إعلان

نهائي كأس العالم في مقهى بلدي ببولاق.. الرياضة بتجمعنا

01:23 م الإثنين 14 يوليه 2014

نهائي كأس العالم في مقهى بلدي ببولاق.. الرياضة بتج

كتب- محمد مهدي:

قبل ساعات من بدء مباراة فريقي ألمانيا والأرجنتين في نهائي كأس العالم، انهى ''عصام'' وجبة الإفطار سريعا، وترك أسرته وخرج من منزله متجها إلى المقهى البلدي الذي يعمل به، الموجود في أحد الشوارع الجانبية بمنطقة بولاق أبو العلا، ليبدأ في نقل شاشة التلفاز خارج المقهى، وترتيب عدد كبير من الكراسي الخشبية النصف متهالكة أمام الشاشة ''ماتش النهائي دا رزق .. ولازم أظبط الكلام قبل ما الزباين تبدأ تهل علينا''.

توافد المشجعين والمهتمين بمتابعة المباراة واحد تلو الآخر، بعضهم قَدم في جماعة، ولم يلحق معظمهم الحفل الذي أحيته ''شاكيرا''، تحلقوا حول الشاشة منتظرين صافرة البداية، فيما لم ينسَ ''عصام'' أن يمر عليهم مستفسرا عن المشروبات، بعضهم أجل الخطوة، واخريين اختاروا مشروبات أغلبها ساخنة ''خلينا نطلب مشروبات طويلة الأجل تبعد عصام عننا شوية.. الماتش لسه طويل'' قالها أحد الزبائن ساخرا.

المباراة في البداية كانت ''جَس'' نَبض من الفريقين، كلاهما يحاول أن يقول كلمة البداية، أن يبدو منظما أمام الفريق الآخر، لكن الحذر كان حاضرا بقوة في المشهد، قبل أن تتوالي الهجمات المتبادلة بينهما، أخطر الفرص ظهرت في الدقيقة 20 في انفراد صريح لمهاجم الأرجنتين بحارس المرمى لكنه أضاع الكرة، فيما كان المقهى يضج بالصيحات انفعالا بالهدف الضائع، أو فرحا بأن فريق ألمانيا لم يُصب مرماه بهدف في وقت مبكر قد يُنهي على آماله في الحصول على اللقب.

دقائق مرت دون وجود هجمات حقيقة على كلا المرميين، جعلت مخرج المباراة يكسر حدة الملل بعرضه لمشهد مشجعين يتابعون المباراة على أحد شواطئ البرازيل، مشهد لطيف كان كفيل لتفجير شيئا ما في قلوب المشجعين في المقهى، حيث زفر رجل أربعيني أسمر نَفس من ''الشيشة'' التي يشربها قائلا ''احنا قاعدين هنا في الحر متكربسيين.. وهما في نعييم.. حتى في الفُرجة محرومين من المتعة''، لم يتجاوب أحد بالكلمات لكن النظرات المتبادلة كانت حاضرة.

فريق ألمانيا في الدقائق ما بين الـ 20 والـ 30 من الشوط الأول، استحوذ على المباراة، بداية من تمريرات اللاعبين السريعة التي لم يتمكن منتخب الأرجنتين التصدي لها ''محدش قادر يقطع الكورة منهم يا أسطى''، ثم هجمتين متتاليتين يظهر فيهما حارس مرمى الأرجنتين مدافعا عن عرينه، قبل أن يرد لاعبوا التانجو بهدف في مرمى الماكينات، ارتج له المقهى من صيحات المشجعين المنتشية، قبل أن يقرر الحَكم إلغاءه بسبب وجود المهاجم في ''الأوفسيد''.

من آن لآخر تمر سيارة أجرة من أمام المقهى فيتوقف السائق ويسأل عن النتيجة، يرد أحد الحضور دون أن ينظر إليه ''تعادل.. الماتش لسه في أوله''، فيما تجري الكرة بين أقدام لاعبي الفريقين بسرعة تطمئن لها القلوب وتطرب، لأن ثمن ما سيُدفع من مشاريب لن يضيع هدرا، فهدف الحضور الأول هو الاستمتاع بكرة مختلفة عن ما نشاهده في بلادنا ''دول مش بيلعبوا كورة طبيعية.. شايف الواد عدى منهم إزاي''.

في الوقت بدل الضائع الذي احتسبه حَكم المباراة، ضاع على منتخب ألمانيا هدف مؤكد بعد ارتطام الكرة في العارضة، وضاع على محبيهم من المشجعين المصريين فرصة تمضية الوقت بين الشوطين في التشفي من مشجعي الأرجنتين، لكنهما بدلا من ذلك انشغلا في تحليل أداء الفريقين، رجل ستيني يبدو عليه ولعه بكرة القدم صرخ محتجا على صديق له ''ألمانيا هتكسب.. وبعد الماتش هقول إني على حق''.

خلال الشوط الثاني ظهر بطء في أداء الفريقين، ترك ذلك الفرصة لدى مجموعة من الشباب في تداول معلومات أغلبها خاطئ عن تاريخ كل لاعب في المباراة، وأمنيات مضى وقتها عن أهمية وجود هولندا في النهائي، الممل تسرب إلى متابعي المباراة، وبدأ ''عصام'' دورة اخرى، يمر على الزبائن يجمع منهم طلبات من جديد.

''الفرقتين خِلصوا وبيلعبوا على الهجمة المرتدة'' يطلقها بيأس الحاج ''شعبان'' صاح المقهى، بينما يمرر عينيه على الزبائن الذي أصابهم السكون بفعل هدوء مجرى المباراة، ويعود المخرج مرة أخرى بمشهد من المدرجات لمشجع يتثاءب كأقرب توصيف لحالة المشجعين هنا في بولاق أبو العلا وهناك في البرازيل.

تعود الصيحات من جديد خلال الشوط الأول الإضافي بعد أن التقط الفريقين أنفاسهما ونزلا إلى أرض الملعب بروح أكثر شراسة ظهرت في هجمات على كلا المرميين، ويضيع منتخب الأرجنتين هدفا في الدقيقة 97 ''خلصوا الماتش بقى.. عايزين نروح مبسوطين''.

الشوط الثاني الإضافي يظهر الإرهاق على اللاعبين ''محدش بيروح على الجون''، وتقع تدخلات عنيفة فيسقط ''شفانشتايجر'' اللاعب الألماني مصابا في وجهه، فيصرخ أحد المشجعين ''اللاعبية بدأو يلوشوا'' فيضحك الحضور.

في الدقيقة 113، بينما شعر الجميع أن المباراة تتجه إلى ركلات الترجيح، انتفضت ألمانيا، وأحرزت هدف مفاجئ في مرمى الأرجنتين، علت معه صيحات الزبائن، واحتضن شاب أحد الحضور من فرحته، وقال الرجل الستيني لصديقه ''ألمانيا خطفت كأس العالم.. مش قولتلك''.

مع صافرة نهاية المباراة، قام ''عصام'' بجولة سريعة، ليحصل على حساب المشاريب، وعلى وجهه علامة رضا وسعادة، لا علاقة لها بفوز ألمانيا بكأس العالم، ولكنها من أجل انتهاء اليوم بمكسب جيد ''الحمدلله ربنا كرمنا بزيادة''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان