إعلان

في ذكرى "ماسبيرو" الثالثة.. التليفزيون المصري يتجاهل ما وقع في محيطه

06:34 م الخميس 09 أكتوبر 2014

أيمن الصياد الخبير الإعلامي

كتبت-دعاء الفولي:

مشاهد ظهرت على شاشة التليفزيون المصري لم تكن معتادة من قبل؛ عنف، مدرعات، ضحايا، متظاهرون غاضبون، جموع تتزايد وكر وفر، كانت تلك المرة الأولى التي يغطي فيها تليفزيون الدولة حدثا جللا على الهواء، غير أن اشتباكات ماسبيرو -التي وقعت في 9 أكتوبر 2011- على مأساويتها، لم تلق اهتماما من التليفزيون في الأيام التي عقبت الحدث، وفي نفس التاريخ من كل عام لا تأتي الشاشة على ذكر الواقعة، كأن شيئا لم يكن، لتصبح طريقة التليفزيون للتعامل مع الحادثة هو التجاهل.

الخامسة مساء يوم الأحداث اجتمع متظاهرون قريبا من مبنى التليفزيون قادمين من دوران شبرا، اعتراضا على هدم أحد الكنائس بأسوان، مطالبين بإيجاد حل وتفعيل قانون دور العبادة، حتى هذه اللحظة لم يكن ثمة مشكلة، خاصة أن الوقفة لم تكن الأولى من نوعها، عقب السادسة مساء تغيرت الأجواء مع وجود كردون من الشرطة والجيش وإغلاق الطريق المؤدي إلى المبنى، سقط قتلى ومصابون بالشوارع المحيطة بالتحرير، وفي تلك الأثناء كانت "رشا مجدي" مذيعة التليفزيون المصري التي تغطي الواقعة على الهواء تتحدث عن مقتل أكثر من جندي مصري بيد الأقباط، مما أدى لتأجج الموقف في الخارج.

"كان الهدف من التغطية على الهواء هو إن الناس تعرف اللي بيحصل"، قال "أسامة هيكل" وزير الإعلام وقت الحدث، في أحد الحوارات التليفزيونية، موضحا أنه طلب من العاملين الظهور على الهواء عندما علم بوجود عنف، لا يعتقد وزير الإعلام أن التليفزيون المصري اخطأ في التغطية، بل كان محايدا على حد قوله.

قال "أيمن الصياد" الخبير الإعلامي، إن الأمر لا يتعلق فقط بتجاهل التليفزيون المصري لأحداث ماسبيرو، فهناك خلط بين وظيفة إعلام الدولة وإعلام النظام، فالأول يتحدث باسم المواطنين فقط ويعبر عنهم، ولا يقوم بتوجيه الرأي العام كما حدث في 9 أكتوبر 2011، موضحا أن التوجيه هو حال الإعلام الرسمي في عهد الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، المجلس العسكري، محمد مرسي، وحتى فيما بعد 30 يونيو، مؤكدا أن وظيفة الإعلام هي تقديم خدمات ومعلومات دون الخضوع لضغوط أصحاب المال والسلطة كما يحدث في القنوات الخاصة.

"لمصلحة من تفتيت مصر؟"؛ جاءت تلك الجملة في ذيل تقرير عرضه التليفزيون المصري مساء يوم 9 أكتوبر، كان هو آخر علاقته بأحداث ماسبيرو، عمد التقرير إلى إلقاء اللوم على المتظاهرين، مؤكدا أن رد فعل القوات الموجودة وقتها هو إطلاق النيران في الهواء لتفريقهم، وهو ما تنفيه مقاطع الفيديو التي صورّها المتواجدون على الأرض وأذاعتها أكثر من قناة فضائية.

من جانبه قال "محمود خليل" أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، إن تجاهل التليفزيون لأحداث ماسبيرو على مر السنوات الماضية، يرتبط بكونه ضلع في جريمة فقد على إثرها مواطنون حيواتهم دون ذنب، موضحا أن تغطية التليفزيون الرسمي كانت "غير إعلامية وتحريضية"، لذلك يقفز على الحدث كل عام، ظنا أن ذلك يخرجه من دائرة الاتهام.

أضاف "خليل" أن إصلاح حال التليفزيون يقتضي تطبيق مواد الدستور، وأن يتحول إلى وسيلة إعلامية لها من الاحترافية ما يجعلها تتكلم باسم جميع الأطراف المجتمعية، مؤكدا أن "التليفزيون الرسمي يتلون تبعا لكل عهد"، وحتى يتم الإصلاح فتعاطيه مع الأحداث المتتابعة لن يتغير.

2 نوفمبر 2011، أصدرت لجنة تقصي الحقائق التابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان، تقرير بخصوص الأحداث، أدان تعامل التليفزيون مع الأحداث، قائلا "للأسف الشديد كانت تغطية التليفزيون مضللة ومحرضة ضد المتظاهرين من المواطنين المسيحيين، حيث عرضت أنباء تتهم المتظاهرين، محددة هويتهم بالأقباط، بإطلاق الرصاص على قوات الجيش والشرطة ووقوع ثلاثة من القتلى وعدد من المصابين من بينهم. وأغفلت عمداً حوادث القتل والدهس والاعتداء على المتظاهرين، ولم تشر إلى وجود مصابين و شهداء بين المواطنين المسيحيين، مما أدى لاستعداء المشاهدين على المواطنين المسيحيين، ونزول البعض منهم بغرض مساندة الجيش".

"لم يصدر بخصوص ماسبيرو أي تقارير تتبع لجنة تقصي الحقائق بتكليف حكومي"، قال "الصياد"، مضيفا أن كشف الحقائق في مصر خطوة لم يهتم لها الكثيرون عقب ثورة يناير، فإصلاح النظام المؤسسي القائم على منظومات الأمن والقضاء والإعلام هو أحد أهم الشروط للانتقال للدولة الديموقراطية، مشيرا إلى أن مواد الدستور نفسها لن تُطبق طالما لا تنفذها المؤسسات، وطالما يسعى كل نظام جديد لتطويع الإعلام له.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: