إعلان

 انتبهوا.. النصابون قادمون

النائب أسامة شرشر

انتبهوا.. النصابون قادمون

أسامة شرشر
07:00 م السبت 11 مارس 2023

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نعيش الآن في أخطر مرحلة من مراحل النصب التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة في الإيقاع بالضحايا، وهي مرحلة النصب بالوكالة على المصريين مثلما الحرب بالوكالة على الشعوب المظلومة.

فالأحداث سريعة ومتلاحقة، في مسلسل النصب المستمر على المواطنين؛ حتى وصل الأمر إلى 5 مليارات جنيه، وهذا هو المعلن في قضية الرمال البيضاء، ثم نفاجأ باستغاثات وصرخات المواطنين في قضايا جديدة.

الأمر الخطير هو أنه لا أحد يتعظ ونفاجأ بنوع من النصب الإلكتروني من خلال تطبيق جديد يسمى هوج بول، والأرقام التي ذكرتها النيابة العامة مبدئيًا ملايين الجنيهات، وما خفي كان أعظم.

السؤال المحير والعجيب هو: لماذا يقع المصريون بين الحين والآخر ضحايا لعمليات نصب منظمة بداية من شركات توظيف الأموال مرورًا بالمستريحين الجدد ووصولًا إلى الرمال البيضاء وآخرها عن طريق الإنترنت؟!

فالمبالغ التي دفعها المصريون تدعو للحسرة والغضب، خصوصًا أن تركيبة المواطن المصرى كانت محصنة ضد أى نوع من أنواع الفساد والنصب المادي..

فماذا حدث؟!

الأمر يحتاج إلى خبراء ودراسات نفسية واجتماعية وعلمية للإجابة عن هذا التساؤل الخطير.. لأنه من العجيب أن يصبح هناك فئة من المصريين بهذه السذاجة والتعرض للنصب المستمر، أم أن سماسرة النصب يبتدعون ويبدعون بحيل وأفكار جديدة تلائم المتغيرات التي يمر بها العالم؟ فبالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المصريون بسبب سماسرة الأزمات والحروب والمحتكرين الجدد والمافيا الجديدة التي أصبحت تشكل «لوبى خطير» على المجتمع المصري، ما زلنا نسمع بين حين وآخر عن قضايا استيلاء على أموال المصريين بسهولة وبساطة.

ونحن نتساءل: لماذا قام الضحايا من بعض المصريين بتسليم أموالهم لأشخاص لم يسبق لهم مقابلتهم ولو مرة واحدة فى حياتهم وبينهم غير مصريين كما كشفت التحقيقات؟ رغم أن هذه الأموال لم يجمعها أصحابها بسهولة، بل هى نتاج سنوات من الغربة والشقاء أو سنوات من العمل الكادح! بل وصل الأمر ببعض الناس إلى أنهم باعوا بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم، حتى إن إحدى الضحايا دفعت للنصابين أموال جهاز عرسها!.

وهذه هى الطامة الكبرى أن تركيبة المجتمع المصري تغيرت في السنوات الأخيرة بشكل سريع، وسيطرت شهوة الربح والمكسب السريع وجمع الأموال بأى طريقة على البعض، وخاصة من الشباب والفتيات، الذين أصبحوا لقمة سريعة الابتلاع لهؤلاء النصابين الجدد، لا سيما أنهم يسمعون ليل نهار عن مبالغ خرافية يجنيها بعض المرتزقة الجدد من مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت وبالًا على المصريين وهدمت كثيرًا من القيم والثوابت الاجتماعية فى ظل أحداث سريعة وجرائم عديدة الاتجاهات وعابرة للبلاد والعباد.

فالمحتالون والنصابون الجدد يقومون بإغراء ضحاياهم بأرباح خرافية فى البداية مقابل مبالغ بسيطة، وعندما يجد بعض المصريين أرباحًا فعلية يقومون بالاشتراك بمبالغ أكبر ليجنوا أرباحًا أكثر؛ ما يخلق نوعًا من الطمأنينة والأمان، فيقوم هؤلاء الضحايا بنشر الخبر بل إقناع أقاربهم ومعارفهم للاستفادة من هذه الأرباح الخرافية التى تكون عادة أضعاف فوائد البنوك، وهذا الأسلوب في النصب معروف عالميًّا بـ(سلسلة بونزى للنصب)؛ نسبة إلى النصاب الأكبر (تشارلز بونزى) الذي ذاع صيته واسمه في التاريخ الأمريكي، بأنه كان صاحب فكرة واختراع (الدفع للضحايا من أموال الضحايا) لإقناع ضحايا جدد بدفع المزيد من أموالهم؛ حتى تنفجر فقاقيع الوهم في وجه هؤلاء الضحايا الذين دفعوا (شقا عمرهم) برضائهم ورغبتهم المبنية عادة على الطمع وشهوة الربح السريع، وضرب كل اللوائح والقوانين والثوابت عرض الحائط للحصول على أكبر مكسب مادي يشفى طمعهم ونفسيتهم المسمومة بالمتغيرات الاجتماعية سواء من الداخل أو الخارج.

ولكن الخطير في هذه القضية والذى يجب أن يدق جرس إنذار للجميع وأن يحرك الإعلام والصحافة والحكومة من خلال البنك المركزي والبنوك المصرية للقيام بحملة توعية ضد هذا النصب، أن شبكات النصب الآن معظمها من الأجانب من خارج البلاد، وهذا أمر مستحدث وفي غاية الخطورة؛ لأنه يضرب الاقتصاد المصرى فى العمق، ولا أستبعد أن تكون هذه الخلايا الأجنبية على تواصل مع الخلايا الإخوانية، من خلال رصد ما يجرى في الشارع، ومحاولة خلق أزمات وشائعات في العمق المصري، وهي ما تسمى بالحروب النفسية والاجتماعية وليس حروب الجيل الرابع أو الخامس، بل هى حروب الجيل العاشر.

وهذا الاختراق المادي الجديد يحظى بدعم من شبكات داخلية وخارجية لمحاولة ضرب الجبهة الداخلية للمصريين الذين كانوا يمتازون بالوعي الجمعي القادر على كشف هؤلاء النصابين الجدد، الذين أصبحوا خطرًا حتى على البنية المجتمعية، ويكفينا «المستريحين الجدد» وشبكات النصب الإلكترونية الذين أصبحنا نسمع عنهم كل يوم، حتى أصبحوا حديث الشعب المصري، وهم الوجه الآخر للمحتكرين الذين يضاربون بأسعار كل شىء من السلع الغذائية وحتى حديد التسليح، وهم للأسف الشديد بالقانون يغتالون القانون من خلال ثغراته.

ولا بد في هذه الأزمة التي تمر بها مصر والعالم أن يكون هناك حساب رادع وحقيقى بإعلان أسماء من يتاجرون بقوت الشعب وأموال المصريين على شاشات الفضائيات، وإعدامهم في ميدان عام؛ حتى يكونوا عبرة فى الداخل والخارج.

وأخيرًا أقولها إنه يجب على الحكومة والبنك المركزي أن يكون لهما دور حقيقي في توعية المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام؛ لأن آلة النصب أصبحت أقوى من الدعاية للاستثمار.

ويا شعب مصر العظيم.. يجب أن تستثمروا أموالكم في صناديق استثمارية آمنة، لدى البنوك، وعدم السعي وراء الربح السريع وشبكات الأجانب للنصب والاحتيال؛ لأنها أصبحت أخطر من شبكات التجسس، ولأن زمام الأمور إن فلت فلن يسيطر عليه أحد والضحية هم المصريون البسطاء.

وأخشى أن نصحو غدًا ونحن على أبواب شهر رمضان الكريم على طريقة نصب جديدة باسم الدين!

ارحموا من في الأرض

يرحمكم من في السماء.

إعلان

إعلان

إعلان