بالصور- تفاصيل الغضب والفزع في "عَطلة" مترو الأنفاق
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتب- محمد مهدي:
داخل العربة الأولى بالمترو المكيف رقم 192 المتجه إلى حلوان، جلس الركاب يتأففون من حرارة الجو، بعضهم لجأ إلى فتح الشبابيك لكن رجل خمسيني نهرهم "التكيف شغال.. شوية وهنحس بيه"، المذياع يُشير إلى الوصول لمحطة "السيدة زينب"، ثم تابع عند تحرك القطار "المحطة القادمة الملك الصالح، سيتم فتح الباب جهة اليسار"، قبل أن يقف القطار فجأة محدثًا صوتًا أشبه بفرقعة، اهتزت العربة، فزع الركاب، كاد رجل مسن أن يسقط، ثم جاء صوت السائق "القطار اتعطل، فيه مشكلة في الكهرباء، ارجو الهدوء وهنتحرك بعد شوية"، اعتقدوا في البداية أن الأمور ستُحل في غضون دقائق لكن الوقت مضى دون أن يحدث شيء "ما هي كانت ناقصة" قالها شاب عشريني توجه ناحية الباب الفاصل بين العربة وقمرة القيادة.
بعد لحظات من محاولة الركاب الطرق على الباب الموصل لقمرة القيادة، خرج السائق، أبلغهم أن عطلًا مفاجئًا حدث في القطار "كابل وقع على المترو والانتوجراف باظ"، لم يفهم أحد توضيح الرجل ليُكمل "حصل حاجة زي قفلة، الكهربا فصلت ومش هنقدر نتحرك دلوقت"، ثم أغلق الباب من جديد، انتظر الركاب مرة أخرى، الحرارة تشوي وجوههم، العرق ينساب على جسدهم، الضيق يملًا صدورهم، اندفع فتى لم يُكمل العشرين نحو بوابة الدخول "احنا لازم ننزل"، انقض على مقبض الفتح الخاص بالطوارئ، حاول الركاب منعه لكنه أصر، غير أن البوابة فُتحت فجأة قبل أن يتم فعلته "يلا نروح لأقرب محطة" ذكرها ثم قفز على المنطقة الموازية للقضبان.
الشباب ثم الفتيات غادروا القطار على الترتيب، لكن كبار السن من الرجال والسيدات ترددوا لدقائق، ثم بدأوا في النزول على الأرض بمساعدة الآخرين والرعب يطل من أعينهم "يا جماعة المترو ممكن يتحرك في أي وقت وهتبقى كارثة" لفظها بخوف رجل ثلاثيني، جعل الناس تتوقف، ثم عاد صوت القائد من جديد "ارجوكم الهدوء، هنتحرك حالًا"، ابتعد الركاب عن القطار، من بالداخل جلسوا في مقاعدهم بينما التوتر يسري في قلوبهم، ثم تحرك القطار للخلف "متخافوش هأرجع لمحطة السيدة زينب" لم يُكملها السائق حيث توقف من جديد فجأة مع شرارة نار ظهرت أعلى العربة ليسود الهلع ويعلو الصراخ.
اندفع الجميع نحو البوابة المفتوحة، قفزوا سريعًا، رجل كفيف صرخ "يا ولاد محدش يسبني"، أفراد من الفنين التابعين للمترو قدموا إلى المكان، تناقشوا سريًعا مع السائق ثم وجه أحدهم حديثه للركاب الباقيين "اللي يعرف يتحرك لوحده ويوصل لأقرب محطة أحسن له، لان المسألة هتطول"، فيما يبدو الأسى على السائق العاجز عن التصرف "دا شيء خارج عن إرادتي، الموضوع داه يخلي الخط كله يقف".
أفواج من الركاب يتحركون تحت وطأة الشمس بجانب القطار، بعضهم على القضبان، يتجهوا إلى محطة السيدة زينب، سيدات يحملن أكياس ممتلئة عن أخرها بالطعام، يتحركن ببطء، يتعثرن أثناء السير، رجل خمسيني يجلس وبجواره "كراتين" عديدة يُحدث شخص عبر هاتفه "مش عارف أعمل إيه.. مستحيل اتحرك بالكراتين اللي معايا، والقطر عطلان"، مجموعة من الطالبات بكلية حقوق جامعة حلوان تبكين "عندنا امتحانات كمان شوية، كدا هيضيع علينا"، التيه هو سيد الموقف، على مَد البصر يظهر قطار آخر مُعطل، يبدو أن العذاب لم ينتهِ بَعد.
التحم القادمون من القطار المكيف، مع الأفواج المندفعة من القطار الآخر المعطل، لكنهم سرعان ما استكملوا طريقهم نحو أقرب محطة، تاركين الآخرين غاضبين لا يعلموا ما حدث، يقفون بجوار قمرة القيادة، يوجهون السباب والإهانات إلى السائق، يحاول الأخير شرح الأمور "دا عطل كهربا، وبيحاولوا يصلحوه" لا أحد يستمع، يحاولون كسر البوابة، بعض يسخر "طيب كل واحد يدفع 5 جنيه ونجبله حبة كهربا يعني" يتمالك الرجل أعصابه، لدقائق، يستمروا في توجيه اللوم له فينفعل غاضبًا "لو معايا شرطة مكنش حد تجرأ وعمل كدا"، ليزداد الغضب.
الطريق الضيق الموازي للقضبان صار ضيقًا، اشتد الزحام، اقترب الجميع من رصيف محطة السيدة زينب، المكدسة بالمئات، يحاول رجال الأمن تنظيم الأمر، صراخ هنا وهناك، دعوات تنهال على رأس العاملين بالمترو، الغضب يستشري بين الصفوف، يتسأل البعض عن وسيلة أخرى بديلة للمترو لاستكمال طريقهم، الإذاعة الداخلية تعلو فوق صوت الحضور "المتجه إلى حلوان يتجه إلى رصيف المرج" يكُررها القائل مرات عديدة فيستمع الناس وينتقلوا إلى الرصيف الآخر، يأتي قطار يحمل عددا لا بأس منه من الركاب وينطلق بعكس سيره إلى حلوان مُطلقًا نفيره لإبعاد الواقفون على القضبان.
بعد دقائق وصل قطار ثان وثالث، تكدس الركاب بداخلهما، يتحركان ببطء، العرق يحتل الأجساد، رائحته تزكم الأنوف، المراوح لا تعمل، لم يحتمل البعض، عند وصوله إلى محطة المالك الصالح، خرجوا متجهين إلى الشارع، ليجدوا العشرات يصطفون أمام أحد محلات العصائر القابع أمام المحطة، رجلان في سن الخمسين منشغلان بطلبات الزبائن، أحدهم يعصر، والآخر يُسقى العطشى أكواب "القصب" المثلج في عجالة، يمازحه أحد الشباب "مصائب قوما عن قوما يا سيدي.. رزقك" قبل أن يستكمل الجميع حركتهم في محاولة جديدة للوصول إلى وجهتهم.
فيديو قد يعجبك: