إعلان

في ''الجيزة''.. ''مزلقان'' بلا قطارات.. والجيش والشرطة ''لا يملكون الحل''

06:49 م الأحد 29 سبتمبر 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين ودعاء الفولي:

قضبانه الحديدية كانت لا تهدأ ساعة من استقبال القطارات المارة من الجنوب للشمال والعكس، ''صفارات'' مدوية تطلقها أجهزة الإنذار كلما اقترب القطار، لعل المارة والسيارات العابرة تبتعد خوفًا من العملاق الحديدي السائر على القضبان، والمحمل بالمئات من المسافرين إلى ''محطة الجيزة''.

لكن ''قرار وقف حركة القطارات'' لبعض الخطوط ضمن شبكة قطارات الجمهورية، وذلك على مدار ما يقارب الشهريين الماضيين، كان له أثرًا كبيرًا على ''مزلقان الجيزة''، وأصبحت المحطة ''خاوية على عروشها'' بعد أن كانت لا يوجد بها موطئ قدم من ازدحام المسافرين على رصيفها.

''استراحة'' و''غفير'' و''مزلقان'' بلا قطارات

على كرسي صغير بجانب ''استراحة'' لا تتعدى مساحتها ''3x3 متر''، جلس ''خفير المزلقان'' لينام فيها ساعات قليلة، إذا كان في الخدمة، وما عدا ذلك فهو لا يترك مكانه، يتابع في استسلام العربات المارة على شريط محطة القطار الممتدة أمامه بلا نهاية، وبيديه الإثنتين يلوح لتلك السيارة كي تعبر الشريط أو يشير لها أن تنتظر قليلاً، حتى تمر التي أمامها رغم أنه سيعلم أن القطار لن يأتي.

''غفير مزلقان'' محطة قطار الجيزة الذي رفض ذكر اسمه، لم يبدو عليه السعادة بجلوسه في أوقات عمله الرسمية، رغم توقف حركة القطارات بالمحطة منذ أكثر من شهر؛ فمجيئه من طنطا والعودة إليها ثلاثة مرات في الأسبوع ليس أمرًا محببًا، خاصة وأن غلق محطة القطار اضطره لركوب الميكروباص؛ فيدفع أجرة أكثر بينما كان في القطار لا يدفع شيئا، ولا يملك إلا أن يقول ''هنعمل إيه.. في إيدنا إيه نعمله؟!''.

''الأجرة كانت 6 أو 7 جنيه بقت 10 جنيه، وإحنا مضطرين ندفع''.. قالها ''الغفير'' عن أجرة الميكروباصات التي ارتفعت بشكل ملحوظ، لكنه لم يبد اعتراضًا؛ فأحوال البلد هي التي تفرض ذلك، حسب قوله.

المظاهرات والخوف من الحوادث قريبًا من أشرطة القطارات هي أسباب أعلنتها الجهات الرسمية لدى غلقها المحطات، وهو ما يعرفه العامل الخمسيني أيضًا ''لو مشيتي قدام عند نواحي أبو النمرس، هتلاقي القضبان متشالة، وناحية قبلي والصعيد المنطقة مليانة سلاح، لو في 100 ظابط شرطة مش هيعرف يعمل حاجة''، مما يجعل إعادة فتح المحطة أمرًا غير معلوم ميعاده، وهو ما أكده ''الغفير'' بقوله: ''لما تجيلنا الأوامر من المسئولين''.

الحال في المحطة الخالية لا يتغير، إلا من عدة أشخاص مكلفون بحمايتها يتحركون هنا وهناك، حتى أن يوم الجمعة الذي يمتليء بالمظاهرات، تظل المحطة كما هي لا تخطو إليها الأرجل ولا يقترب منها أحد.

رزق كان يأتي مع ''قطارات وجه قبلي''

على الرصيف المقابل لنقطة حراسة ''غفير'' المزلقان، وقف ''شعبان'' في محل رزقه الذي لا تفصله عن شريط القطار سوى خطوات محدودة، البائع الخمسيني، لم يسعد أيضًا بإغلاق المحطة رغم عدم تضرره منها؛ فهو من أهل منطقة الجيزة لكن ''حال الناس واقف برضو، يعني المحطة دي كانت بتشيل ناس أد كده في القطارات، وخاصة الطلبة''.

الجيش والشرطة ''لا يملكون الحل''

على الجانب الآخر من المحطة تراصت عربات الأمن قريبة منها ومن محطة مترو الجيزة المغلقة، لا يوجد مواطنين في ذلك المحيط إلا قليلاً، ربما ''كشك'' صغير، وهناك تراصت أوتوبيسات سياحية في صف واحد طويل وأمامها وقف ''حسني''.

''أنا شغال مع سواقين الأوتوبيسات السياحية''.. قالها ''حسني'' عن عمله، فتلك الأوتوبيسات طبقًا لكلامه ''مكنتش موجودة قبل ما يقفلوا المحطة، بتنقل الناس من الصعيد''، ورغم أن أجرة الأوتوبيسات قد تصل إلى 75 جنيه خاصة إلى مدن الصعيد، لكنه يرى أن الشرطة والجيش ليس لديهم حلول آخرى للتأمين فـ''الواحد بقى خايف يمشي في الشارع''.

شارع المحطة الخالي والذي كان فيما مضى ييعج بالباعة الجائلين المعتمدين على الزبائن القادمين من المترو ومحطة القطار، كان به ذلك الفرن الصغير الذي يعمل به أربع أو خمس أصدقاء، جميعهم ليسوا من القاهرة؛ فمنهم من يأتي من المنوفية ومنهم من يأتي من أسيوط أو سوهاج أو غيرها، فبالإضافة لحال ''الفرن'' شبه المتوقف؛ فحالهم المالي جميعًا ليس جيدًا بعد ارتفاع سعر أجرة الميكروباصات.

''حسني'' يأتي من أسيوط بلده كل أسبوعين يدفع أجرة 75 جنيه، بعد أن كان يدفع في القطار حوالي 15 جنيه ''أنا باجي بفلوس أد كده، وفي الآخر مبتشغلش هنا برضو، الحال واقف''، أما صديقه الآخر؛ فهو يأتي من سوهاج مما يجعل حالهما متشابهًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان