''لطفية النادي''.. قصة شغف حدوده السماء
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت – يسرا سلامة:
في الوقت الذي كان يخشى فيه بعض الرجال قيادة سيارة، كانت هى تحلم بالأكبر، تُمد نظرها إلى السماء فوقها وتحلم، أن تستطلع المشهد من فوق، لا كراكبة، لكن كقائدة للطائرة، وأن تقودها بمفردها، وأن تقطع في سبيل ذلك الحلم خطوات من التعثر بحثا عن الأمل، هي ''لطفية النادي'' أول مصرية رائدة الطيران في العالم.
في مثل ذلك اليوم 29 أكتوبر عام 1907 كان ميلادها، لتبدأ في العشرينات من عمرها أولى خطواتها نحو التعليم، شغفها الطيران حبا حتى صارحت أهلها بالأمر، ليرفض والدها تماما مثل كثير ممن يعتقدون أن الدراسة للفتاة لا يجب أن تتجاوز المرحلة الإبتدائية، بعكس والدتها التي شجعت فلذة كبدها حتى نهاية المطاف.
ضيق يد ''لطفية'' لم يقلل من طموحها المحلق بالسماء، فوالدها الموظف بالمطابع الأميرية لم يملك الكثير من المال، كما كانت مدرسة الطيران وقتها في أوائل نشأتها عام 1932، لتطرق ''لطفية'' أبواب الصحافة وتذهب للكاتب الصحفي بالأهرام ''أحمد الصاوي''، وصاحب عمود ''ما قل ودل''، ليرد عليها الكاتب الصحفي ''أنتي لسة صغيرة ولازم موافقة أهلك''، لتحضر والدتها مبدية موافقتها على عمل ابنتها، لتذكر والدتها ''التحاق لطفية مشروط بعدم دفع مليم واحد للدراسة لأن والدها إن علم بالأمر، أو حدث لها أي مكروه هيقول أنت اللى قتلتيها''.
الخطوة التالية لـ''لطفية'' كانت من لقاءها مع ''كمال علوي'' مدير عام مصر للطيران وقتها، لتعرض عليه رغبتها في التعلم ويرحب بانضمامها لمدرسة الطيران، لتكون ''لطفية'' ''فاتحة خير'' لالتحاق أخريات بمدرسة الطيران، لتعمل عاملة تليفون ثم سكرتيرة بمطار ألماظة أثناء تدريبها، وبالمرتب تسدد المصروفات، وتتدرب دون علم والدها مرتين أسبوعيا.
على يد مدربين مصريين وإنجليز شقت ''لطفية'' الطريق إلى مقعد القيادة، من مطار ألماظة بمصر الجديدة كانت هى الشابة الوحيدة بين المتدربين في البداية، شعلة من النشاط والاجتهاد ممزوجة بالطموح في زي أنثى، حتى حصلت على إجازة طيار خاص سنة 1933، وكان رقم تخرجها من مدرسة الطيران ''34''، لم يتخرج قبلها سوى 33 طيارًا من الرجال، لتكون أول فتاة مصرية وعربية وأفريقية تحصل على تلك الإجازة، وحين تم سؤالها في فيلم وثائقي عنها لماذا أحبت الطيران فقالت أنها كانت تريد أن «تكون حرة».
لم تنس الفتاة أن ترضي والدها بعد حصولها على الإجازة، لتعرض عليه أن يصحبها في إحدى رحلاتها المنفردة، على سُلم الطائرة أعطت لوالدها الفرصة للصعود، وطافت به حول منطقة الأهرامات عدة مرات، لتلمع عين الأب لجرأة الأبنة وشجاعتها، احتضنها، وقرر أنه سيكون دافعا لها في كل خطواتها بعد ذلك.
بعد 13 ساعة من الطيران المزدوج أي بصحبة طيار آخر، وهو كبير معلمي الطيران بالمدرسة ''مستر كارول''، تمكنت ''لطفية'' بعد 67 يوما من تملك زمام القيادة منفردة، وحصلت على لقب ''كابتن'' في أكتوبر 1933، كما شاركت في الجزء الثاني من سباق الطيران الدولي في نفس العام، وهو سباق سرعة بين القاهرة والإسكندرية، وشاركت بسباق ''جيت موث'' لتكون أول من وصل إلى خط النهاية بطائرة خفيفة ذي محرك واحد، لكن اللجنة حجبت عنها الجائزة لوقوعها في خطأ فني، وأهدتها جائزة شرفية.
“شرّفت وطنكِ، ورفعت رأسنا، وتوجت نهضتنا بتاج الفخر، بارك الله فيكِ”.. كانت جزء من الرسالة التي أهدتها الناشطة المصرية ''هدى شعراوي'' لـ''النادي''، لتتولى ''شعراوي'' مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة لـ''لطفية'' وتكون سفيرة لبنات مصر، كما أصبحت ''لطفية'' صديقة لأول إمرأة تقود طائرة منفردة في العالم الأمريكية ''اميليا ايرهارت''، وتبعث لها بالرسائل، لتليها في المرتبة ''لطفية''.
قضت ''لطفية'' حياتها في سويسرا نتيجة لعدم تلقيها التقدير المتوقع في مصر، ويبدو أن شغف الطيران تملك منها فهى لم تتزوج قط، ومُنحت الجنسية السويسرية تكريما لها، وتوفت بالقاهرة في عام 2002 عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عامًا، لتضرب بمسيرتها المثل في النضال والإرادة للمرأة المصرية والعربية، ويحتفي محرك البحث الشهير ''جوجل'' بصورة لها في يوم مولدها اليوم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: