كيف حُفظ تراث الشيخ ''رفعت'' من الضياع؟ السر في ''دعوة''
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب- محمد مهدي وإشراق أحمد:
بعد خمس سنوات من وفاة الشيخ ''محمد رفعت''، رزق الله ابنه الثاني ''أحمد'' بطفل آخر أسماه ''إبراهيم''، لم ير الحفيد الجد إلا بالصور حال غيره من الأحفاد إلا القليل منهم وفاته المنية، غير أنه شأنهم تعلق به دون رؤية، عن أبيه كان له ميراث محتوى مكتبة الشيخ من كتب واسطوانات الموسيقى وغيرها من الشرائط التسجيلية التي احتفظ بها والده بعد تحويل الاسطوانات عليها.
''يارب أفضل أقرأ القرآن لحد ما أموت'' دعوة لازمت الشيخ رفعت طيلة حياته، يرددها دون كلل، للعابر على سيرته يبدو لوهلة أن دعوته الدائمة لم تتحقق؛ بعد توقف الشيخ عن القراءة قرابة 8 أعوام، لكن الحقيقة أنها كانت كالنبتة الطيبة، وضع بذرتها، تركها وتوكل، لتثمر رغم رحيله، كأنما أبت أن ينقطع صوت طربت القلوب لتلاوته كلام الله، فجاء الحصاد بتسجيلات ''زكريا باشا مهران'' و''محمد خميس'' محبي الشيخ اللذان سجلا له من الإذاعة ولم يُعرف ذلك إلا عقب وفاته، ومن بعدهم تولى الأبناء والأحفاد مشروع الحفاظ على تراث ''رفعت''، دون وهن وإن انقطعوا لظروف الحياة لكن سرعان ما يعودون طوعًا وحبًا ليس للجد فقط لكن لقارئ القرآن المتفرد حيًا وبعد مماته.
''طلعت لقيت الحاجات بتاعة الشيخ رفعت فاحتفظت بها'' كما فعل والده قام ''إبراهيم''، قرأ شيئًا من الكتب التي غلب عليها تفسير القرآن، لكن ظلت اسطوانات الموسيقى في منأى عن سمعه هو ووالده ''محدش وصل لعقلية أنه يسمع بيتهوفن وباخ وشتراوس.. الصراحة مقدرتش اسمعها وكمان معنديش الآلة اللي اسمع عليها''، لكن ما كان للأحفاد أن يفرطوا في شيء للشيخ رفعت.
كان خوف ''هناء حسين'' حفيدة الشيخ من ضياع ما قام به والدها وأعمامها دافع للاستكمال المسيرة، فتولت زمام الأمور لفترة، لكن حياتها كزوجة وأم فضلاً عن التكاليف المادية الباهظة لتحويل اسطوانات الشمع المسجل عليها تلاوة الشيخ إلى تقنية حديثة، فتحدثت إلى ابن عمها، لينضم ''إبراهيم'' إلى فريق الحفاظ على تراث ''محمد رفعت'' الصوتي منذ عام 2005.
رغم مشاغل الحياة التي أبعدت الأحفاد عن المهمة التي تحملها أباءهم لفترة من الوقت، وكان ثمارها التسجيلات التي تذيعها الإذاعة للشيخ رفعت حتى الآن، غير أنهم عادوا ''هناء قالت لي لو جرى لنا حاجة ولادنا مش هيعرفوا يعملوا في التسجيلات اللي عندنا حاجة''، فبدأت المسيرة التي تكللت بالحفاظ على 35 ساعة بجودة جيدة لم تُسمع من قَبل.
ومع أن التسجيلات الصوتية لم تضم القرآن كاملاً بصوت الشيخ غير أن صعوبة تجميع سورة كاملة مع فقد بعض الكلمات أو آيات كان له بالغ الاثر في نفس الأحفاد ومَن عاونهم، التعب الذي يحصدونه بعد ليال من أجل كلمة يُنسى مع سماع صوت الشيخ متناسق ذو جودة مختلفة عن المتداول في الإذاعة.
لم تكن الصعوبة مادية أو تقنية فقط، بل رد يد المساعدة كانت الأقصى، إذ رفضت رئيسة الإذاعة السابقة ''إيناس جوهر'' طلب ''إبراهيم'' بالحصول على بعض تسجيلات الشيخ التي أهدتها أسرة ''رفعت'' للإذاعة من أجل استكمال باقي التراث الصوتي، فلم يعاود الحفيد الكَرة بطريق ''ماسبيرو''، خاصة مع سابق الدخول في ''متاهات'' اللجان لتقييم التسجيلات ''رفضنا أن الشيخ رفعت يبقى سبوبة.. لأن كل ما تتعمل لجنة الناس دي طبعًا تاخد فلوس''.
المهندس ''عبد الله عبد الحليم'' كان طوق نجاة آخر للتسجيلات، مع صفوت عكاشة -السميع المحب- ''مش عايزين حاجة أكتر من أنهم بيعشقوا الشخص ده وعايزين الناس تسمع صوته''، فبات استوديو ''عبد الله'' سكن آخر لفريق العمل يقضون فيه ربما أيام من أجل تلك اللحظات التي أصبح يمتلك كل من ''إبراهيم'' و''هناء'' ذاكرة الكترونية ''هارد ديسك'' يحمل جميع تسجيلات الشيخ، محتفظين بالأسطوانات والأشرطة على سبيل الذكرى.
الصدفة هي ما قادت ''إبراهيم'' لفك شفرة الأسطوانات التي وقفت حائل أمام والده وأعمامه، ومنعت الوصول للتسجيلات التي وصلوا إليها، يحتفظ الرجل الخمسيني بجهاز ''جرامافون''، بواسطته كانوا يستمعون للسور، إلا تلك الساعات الـ35 كانت تحريكها سريع بشكل يمنع تحديد ملامح الصوت، حتى قام الحفيد بتحريك ''إبرة'' الجهاز لأسفل فإذا بالصوت يظهر واضحًا.
المحبة هى ميراث آل ''رفعت'' تركها لهم الجد وامتدت إلى الأحفاد، فيذكر ''إبراهيم'' عمته ''بهية'' التي أصرت على حضور زفافه وهى بفترة احتضار ''صممت وجت متشالة على كرسي''، وأصبح من الصعب مرور فترة دون تجمع أبناء العم أو السؤال، وحتى في لقائهم يكون الشيخ ''محمد رفعت'' محور حديثهم ''ده إحنا كلنا بيوتنا مفتوحة ببركة هذا الرجل لا يمكن ننكر ده''.
ورغم السعادة التي تنتاب ''إبراهيم'' مع إشارة حفيدة ابن العامين إلى الصورة الكبيرة الموضوعة قرب باب المنزل، حينما تأتي سيرة الشيخ قائلاً ''الشيخ رفعت أهو'' غير أن الأسى بالنفس باق خاصة هذا العام ''الطبيعي كنت بفطر على آذان الشيخ رفعت، السنة دي اتذاع مرة واحدة أول يوم''، فالحفيد يخشى أن يصبح ''محمد رفعت'' منسيًا لذا يصر على استكمال المسيرة في حفظ صوت الشيخ.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: