إعلان

''قد الحياة''.. فرصة تغيير لأطفال الشوارع

04:36 م الإثنين 08 ديسمبر 2014

كتبت – يسرا سلامة:

مكانهم في جراجات السيارات أو تحت الكباري، وبداخل المواصلات العامة ينتشرون طلبا لبعض الأموال يسدون بها رمق يومهم، منهم من طحنه الفقر، ومنهم المدفوع من أسرته من أجل جلب الأموال، لم تزل نعومة أظافرهم تنبئ بطفولتهم، غير أن المجتمع يوصمهم بأنهم أطفال الشوارع، منهم من له أسرة وبيت، ومنهم من عرف الشارع بيتا بديلا.

رغم عدم وجود رقم إحصائي محدد لعدد اطفال الشوارع في مصر، فقد قدرت دراسة حديثة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عددهم بنحو مليوني طفل، في وقت يقدر فيه المجلس القومي للأمومة والطفولة العدد بعشرات الالاف، حيث تقوم عدد من الجمعيات الأهلية على تقليل آلام أطفال الشوارع، منهم جمعية رسالة الخيرية التي تقدم مشروع ''قد الحياة''، والذي يقدم الدعم لهؤلاء الأطفال.

تجول ''مصراوي'' بداخل أحد مراكز الرعاية لجمعية رسالة بمنطقة وادي حوف بحلوان، ليقف على سبل رعاية هؤلاء الأطفال، وكيف تتم عملية استقبالهم، ورعايتهم، وكيف يجدون السبيل لعودتهم مرة أخرى إلى أهلهم إن أمكن ذلك، وكيف نمت موهبتهم في مجالات مثل المجالات العملية، والرياضة مثل كرة القدم، وغيرها من المجالات.

من فرق الكشف الميداني، يبدأ مشروع ''قد الحياة'' رحلة البحث عن هؤلاء الأطفال المشردون، حيث يسرد مصطفى حنفي، نائب المدير الفني للنشاط أن فرق البحث الميداني تبدأ في إعداد ما يشبه خريطة لتمركز أطفال الشوارع، وذلك منذ أن بدأ المشروع صغيرا في عام 2007، قبل أن يصبح للبرنامج 10 فروع على مستوى الجمهورية، تستقبل الأطفال وترعاهم، تلك الخرائط يذهب إليها فرق البحث، من أجل التعرف على الأطفال وكيفية اجتذابهم إلى الرعاية.

يقول ''حنفي'' إن طفل الشارع لا يقتصر على نموذج واحد، لكن هناك أطفال حديثة الانضمام للشارع بعد تنوع عوامل طردها من منزلها أو انجذابها للشارع لجمع الأموال، ويتابع أنه كلما نجح فريق الباحثين الاجتماعيين في اجتذاب الأطفال مبكرا قبل الانغماس في أنشطة الشارع، فذلك أفضل كثيرا من أن يندمج داخل تلك البيئة، ويصبح اجتذابه أصعب كلما تأقلم على حياة الشارع.

العنف الأسري واحد من أهم الأسباب التي تطرد الأطفال من منازلهم، وتجعل الشارع بيئة أكثر تفضيلا على صعوبتها، كما يقول ''مصطفى'' أن هناك عدد من الأطفال يتم الاعتداء عليهم جنسيا في الشارع، فيما كشفته فرق البحث الميداني لفريق قد الحياة، من مظاهر تشكل خطورة على المجتمع.

اخطار عدة تواجه أطفال الشوارع مثلما يرصد البرنامج، مثل الإدمان الذي يجذب عدد من أطفال الشوارع، تتعاون فيه المؤسسة مع عدد المستشفيات من أجل علاج الأطفال، وتتبع مع الحالة برنامج مناسب أثناء تلقيه العلاج، وبعد شفاءه.

تأتي المرحلة التالية كخطوة صعبة لفرق البحث، وهى إقناع الطفل بالقدوم إلى مركز الاستقبال برسالة، والعلاج إن احتاجت الحالة الإقامة الدائمة، ليذكر نائب النشاط أن للمؤسسات العقابية صورة سلبية في ذهن الأطفال، تجعلهم أحيانا ينفرون من الأخصائي الاجتماعي، وتجعل مهمة ''قد الحياة'' أصعب في إقناع الأطفال، ليجذبوا الأطفال مرة أخرى للجمعية.

حلم يكبر أمام المدراء والإخصائيين الاجتماعيين بالمشروع مع قدوم الطفل إلى أبواب الجمعية، وهو أن يصبح الطفل شخصا صالحا في المجتمع، يترك حياة الشارع، يكمل تعليمه سواء داخل الجمعية، أو من خلال برنامج التعليم المجتمعي بفصول مدرسية بالتعاون بين رسالة ووزارة التربية والتعليم، وينمي مواهبه من خلال انضمامه لنادي، مثلما حدث مع أحد الأطفال الذي تعلم حراسة المرمى، ومؤهل للسفر للخارج من أجل التدريب.

تبدأ المرحلة الأولى منذ قدوم الأطفال بعمل ملف له بداخل الجمعية، ومعرفة حال الطفل وما دفعه للشارع، يذكرها هاني صلاح، المدير الفني لدار الإقامة بوادي حوف، يتعرف من خلال جلسات متعددة على ظروف الطفل، ويتم التواصل مع أهله، ومحاولة إعادته إلى المنزل إن كان ذلك لا يهدد حياة الطفل، وإن كان السبب مادي، توفر الجمعية الخيرية بعض الأموال للأسرة نظير عدم نزول الطفل للشارع، وإن كان ممكنا يستمر الطفل في الإقامة بمقر المركز، للرعاية والتدريب.

يذكر ''هاني'' أحد قصص نجاح طفل بالجمعية، منهم قصة ''ي. ع''، والذي أتى من تحت عربة قديمة، ليتم تدريبه وتأهيله بداخل الجمعية، حتى أصبح يحمل الحزام الأسود في رياضة التايكوندو، ''ي'' ليس وحيدا، يوجد أطفال مثله داخل المؤسسة التي تقسم طوابقها الخمسة إلى أدوار باسم صحابي مثل ''عمر بن الخطاب'' و''عثمان بن عفان''، تتم تقسيمهم بحسب العمر والتقييم من الأخصائي الاجتماعي.

''نفسنا الأطفال يقدروا يعيشوا الحياة بكل صعوبتها.. عايزين طفل يقدر يواجه الصعوبات ويكون قد الحياة''؛ من تلك الرؤية انبثق اسم المؤسسة كما يقول ''مصطفي''، ويضيف أن مدة البرنامج للطفل الواحد تصل بحد أقصى إلى ست شهور، يساعد فيها البرنامج الأطفال عقب ذلك للدخول في غمار الحياة، إما بالعودة للأهل، أو بتعليمه حرفة يعيش منها كريما، وربما تكون سبب في جذبه مرة أخرى للأسرة.

''سياسة الباب المفتوح'' هي ما يتبعه برنامج ''قد الحياة'' مع الأطفال، بحسب تعبير ''صلاح'' مدير الاستضافة، الذي يقول أن الطفل بداخل المؤسسة غير مجبر للبقاء، وإن رحل الطفل ورفض استكمال العلاج، تسمى انتكاسة، ربما يعود الطفل بعدها مرة أخرى للبرنامج.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان