إعلان

صاحبة الجلالة في مواجهة سياسة ''الصوت الواطي''.. ولسه جوا القلب أمل

12:45 م السبت 03 مايو 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي:

خطوط عريضة مُلونة بألوان قاتمة تمتد لتصبح مثل القضبان التي يقف وراءها السجين، غير أنها تصبح للصحفي أسوارًا عريضة يقف عندها قلمه، وكلمته، ويُصبح أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يتلون بتلون الخطوط والاتجاهات، أو يقف بسن قلمه نابشا في السور كي يصنع طاقة من النور ينفد من خلالها.

الدولة، المؤسسة الصحفية والرقابة الذاتية؛ هم الخطوط الحمراء التي يقف عندها الصحفي، وتتدرج بحجم المخاطر التي يواجهها، فمن نشأ على العوائق التي تكبر تُصبح ذاته رقيبًا عليه، ليقوم بشكل تلقائي مسح ذهني للأفكار التي تخطر بباله، قبل أن يقوم عقله بترجمتها له، والصحفي الذي يواجه مؤسسته في اللحظات التي تتعارض بين اتجاهه وسياستها التحريرية التي تقف كحائط سد ترتد إليها أفكاره، وإما أن يحفظ فكره بعيدًا عن الواقع أو يقوم بالبحث عن أفضل وسيلة يعرض من خلالها قلمه، لتُصبح السلطة والمصلحة هي الغول الذي يستند على عرائس ماريونيت لتحقيق الخط المتوافق عليه.

ضد الدولة.. والأزمة المالية السبب

لأكثر من خمسة عشر عام ظل يُحارب الاتجاهات المتلونة والخطوط الملتوية والمصالح المتعددة، لينتقل من مكان لآخر ويظل هو على سياسته التحريرية التي لا تتغير، ''خالد البلشي'' مؤسس موقع ''البداية'' ورئيس تحريره، وتُشاركه زوجته بالنصيب الأكبر في تمويل الموقع، ليعيد إصدار ''البداية'' مرة أخرى.

البداية الأولى كانت مع مجلة ''اليسار'' التي انطلقت من حزب التجمع بنهاية التسعينيات، ورأس تحريرها ''حسين عبدالرازق''، وكانت المجلة تتبع سياسة تحريرية مغايرة لما كانت عليه السياسات في ذلك الوقت ومعارضة قوية في ظل ''معارضة كارتونية''، على حد قول ''البلشي''.

الخط العريض للمجلة كان في اتجاه معارضة الرئيس المخلوع ''عملنا عدد عن الولاية الرابعة لمبارك'' ليصفوها بـ''الملكية الجديدة''، وفي أحد الأعداد تم تغيير كاريكاتير ساخر عن ''مبارك'' و تغيير أحد عناوين الغلاف عن ''أبناء الرئيس''، وبسبب تلك السياسة القوية لم يحتمل الحزب المجلة وتم وقف المجلة بدعوى قلة العنصر المالي ''رغم إنها كانت مجلة شهرية''.

''أنا مش فاكر أساميهم''، تجارب غير مكتملة بسبب إيقاف تراخيصها، ينتقل بعدها إلى تجربة جريدة الغد مع ''إبراهيم عيسى'' و''أيمن نور'' بنهاية عام 2004، التي لم تختلف عن التجارب السابقة ليتم الإبلاغ عن العدد الأول للجريدة ''العدد كان حول استفتاء الرئاسة'' من عضو الحزب ''رجب حميدة'' ويتم وقف العدد.

عدة تجارب أخرى خاسرة على مستوى الحريات والصحافة، منها جريدة ''النهار'' التي أغلقت بأمر من أمن الدولة، وفيها تم استدعاء ''البلشي'' إلى مقر أمن الدولة، وسؤاله عن حوار قام به مع أحد قيادات أمن الدولة، وتمت معاقبة القيادي.

صوت المستضعفين

''البديل'' الجريدة التي تحولت إلى موقع إليكتروني باسم البديل الجديد والتي ظل شعار موقعها إلى الآن ''صوت المستضعفين''، هي التجربة التي خاضها ''البلشي'' من البداية وحتى النهاية، واجه فيها المصالح والسياسات المتغيرة، الخط الواضح للبديل هو ما أقلق مجلس الإدارة الذي قرر يومًا زيادة ميزانية الجريدة ثم بعدها بأيام قليلة جاء قرار وقف البديل لوجود أزمة مالية.

ويعثر على ورقة بعد الثورة تُدين شخص قريب من مجلس إدارة الجريدة بلقاء مع أمن الدولة لتحذيره بسبب سياسات البديل الواضحة ''ووقتها نشرتها على موقع البديل''، موقع البديل هي المُحاولة التي رفع فيها ''البلشي'' اسم البديل بعيدًا عن رغبة مجلس الإدارة، ليُصبح الموقع بعيدًا عنهم وقريبًا من البلشي ومحرريه الذين تبعوه تحت اسم ''البديل الجديد''.

إلا أنها تجربة أخرى تعثرت لنفس الأسباب وبالأساليب ذاتها، ومع الظروف السياسية المتغيرة على مدى ثلاثة أعوام بعد الثورة بمصر، وخط البلشي الواضح الذي يدافع فيه عن الحريات، قرر الخروج من تجربة البديل ليتبعها بتجربة ''البداية''، التي صحح فيها أخطائه الماضية ولم يجعل الموقع بيد الماديات، وبقيت بيده هو، غير أنه للإمكانيات المادية القليلة توقف الموقع ''وكمان مكنتش الناس متفرغة بشكل كامل''، ليتبعها بتجربة ''الوادي'' وكان نهجه هو الحريات التي يدافع عنها ''البلشي''.

عافر ''الوادي'' لإصدار النسخة الورقية منه، وتعثر في العدد الأول لكنه استمر، إلا أنه توقف نهائيًا وقت العدد الثالث ''قيل إنها أزمة مالية''، ليعود ''البلشي'' ثانية لتجربة البداية ليُحاول رغم العثرات والعقبات التي واجهت طريقه.

يقول ''البلشي'' إن السلطة منذ أيامه الأولى بالصحافة لا تتخذ الخط الواضح في الصدام مع المؤسسات ولكنها ''تلميحات''، تبدأ بإشارات للإدارة التي تتخذ القرار الذي يُلين السلطة في وجههم، فعُذر الأزمة المالية إن اقتنع به ''البلشي'' في المرة الأولى فهو غير مُقنع في المرات العديدة التي واجهه فيها نفس السبب، على حد قوله.

وبعد التجارب العديدة التي خاضها ''البلشي'' اكتشف أن كثير من المحررين الصحفيين ''عاوزين ياكلوا عيش'' لا أن يواجهوا سياسات وخطوط عريضة، استفاد ''البلشي'' من التجارب الصحفية الكثير كما خسر منها، لم يخرج من تلك الاختبارات خالي الوفاض، فقد كسب نفسه ومبادئه.

التجربة المتمردة.. وخط الدولة

تدرج من صحفي بالدستور الأسبوعي إلى المصري اليوم، ثم رئيس قسم الأخبار بالتحرير، إلى رئيس تحرير موقع ''بوابة يناير''، ''محمد الجارحي'' الصحفي الذي انتصر لقلمه المشاغب.

لم يُمنع لـ''الجارحي'' سوى موضعيين على مدار عمره الصحفي، بدأ عمله بالدستور والتي شهد لها الجميع بأنها تجربة مختلفة ومتفردة بذاتها في مجال الصحافة، الجريدة التي غلب عليها طابع الرأي وأنشأت وحدها مدرسة صحفية خاصة بها، وتخرج منها العديد من الصحفيين الذين انتشروا بالمدارس الصحفية المعتادة ليصنعوا بها شيئًا يطبعها بطابع مختلف.

''جنون الشباب'' كما يسميه ''الجارحي'' هو الخط الذي اتخذته الدستور الأسبوعي؛ ثارت على كل القواعد والمدارس والاتجاهات والسلطات، ومع ذلك تم رفض موضوع عن المشير طنطاوي قد كتبه ''الجارحي''، ففي ذلك الوقت قبل الثورة لم يكن هناك أحد يتحدث عن الجيش.

في عام 2010 ومع ظهور ''عمر سليمان'' على الساحة ''عملنا نصف صفحة عنه لكن تم تغييرها''، يرى ''الجارحي'' أن ذلك ليس بسبب السياسة التحريرية ولكنه لعلاقة سلطة الدولة على الصحف كافة والتضييق المستمر عليها.

تحدث الأزمة الشهيرة بالدستور وإقالة ''إبراهيم عيسى'' وماتبعها باستقالة أكثر من 70% من صحفيي الدستور ''كنا بنشتغل بأقل الإمكانيات والمرتبات لكن حابين اللي بنعمله''، ويعمل ''الجارحي'' بمنصب إداري بجريدة ''التحرير'' ''كان عندي حلم إن العدالة الاجتماعية اللي بننادي بيها تتطبق على الصحفيين بالجرنان''، يشرح ''الجارحي'' أن الخلاف بالتحرير لم يكن بسبب السياسة التحريرية ولكنه بسبب المعاملة غير العادلة للصحفيين بداخل الجريدة ''مينفعش الفصل التعسفي اللي كان بيحصل للصحفيين''، فترك الصحفي الثلاثيني الجريدة.

ليواجه سياسة أخرى بالمصري اليوم، والتي يعتبرها المؤسسة الصحفية الوحيدة بمصر ''فيها قواعد ونظام الكل ماشي عليه''، اصطدم مع السياسة التحريرية المتغيرة للجريدة بين عهدين، يوضح ''الجارحي'' أن الإعلام بفترة الرئيس السابق ''محمد مرسي'' يُفرد الصفحات للأزمات التي تواجهها الدولة، في حين ما بعد عزله أصبحت وسائل الإعلام ''تعمل نفسها من بنها''، ويُعطي مثال بإضراب أمناء الشرطة ''دلوقت الإعلام مصلحته مع النظام الحالي فالتغطية محدودة، لكن لو كان في عهد سابق كان هيبقى التناول مختلف''.

أدرك ''الجارحي'' أن الدولة تتحكم في المحتوى للصحف القومية والخاصة سواء طواعية من المخول لهم والمدركين بطبيعة الحال أن لهم مصالح مع الدولة أو مجبرين، ولذا أيقن أن هناك تفاوتًا في السياسات بالمؤسسات، فالبعض ''لسه عندهم شوية حياء''، والآخرين مستميتين على العلاقة بينهم بالدولة.

الصحفي هو صاحب المكان

بدأ ''الجارحي'' في البحث عن شكل مختلف من الصحافة يعمل فيه دون قيود، ليدشن موقع ''بواية يناير'' تحت شعار ''صحافة مش خوافة''، لتصبح فيها الملكية للصحفيين وليس لرجال الأعمال، بوابة يناير هي شركة مملوكة لكل العاملين والصحفيين بها ''السكرتيرة ليها مساهمة والصحفي الصغير والكبير ومدير التحرير''.

ليُصبح الكل مساهمًا ومشاركًا بالموقع، دون أية تخوفات أو أوامر عليا، وفي خلال أربع أشهر من تدشين ''بوابة يناير'' تصبح رقم 330 بين المواقع الإليكترونية، ولكن لكل يوتوبيا ضريبتها وثمنها، فالاستمرارية هو العامل الذي يقوم عليه ''الجارحي''، كي تصبح البوابة مؤسسة كبيرة ''شغالين على تطوير الشكل والمضمون''.

بعبع الرقابة الذاتية

تخطر ببالها الفكرة وثوانِ قليلة لتُمحيها من عقلها، ''إنجي الطوخي'' توقن أن الفكرة مرفوضة من قبل أن تعرضها على رؤسائها، فهي لا تناسب الجو السياسي العام التي تحياه البلاد.

أربع سنين هو عُمر عمل ''الطوخي'' بالصحافة، بدأت بالشروق والتي لم تجد بها رقيبًا يقف أمام ما تكتبه من موضوعات صحفية، شغلت بعدها منصبًا آخر بإحدى الصحف الكُبرى، لكن مع تغير السياسة التحريرية للجريدة عما كانت تعمل به سابقًا، بدأت الصحفية العشرينية تُمارس نوعًا من الرقابة الذاتية التي تمنعها من الكتابة بموضوعات بعينها.

تقول ''الطوخي'' إن الظروف السياسة بالبلد دفعتها لتكون رقيبة على ما تكتب ''بقى فيه حاجات مينفعش أتكلم فيها وإلا هلبس في الحيط''، ما يهون الأمر أن السياسات المقيدة ليست حكرًا على مكان بعينه ولكنه ينتشر في جميع المؤسسات، على حد قولها.

الانقسامات والاختلافات التي يعج بها المجتمع المصري الآن هو السبب الذي منع ''الطوخي'' من خوض قضايا بعينها، الخوف من الاتهام بالانتماء لاتجاه معين في ظل التراشق بالاتهامات الذي طال الجميع هو ما أقلقها ''حريصة إني متهمش بالانتماء لفصيل معين وأنا مش منتمية لأي فصيل''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان