بالصور- رحلة إلى "التلفزيون الكبير".. أطفال في "السيما" لأول مرة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
-
عرض 12 صورة
كتابة وتصوير- شروق غنيم:
لحظات مُدهشة يختبرها الأطفال لأول مرة؛ في سينما زاوية تبدّل الحال حينما وفدت حافلات مُحمّلة بأطفال من ثلاث مؤسسات مختلفة، بين المعنية برعاية الفتيات المعرضات للخطر، مدرسة من البساتين، وجمعية تهتم باللاجئين. كالصفوف المدرسية اصطّف الصغار وراء بعضهما، في انتظار تجربة السينما لأول مرة في حياتهم.
داخل القاعة الرئيسية؛ اتخّذ الأطفال أماكنهم، يتأملون المكان في ابنهار، تتّسع حدقاتهم فرحًة بالشاشة الكبيرة التي تستقر أمامهم، بينما تقبض أياديهم بأكياس الفشار الممتلئة والمُستعِدة لمنحهم حالة "السيما" كما يرونها في الأفلام، وما إن انطفأت الأنوار لبدء عرض الفيلم، حتى شّهق البعض مناديًا "يامّي". ظّن الصغار أن الأنوار قد انقطعت، ليس لأن ذلك ضمن طقوس المشاهدة "ما إحنا عمرنا ما جينا حاجة زي كدة" تقول نور ابنة الـ12 ربيعًا.
في ظلمة مُحببة وصمتٌ مُطبق إلا من خرفشات الفشار، كان أكثر من مائة طفل تتحرك أعينهم يمينًا ويسارًا مع شاشة السينما، يتابعون عن كثب الفيلم الأفغاني "The Breadwinner" يعود بهم إلى عام 2001، حينما أحكمت حركة طالبان سيطرتها على البلد الأسيوي، تلتهم "باروانا" بطلة الفيلم الأرز الممزوج بالزبيب رفقة أسرتها، فترتفع أيادي الصغار إلى أفواههم في حركة عفوية مبتلعين الفشار.
لم يكن هذا المشهد جديدًا على سينما زاوية، قبل أكثر من عشرة أعوام انطلق برنامج بانوراما الفيلم الأوروبي، يضم أفلامًا روائية ووثائقية وقصيرة، أرادت شركة أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين) المنشئة للبرنامج أن تضع أفلامًا مختلفة أمام جمهور السينما في مصر الذي اقتصرت دور العرض على الأفلام الأمريكية فقط.
ومع البانوراما بدأ برنامج التعليم والسينما، إذ تبني تواصلًا مع مؤسسات وجمعيات خيرية وخدمية مهتمة بالطفل، ثم تُعد عروضًا خاصة خلال عروض بانوراما الفيلم الأوروبي. تعاقب مسؤولين عِدة عن إتمام هذا البرنامج، فيما تُديره هذا العام ميار قطب.
انتقت الفتاة العشرينية سبع جميعات للعمل معهم هذا العام، من أنقذ فتيات بدون مأوى، مدارس في مناطق نائية، وأخرى تهتم بتدريب الأطفال في المناطق ذات المستوى التعليمي المنخفض، وخلال إحدى عشر يومًا حيث عمر برنامج بانوراما الفيلم الأوروبي، يخصص لكل منهما يومًا منفردًا أو بصحبة جمعيات أخرى.
بين أفلام الرسوم المتحركة (أنيميشن)، وثائقية، وروائية، تنقّل برنامج الأطفال في مراحل مختلفة، يفد إليه أطفالًا من الثامنة وحتى الخامسة عشر، تُراعي ميار نوعية الأفلام لكل فئة "بنعرض مثلًا أفلام أنيميشن للي سنهم صغير لإنهم لسة مش متعودين على قراية الترجمة بسرعة، فالكارتون والرسومات هيقدروا يفهمومها وهتكسر حاجز اللغة عندهم".
مع الواحدة والربع ظهرًا؛ اصطبغت قاعة السينما بألوان الفيلم الأفغاني، رغم قتامة أحداثه إلا أن الحركة والموسيقى خففت من وطأة الأمر، يحكي الفيلم عن دولة أفغانستان من خلال قصة البطلة باروانا، تتقلّب معيشة أسرتها في معاناة بسبب نظام حكم طالبان المُتشدد، يُعتقل الوالد لأنه يعلم فتياته القراءة والكتابة، يصبح البيت بدون رجل، وكذلك عائل، فتدّبر الصغيرة باروانا الأمر، تتخلى عن مظهرها الأنثوي، تبتر شعرها المُنسدل، وتنتحل شخصية فتى حتى تتمكن من التجول بحرية في شوارع بلدتها ومن ثم تُمسي عائل المنزل.
تتسارع الأحداث داخل الفيلم، تتصاعد وتيرة التوتر، الخوف، يتسلل الشعور إلى نفس الأطفال حتى وإن لم يفقهوا بعض أحداثه أو سياقاته التاريخية، مع انتهاؤه شرعت إدارة البرنامج في إدارة مناقشة عنه، في كل مرة يحدث ذلك تنبهر ميار "قبل كل فيلم، بحس إنهم ممكن يزهقوا، ميحبوش الفيلم أو ميفهمهوش مثلًا"، لكن عكس ذلك تمامًا، ما إن انفتح الحوار، كان يتقافز الأطفال في حماس من أجل المشاركة.
من شرق البساتين، جاء قرابة 80 طفلًا، مُحملين بأفكار خيالية عن ماهية السينما، حين قالت لهم سلوى طايع، مديرة جمعية الوِد الأخوي عن الفعالية، تطلعوا للتجربة بشغف "بقوا يسألوني هي دي اللي بيبقى فيها تلفزيون كبير؟"، فيما أخذت المعلمة تُعيد عليهم تعليمات واجب اتباعها، فيما لم تُفصح عن شكل الحدث حتى يكتشفوه بذاتهم.
عام 2007 ارتكزت دعائم الجمعية داخل منطقة البساتين، فيما اسميت بـ"الود الأخوي" عام 2014، تحكي طايع عن اهتمامهم بقضايا التعلم غير التقليدي في المناطق الأكثر فقرًا، والتي لا يتسنى لأهلها فرصة حسنة في التعليم "بنعلمهم بشكل مختلف عن المدارس عشان وعيهم يزيد، فيما جاءت السينما من خلال مؤسسة أخرى تسمى ستينج "في توأمة بينا، والمتطوعين هناك عرضوا علينا الفكرة وإحنا وافقنا".
كانت مفاجأة بالنسبة للمعلمة سعادة الأطفال بالفيلم وتجربة السينما "رغم إن الحدوتة تقيلة شوية على طفل، بس يمكن الرسومات وشكل البيوت العشوائي شبه بيوتنا في عزبة النصر، وبغض النظر عن الاختلاف في الأحداث السياسية، لكن الظروف المعيشية الصعبة تشبه اللي بيمر بيه الأطفال، يمكن عشان كدة لمس الفيلم حتة منهم حتى لو صعب".
الحماس تملّك من كل طفل داخل السينما، حتى أن نورا جاءت إلى المكان بينما لا تزال تحمل شنطة دروسها "أول ما خلصت جيت على طول"، قدمت الصغيرة رفقة مؤسسة سفرية، التي تتنوع جنسية أطفالها، فيما يكثر القادمين من السودان. في البدء شعرت صاحبة الاثنى عشر عامًا بتوتر "عمري ما روحت سينما أو حتى شوفت فيلم أجنبي، حسيت إني مش هعرف أقرأ الترجمة عشان بتمشي بسرعة، بس حاولت ألقّط الكلام مع بعضه وعرفت افهمه".
كذلك فعلت قرابة تسعين فتاة من جمعية بناتي، المعنية برعاية الفتيات ممن قضين معظم حياتهن في الشارع، تحكي منسقة الأنشطة بالمؤسسة دينا صالح عن أول تجربة سينما في حياة الصغيرات "مبهورين بشكل المكان وتفاصيله وكمان الفيلم، وسعادتهم بالحدث هتخلينا نكرره تاني".
رغم كون أحداث الفيلم دسمة "وممكن تبقى صعبة على شوية منهم"، إلا أن الأطفال فطِنوا مغزاه، يحكون عنه في بساطة، تقف ملك ذات الاثنى عشر عامًا وسط القاعة المُحتشدة، تُبدي إعجابها ببطلة الفيلم، تتعثر في نُطق اسمها لكنها تقول في براءة "حبيت شجاعتها وإزاي قدرت تنقذ باباها"، فيما تحكي بسنت عن قوة البطلة "إنها تاخد حقها من الناس الوحشة"، بينما تأتي آيات ذات الأربعة عشر عامًا بتعليق عام عن تجربتها المدهشة داخل السينما "أنا حبيت الشاشة الكبيرة قوي، وكمان الشباك اللي ورا اللي بيطلع منه الفيلم".
فيديو قد يعجبك: