إعلان

قريب من الرئيس ونجم سينما..جولة في حياة أشهر مذيع "نشرة" في مصر (2-2)

05:02 م الثلاثاء 13 نوفمبر 2018

المُذيع خيري حسن

حوار- محمد مهدي:

حين كان المُذيع خيري حسن، يجلس داخل ترام مصر الجديدة، أو يمر في طُرقات وسط البلد، مشدوهًا لحياة العاصمة وبريقها، لم يكن يتوقع أن يتحول لأحد أشهر الوجوه المُطلة على المصريين عبر التلفزيون، أو دخوله لعوالم الرؤساء والسينما، لم يُفكر وقتها في شيء سوى الاستمتاع بالتجربة، بُكل لحظة يعيشها في القاهرة، وهو ما حافظ عليه حتى الآن. أن يستمتع قدر إمكانه.

في الجزء الثاني من حوارنا مع المُذيع الكبير، نتطرق إلى علاقته بالرؤساء، المواقف التي جمعته معهم من بينها اللحظات الأخيرة في حياة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، واقترابه من الرئيس الأسبق محمد حسني مُبارك خلال زياراته الخارجية، وأيضًا يُحدثنا عن دخوله عالم السينما، أبرز الأفلام التي شارك بها، تعاونه مع المخرج شريف عرفة، والفنان عادل إمام، ولماذا رفض الظهور في أدوار مختلفة عن المُذيع؟.

لم يلتقِ خيري بالسادات وجه لوجه من قَبل، لكن القدر جعله على بُعد أمتار من الرئيس السابق في أكثر لحظاته إثارة ودراما "بيسفرونا كل سنة في احتفالات أكتوبر نغطيها من المحافظات والقواعد العسكرية في سينا، لكن المرادي الوضع اختلف" قرر الإعلامي صبري سلامة الاستعانة بمُذيع آخر برفقته، واختار خيري لذلك "طبعا اعتبرتها خطوة كويسة" وفي الصباح الباكر تحرك من مبنى الإذاعة والتلفزيون لمنطقة الاحتفالات.

اغتيال السادات

"كنا هنتخانق واحنا داخلين الاحتفال، بسبب التشديدات الأمنية" زحام شديد، قوات أمن في كُل مكان، انتقلوا سريعًا إلى غُرف زجاجية بجانب المنصة التي يجلس عليها الرئيس، صُنعت لهم خصيصًا من أجل إذاعة الحدث الهام، حضر الرئيس ومع أحد أحفاده وبجواره عدد من سفراء الدول العربية وكبار رجال الدولة، على مرمى البَصر من المُذيع الشاب وقتها، وخلفه في مكان آخر تجلس زوجته وبناته رفقة فايزة كامل، بدى أن الأمن مُستتب قبل أن يبدأ العرض العسكري.

المُذيع خيري حسن (2)

الطائرات تحوم في السماء، الجيش يستعرض قوته ومعداته، الرئيس يُشير بيديه يُحيي جنوده، ابتسامة ثقة تعلو وجهه، من حين لآخر يُحدث الجالسين بجواره قبل أن ينظر إلى العرض مرة أخرى، ثم فجأة طلب من فني بالإذاعة الاقتراب وحمل حفيده إلى حيث تجلس زوجته، ارتبك الحرس الرئاسي، لبى نداء الرئيس بدلًا من الفني، لكن السادات أصر على عودة المُجند إلى مكانه ومنح الطفل للعامل بالإذاعة "كل دا شوفته بعيني، الغريبة إن بعد لحظات بالظبط بدأ الضرب".

حالة من الهرج والمرج انفجرت فجأة بالمكان، ترجل "خالد الإسلامبولي" عن سيارته العسكرية المارة في العرض، وجه سلاحه إلى المَنصة، نيران عشوائية، ليسقط الرئيس غارقًا في دمائه "الحارس اللي رجعه السادات لمكانه أول واحد مات، والمنصة كلها بقيت دم، لقينا روحنا بنمشي من المكان بسرعة" توجه إلى الخارج "لقيت عربية نص نقل ركبتها للتحرير" لم يتوجه إلى بيته، ذهب إلى "ماسبيرو" ليكتشف أن الحرس الجمهوري سيطر على المكان وباقي الأماكن الحيوية بالبلاد.

إنقاذ موقف

أمام الميكروفون أذاع خيري خَبر إصابة الرئيس وليس مقتله "مكناش بنكدب على مصر، كنا بنكدب على الإرهابين" وصلت إلى مسامعه إعلان أسيوط عاصمة للدولة الإسلامية ومحاولتهم الاستيلاء على عدد من المحافظات "كان لازم يعرفوا إن الرئيس لسه مماتش، عشان يتم إجهاض خطتهم" كانت الأجواء مُربكة، الخوف امتلك الجميع، اغتيال الرئيس حدث كبير لم تعهده البلاد من عقود "دا زود الحس الأمني عندنا كلنا، وأنقذنا في مبنى الإذاعة من كارثة كبيرة كانت هتحصل".

بعد اغتيال السادات بساعات، كان أحد العاملين بالإذاعة يتحرك في المكان بريبة، عيناه زائعتين، حركته مرتبكة، فتم إبلاغ الأمن على الفور "طلعوله، بيفتشوه لقوا شريط في بطنه، كان هيذيعه، عليه إعلان ثورة إسلامية في البلاد" أُلقي القبض عليه ونقله إلى أحد السجون "كانت هتبقى مصيبة كبيرة لو دا حَصل".

لم تمر التجربة دون أن يتعلم "خيري" أمر جديد في المهنة "مصور بي بي سي، فضل في مكانه وهو الوحيد اللي صور الحدث، حسيت لحظتها إن المهنة بتحتم على الواحد إنه يكمل في شغله مهما حصل" خاصة أنها أصبحت المشاهد الوحيدة التي وثقت لهذا الحدث الكبير في مصر والعالم.

المُذيع خيري حسن (5)

جولاته مع مُبارك

نظرًا لخبرته، كان "خيري" أحد المُذيعين المُرشحين دائمًا للسفر مع الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في زياراته الخارجية "في الطيارة كان بينادي علينا نقعد معاه، نتكلم شوية ونسيبه، بس أقرب ناس له كانت مصطفى الفقي وفاروق الباز" يحافظ دائمًا المُذيع الكبير على مساحة بينه والرئيس، لا يتحدث كثيرًا، يكتفي بالحوارات السريعة، لكنه لا ينسى ما جرى في إحدى المرات عند عودتهم من دولة أفريقية "مبارك طلب بشكل مفاجيء إننا ننزل في الأقصر عشان نشوف السياحة عاملة إيه".

حطت الطائرة في مطار الأقصر، خرجت سيارات الرئاسة إلى الشوارع الرئيسية "طلب إننا نوقف أي أتوبيس ونركبه" حينها كان الهدوء يعم المكان، عثروا على حافلة فارغة إلا من قائده، صعدوا إليه "قالولي احنا معانا الرئيس ومحتاجين نتحرك معاك" صرخ الرجل ظن أنهم يسخرون منه "رئيس إيه؟ أنتوا عايزين مني ايه؟" ظل يصرخ لم يكف عن فعلته إلا عند رؤية "مبارك" أمامه. اندهش الرجل وألقى التحية على الرئيس "تحت أمرك يا باشا" وانطلق دون كلمة نحو عدد من الفنادق تجول بها قبل أن يغادر المحافظة.

محاولة قتل مبارك

كان من المفترض أن يُسافر خيري في طائرة مبارك خلال رحلة أديس بابا 1995 لحضور القمة الأفريقية، لكن ابنه أصر على عدم السفر تلك المرة "أول مرة يعمل الحركة دي، فقلقت واعتذرت عن السفر" حين ذهب الرئيس المخلوع إلى أثيوبيا، تعرض لمحاولة اغتيال على يد مُسلحين، لكن الحراسة قتلت 5 منهم وتراجعت إلى المطار مرة أخرى "قولت كويس إني مرحتش لأن الوضع كان صعب".

في طريق موازي للأحداث الهامة، نَشرت الأخبار، تغطية الكوارث والحروب، كان خيري يشق طريقًا جديدًا في السينما، علاقته بدأت بها منذ وصل إلى القاهرة، يعشق مشاهدة الأفلام في دور العرض، لايزال يتذكر وقوفه في طابور ضخم لمشاهدة فيلم "أبي فوق الشجرة" من بطولة عبدالحليم حافظ "مكنش معايا بطاقة، وفضلت أقرا قرآن عشان الراجل على البوابة يدخلني لأنه كان للكبار فقط" يذكرها مازحًا، وبعد سنوات وقف الرجل أمام الكاميرات لتصوير مشاهد في عدد من الأفلام البارزة بتاريخ السينما المصرية.

كلاكيت أول مرة

في البدء كان محمد السُبكي، يبحث المُنتج الجديد حينها على مُذيع لأحد مشاهد فيلم "عيون الصقر" من بطولة نور الشريف، رَشحه أحد المخرجين بعد تعامل سابق بينهما في إحدى الإعلانات "اتقابلنا في استديو مصر، لقيت المعاملة لطيفة، والفكرة عجبتني" وافق على الفور، وفي اليوم المُحدد للتصوير وقف أمام المخرج إبراهيم الموجي، أنصت لتعليماته، ودارت الكاميرا.

قبلها بأعواد طلبت الفنانة "نادية الجندي" مشاركته في فيلمه "عزبة الصفيح" على أن يلعب دور مُساعد جامع القمامة "قولت أخد موافقة التلفزيون الإذاعة والتلفزيون الأول" رفضت مديرته "قالتلي إزاي الناس تشوفك بتجمع زبالة في السينما وكمان شوية بتقولهم النَشرة" نصحته بأن يوافق على أدوار تخص عمله كُمذيع فقط "سمعت لنصيحتها على طول، مشتركتش في الفيلم ورفضت عروض كتيرة من بعدها".

من بين تلك العروض حينما حاول المُخرج شريف عرفة إقناعه بتقديم إعلان لإحدى شركات السمنة، يظهر متحدثًا عن المُنتج بطريقة كمذيع، لكنه استعاد كلمات مديرته في ذهنه وأبلغه عدم قدرته على تنفيذ الإعلان رغم المغريات المادية التي طُرحت عليه، غير أنه تعاون معه في أفلام سينمائية من بينها "الإرهاب والكباب" للنجم عادل إمام و"عبود على الحدود" للنجم الراحل علاء ولي الدين.

كوميديا علاء ولي الدين

في الفيلم الأخير، لم يكن دور خيري يقتصر على قراءة نَشرة الأخبار، لكنه أدى مشهدًا كوميديًا أمام علاء ولي الدين وباقي نجوم العَمل "المشهد كان ارتجالي، شريف عرفة حكالي الموقف وقالي اتعامل كأنه حقيقي" حين انتهى التصوير أشاد عرفة بأداء المُذيع الذي زاد شغله بالتمثيل وتوالت أعماله في السينما والتلفزيون التي وصلت إلى 22 عمل أخرها "فرقة ناجي عطا الله".

دعابة يوسف شاهين

من الأشياء التي يعتز بها خلال مسيرته في السينما، الوقوف أمام المُخرج "يوسف شاهين" في فيلم العاصفة "الفيلم إخراج خالد يوسف، بس المشهد بتاعي اللي أداره شاهين" كانت عليه دور كبير في قراءة كافة نشرات حرب الخليج التي يتعرض لها الفيلم، قبل بدء التصوير صرخ شاهين في المساعدين "الجاكيت دا مش هينفع عشان الكروما، هاتوا واحد تاني من المخزن" حين منحوه لخيري "لقيت قديم وريحته وحشة" نظر إلى المخرج الكبير "قولتله أنا من خبرتي.. واثق إن الجاكيت دا أنت لبسته في باب الحديد" فانفجر شاهين بالضحك رفقة المُذيع الكبير. تلك أيام لا تتكرر كثيرًا.

المُذيع خيري حسن (1)

اقرأ أيضاً:

كوارث ومظاهرات وفنانون.. جولة في حياة أشهر مذيع "نشرة" في مصر (1-2)

فيديو قد يعجبك: