إعلان

عبد العزيز حجازي.. اقتصادي الصدفة الذي أصبح رئيسا لحكومة الانفتاح

12:44 م الإثنين 22 ديسمبر 2014

كتب - أحمد حجي:

عبقرية المصري تكمن في قدرته على تهوين أزماته وصياغتها في نكات تلخص حِقبات كاملة، كأنه بالنكات يسطر تاريخًا موازيا يظل هو الأصح والأبقى.

''واحد علمنا أكل المش والتاني علمنا الخداع والغش والتالت ولا بيهش ولا بينش'' لا يحتاج العقل مجهودًا كبيرا كي يفهم تلك الجملة، فالمصري وإن كان لاذع النقد فإنه يفتقد شجاعة التصريح ويكتفي بالتلميح.

في 1974 وبعد أقل من عام على أكتوبر العبور، تبنت السلطات المصرية سياسة الانفتاح الاقتصادي، التي بدورها غيرت التوجه المالي للدولة من اشتراكية عبد الناصر لرأسمالية السادات، هذا ما فتح باب ''الخداع والغش'' -بحسب من عاصروا تلك الفترة- لظهور من عرفوا وقتها بالقطط السمان، الذين تاجروا في كل شيء ووصلت ثرواتهم لشكل كان اختفى بالفعل بعد ثورة 1952.

صباح اليوم الاثنين، إثر وعكة صحية توفي عبد العزيز حجازي رئيس حكومة الانفتاح، عن عمر يناهز 91 عامًا، مات الرجل الذي اكتفى بتصريحات صحفية لتبرئة ساحته من انفتاح ''السداح مداح''.

من يعرف الرجل، يجد أنه جمع بين كرم أهل الشرقية، وشح وزراء ''الخزانة'' المالية، ففي مقابلة مع صحيفة الأهرام العربي، يقول إنه ولد بكفر عوض الله حجازي بالشرقية، ثم انتقل إلى الإسكندرية والتحق بكلية التجارة جامعة فؤاد الأول ''القاهرة''، وحصل على البكالوريوس عام 1944 بتفوق، وكانت دفعته حينها لا تتعدى 60 طالبا.

تدرج حجازي الأكاديمي بجامعة القاهرة من مدرس مساعد عام 1951 حتى أصبح عميدًا للكلية من عام 1966 حتى عام 1968، الأمر الذي جعله مؤهلًا ليحصل على منصب وزير الخزانة ''المالية'' في نفس العام الذي ترك فيه عمادة كلية التجارة، ثم نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية في 26 / 4 / 1974، وترأس الحكومة من 25 سبتمبر 1974 حتى 1975.

''انفتاح السداح مداح''

حاول دائمًا حجازي تبرئة ساحته من العبارة الشهيرة لأحمد بهاء الدين ''السداح مداح'' التي وصمت فترة ما بعد حرب أكتوبر، وكان حجازي رئيسًا للحكومة وقتها، ففي إحدى المقابلات مع صحيفة الأهرام المصرية يقول حجازي، إن ''الانفتاح الذي شاركت في إرسائه كان قانوناً وليس سياسة، وكان ضرورة فرضتها علينا الظروف، ففي عام 1972 سافرت إلى موسكو فرفضوا إمدادنا بقطع غيار الطائرات وبعد حرب أكتوبر ارتفعت الفوائض المالية في منطقة الخليج نتيجة لارتفاع أسعار البترول؛ فكان لابد من تعبئة مدخرات المصريين بالخارج واستثمار الأموال العربية التي كنا سبباً في زيادتها ونقل التكنولوجيا الغربية إلى مصر حيث أنهكت مصانع القطاع العام خلال سنوات الإعداد للمعركة والسبب الأكبر كان يتمثل في أن معظم صادراتنا كانت تتوجه للكتلة الشرقية مقابل التسليح العسكري وقطع الغيار في حين أننا كنا نستورد معظم احتياجاتنا من أوروبا ونحتاج لتدبير العملة الصعبة، إضافة إلى إعادة المياه إلى مجاريها بين أمريكا وروسيا فلم نكن نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي في عالم متغير. مع الأخذ في الاعتبار أنني كنت مسؤولاً عن وضع قانون للاستثمار العربي والأجنبي، هو قانون 174 لسنة 1974''.

ودائمًا ما يؤكد أنه ليس مسؤولًا عن التجاوزات التي وقعت أثناء تطبيق القانون والذي بدأ -بحسب تصريحاته- بالارتفاع في السلع الاستهلاكية وإن كانت تلك طبيعة الانفتاح في كل الدول حتي الاتحاد السوفيتي ذاته، مشددًا أنه لم يستمر في رئاسة الوزارة سوى سبعة أشهر تقريباً، ثم قدم استقالته عام 1975 وتولى ممدوح سالم رئاسة الحكومة ''فالمسئولية تبدأ من عهده''.

''ما بعد الاستقالة''

بعد استقالة حجازي من رئاسة الحكومة، لم تمنعه مسؤولياته الأساسية كرجل أكاديمي له مؤلفات عدة في مجالات التجارة والاقتصاد والمحاسبة، من تقلد المناصب في عدد من الهيئات والشركات والبنوك منها رئيس مجلس إدارة بنك التجارة والتنمية (بنك التجاريين)، ومنصب نائب رئيس مجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي.

انتقد حجازي التزايد المستمر للعشوائيات في مصر وتغول المعاناة والفقر بها، وحذر من استشراء الطبقية في المجتمع وانتشار منتجعات الأثرياء مقابل عشوائيات الفقراء، وقال في ذلك الشأن إذا كان شيخ الأزهر في نهاية العصر الملكي محمد مصطفى المراغي قد وصف سلوكيات الملك فاروق في سفرياته قائلاً: ''تقتير هنا وإسراف هناك''»، فإن المثل الذي يصدق الآن على الواقع المصري ''منتجعات هنا وعشوائيات هناك''.

وشغل عبد العزيز حجازي منصب رئيس مجلس أمناء جامعة النيل، وتقدم باستقالته بعد أزمته الشهيرة مع العالم المصري أحمد زويل في أكتوبر 2013، مسجلًا اعتراضه على تسمية الجامعة باسم الأخير، ووصف حكومة الدكتور حازم الببلاوي وقتها بأنها متخاذلة، متهمها بالتفريط في حقوق طلاب جامعة النيل.

''اقتصادي بالصدفة''

اعترف الرجل في إحدى المقابلات الصحفية أنه كان ينوي الالتحاق بكلية العلوم ليصبح مدرسًا، فقابله بالمصادفة أحد الأصدقاء ولامه على هذا الاختيار، وأقنعنه بالالتحاق معه بكلية التجارة جامعة فؤاد الأول ''القاهرة''، وهذا ما أحزن والده إذ كان ينتمي للطبقة المتوسطة ويلزم والده بالعمل المستمر كي يوفر مصاريف كلية التجارة التي كانت تبلغ وقتها 28 جنيهًا بينما كان الخريج لا يتجاوز راتبه 6 جنيهات شهريا.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان