرب مخدرات مع أصحابه، ثم الموضوع راح لسكة أصعب" رغم سنه الصغير لكنه اندمج سريعًا في دنيا التعاطي حتى وصل إلى مرحلة "البودرة" ومن وقتها تحول الفتى لشخص آخر "كان بيعمل أي حاجة عشان يجيب المخدرات، وأهله حاولوا معاه لكن فَشله".

أمام أعين الجميع بات الشاب الصغير يذبل، خاصة بعد إصابته بفيرس خطير نتيجة لاستخدام "السرنجات" المستعملة والمتداولة بين متعاطي المُخدرات "كان نفسي أساعد، بس المشكلة إننا كنا عاجزين مش عارفين نتعامل إزاي" حينها لم يكن هناك توعية واهتمام بشأن الإدمان "ومكنش فيه أماكن احترافية ومحترمة بتعالج" ساءت حالته يوما بعد يوم حتى استيقظوا ذات يوم ليجدوه قد فارق الحياة.

في تلك الأيام الصعبة التي مرت على أسرة الشاب كان هناك سؤال يُكرر نفسه داخل عقلها "إزاي شخص يروح للحاجة اللي بتأذيه وهتموته؟" ازداد وقعه حين علمت أن أحد الزملاء في المدرسة الثانوية ارتكب جريمة بعد تعاطيه جرعة كبيرة من المخدرات "قتل واحد وهو تحت تأثير المواد اللي كان واخدها" هنا شعرت بأن عليها القيام بشيء ما، لا يمكن الوقوف عاجزة عن المساعدة.

"من وقتها اهتميت بعلم النفس، وبدأت أقرا عن الإدمان كتير" تزودت بكل ما يمكن أن تعرفه في سنها عن تلك المساحة المظلمة من وجهة نظر العلم والطِب، وبعد حصولها على الشهادة الثانوية كانت وجهتها واضحة، الالتحاق بكلية آداب قسم علم النفس "حلمت إني أبقى معالجة إدمان، ولقيت الكلية ممكن تساعدني في دا" لكنها فوجئت خلال السنوات الدراسية صعوبة الأمر "بنتعلم حاجات قليلة، ولازم أدور على فُرصة تانية بعد التخرج".

حزن امتلك الشابة العشرينية عند اقتراب تخرجها من الجامعة "مكنتش لاقية دبلومة متخصصة في الإدمان، وكنت هضطر أعمل دبلومة في حاجة تاني" غير أن القدر حمل لها مفاجأة سارة "لقيتهم بيعلنوا عن أول دبلومة لصندوق الإدمان، فحسيت إنها علامة وإن اختياري للكلية كان صح" سريعًا ما تقدمت بكل الأوراق المطلوبة للدبلومة.

على مدار عام، درست "يمنى" 10 مواد، تراوحت بين النظري والعلمي، تذهب إلى الجامعة بسعادة وحماس بالغ، تكتشف مع الوقت سِر السؤال الذي طالما شغلها "الناس بتروح للحاجة اللي بتأذيها لأسباب عضوية ونفسية، الأولى سهلة بس التانية أصعب" وهو ما أدركته حينما التقت بأشخاص يعانون من الإدمان في مستشفى القصر العيني.

2

جزء من الدبلومة هو تطبيق الدراسة بصورة عملية "كنا بنروح نقابل حالات، بنقعد معاهم ونقيم وضعهم ونحاول نعالج" يحدث ذلك من خلال إشراف من المستشفى "بيكون معانا مُشرف، عشان عامل الأمان والمتابعة" قلق انتاب قلبها في البدايات لكن سريعا ما تخطت الأمر وصارت تمارس دورها بسهولة ويسر.

عادت الفتاة من تلك التجربة منهكة، لكنها تُذكر نفسها دائمًا "بإن دا اللي عايزة أعمله، إني أساعد الناس اللي بتدمن المخدرات" حين تراها الأم تُبدي خوفها وعدم رضاها عن خوض هذا الطريق الصعب "كانت قلقانة وحاسة إن الموضوع قاسي عليا كبنت" لكن سرعان ما بدأت في دعم ابنتها "وبقيت أكبر مشجعة ليا".

3

بعد عام من الدراسة، بات الحلم حقيقة واقعة بين يديها، سعادة بالغة سرت داخلها لحظة حصولها على شهادة التخرج "دي أسعد لحظة في حياتي" التفوق الدراسي والجاهزية لتنفيذ الوعد الذي قطعته على نفسها منذ سنوات، صار لديها الآن القدرة على الحفاظ على أرواح هؤلاء الذين يقودون أنفسهم إلى التهلكة "بشتغل دلوقتي كمتطوعة في صندوق الإدمان، بمارس دوري كمعالجة نفسية في عدد من المستشفيات الحكومية" تقولها بفخر.

فيديو قد يعجبك: