عم فولي.. ابن المطرية يتعلم الثورة على الطريقة الإنجليزية- فيديو
كتب- أحمد الليثي:
34 عاما مرت بين اللحظتين، لكنها تشابهت في مخيلة عم فولي، بين الطفل الذي لم يتخط عامه الرابع عشر، والرجل الذي قارب الخمسين، في ميدان المطرية يناهض حكم السادات، فيوصم ضمن ''الحرامية''، وتتهتك حنجرته بالهتاف ضد مبارك في ميدان التحرير، فيوصف بـ''العميل''، في يناير 77 تلقى قنبلة غاز ركض على أثرها وهو يضحك، وفي يناير 2011 أصابه السعال، كمن وضع رأسه في جوال شطة، أحس بأن رأسه تطقطق، التكنولوجيا صنعت الفارق، والعجز عجل بالتعب، يسيل الماء من أنفه لا إراديا، وتحتقن الكلمات في فمه، يقاوم الانهيار، وتتعثر قدماه، يجري نحو شارع باب اللوق، فيلتقطه مراسل قناة ''cnn''، نحيف، يعاني نوبات الغاز هو الآخر، يفتح في وجهه الكاميرا، فيُخرج عم ''فولي'' غل السنوات في وجه العالم، وبلغة تصل إلى من يعتقدون أن شعب مصر غافل.
''دي حكومتي جاية عشان تموتني.. وأنا معنديش أكل في البيت ليا ولعيالي.. وأنا هنا عشان أموت'' قالها –بالإنجليزية- بحرقة من حمَلَ الثورة في جعبته ولم يجد من يسانده، من ثار آلاف المرات بينه وبين نفسه، من سُدت في وجهه السُبل ''قلت أوصل رسالة للعالم بلغة تانية.. عشان يعرفوا إحنا مين ومين بيحكمنا''.
حين أبصر لحظات سقوط ''بن علي''، فرت من عينه الدموع، حدَث روحه ''هو إحنا أقل منهم''، فيما كانت بشائر الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير، إيذانا بانتعاش لا ينساه، نشوة غمرت روحه، انتشاء علا محياه، دقت الساعة المتعبة، الساعة تشير إلى الثانية ظهرا، حاول دخول الميدان فاعترضه ضابط وهو يقول ''دول شوية عيال ميجوش 500 نفر''، لم يأبه ''فولي'' للكلمات، وضع يده على كتف الضابط، لامس سلطته/النجوم، وهو يقول بفم يعرف معنى الانتصار ''كلها دقايق والثورة تقوم ما تخلي''.
لحظات داخل الميدان لا تغيب عن باله، عن تلك المناظرة التي أقامها هو وسيدة ارستقراطية وشاب ملتحي مع أحد قادة الداخلية، تحلقوا حوله يعنفونه على رش المتظاهرين بالمياه وقت صلاة العصر، يرد ''الباشا'' بتأفف ''هو ده مكان صلاة؟''، يباغته الملتحي ''جعلت ليا الأرض مسجدا''، تهاجمه السيدة الخمسينية ''مش هتنضفوا بقى''، فيرد في كِبر ''إحنا بنحميكم''، يكاد عم فولي يقبض على رقبته وهو ينفث غضبه بانفعال ''أنت بتحمي النظام اللي معينك، وبكرة تدوّر على حد يحميك.. نظامكوا رايح مش راجع''، يتقهقر الضابط بعيون منكسرة، فيما يشعر عم فولي ورفاق المناظرة بالنصر.
الدولة تحارب شعبها بالطوب، في موقعة الجمل تيقن أن مبارك ينهار، مضت أيامه وصحبة التحرير متقلبة؛ يرتع في الميدان، يغني حبًا في مصر، يحتفل بعودة الروح، يركض من نيران الشرطة، يناوش الأحلام، ويبكي على الشهداء.. آلاف الأحاسيس تنهال على رأس الرجل الأربعيني لأيام لا تغيب عن وجدانه ''أي شخص عنده إيمان بالحق والقيم النبيلة يعرف إن التحرير كان دولة قائمة بمؤسساتها؛ تضامن اجتماعي وعدل، إعلام حقيقي وأمن، وطنية وعروبة وعدالة اجتماعية''، يبتسم ثغر عم ''فولي'' وهو يضيف ''أجمل لحظات عمري عشتها في الكام متر مربع بتوع التحرير وشوارعه''.
في يوم التنحي لم يحتفل ابن المطرية بالنصر، جال في رأسه هاتف، رأى المهللون جوقة من نظام مبارك جاءت خصيصا كي تغطي على صوت ذلك الفلاح الذي وقف يزعق بكل قوته في خلق الله ''إحنا مخدناش حاجة عشان نمشي.. الثورة لسة مكملتش''، يرددها بقلب حاوطه اليأس عن أيام كانت فيها الثورة خير مؤنس، فيما باتت توصف بالمؤامرة ويلتصق بأبنائها آيات الخيانة ويقف عمادها خلف الأسوار.
لمشاهدة الفيديو.. اضغط هنا
تابع باقي موضوعات الملف:
"فلان الفلاني".. الثورة بنت المجهولين "ملف خاص"
أحمد أمين.. واجه مبارك بـ''7 جنيه'' وصنع متحف الثورة بـ''مشمع''
مصطفى.. ''اللي كان يومها واحد من الحراس الشعبيين للمتحف''
سهام شوادة.. الثورة يعني ''عيش وملح''
''الششتاوي''.. الثورة تحت أقدام الأمهات
محمد عمران.. أن تختار بين الثورة و''بنتك''
نساء عائلة "سلام" بالإسكندرية.. الثورة تمد لسابع جد
مها عفت.. أول من حَمل "علم الثورة" في الميدان
يحكى أن ''عبدالله'' هتف.. وشبرا كلها ردت وراه
''فنانة'' و''بتاعة سندويتشات'' و''مسؤول شواحن''.. أبناء ''أسماء'' في الميدان
القصة وراء صورة "ماجد بولس".. ياما في موقعة الجمل حكايات
في بورسعيد.. من الأم إلى ابنتها ''الثورة أبقى وأهم''
''فاتن حافظ''.. الثورة ''من طأطأ لـسلامو عليكو''
قاسم المزاز.. ''دليفري'' المستشفى الميداني
حكاية جمال العطار مع الثورة.. باع "البيزنس" واشترى البلد
للتحرير تفاصيل يعرفها "محمود نصر"
محمود جمال يكتب.. من دفتر مذكرات فلان الفلاني "اللي كان يومها ثائر"
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: