- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
مشهد سينمائي تم تقديمه في منتصف أربعينيات القرن العشرين عن كيف يكون أداء إعلامي ما شاحباً ولا لزوم له، فبينما تمضي الراقصة "لعبة" لتدخل أحد الملاهي في فيلم لعبة الست - بطولة نجيب الريحاني وتحية كاريوكا- يظهر شخص يلاحقها مناديا ويطلب أن يجري حوارا معها، يلح كثيرا ويقول: "فلتسمح سيدتي" وهي ترفض فيصر، حتى تضطر أن تسمح له بالجلوس "على مائدتها" لينتهي هذا الماراثون بالتعبير الأشهر فنيا عن بؤس الأداء المهني بأن يتوجه لها بسؤاله الوحيد: "أين ترعرعت سيدتي؟".
لقد عبر هذا المشهد عن حالة قاصرة مهنيا وأخلاقيا من الأداء الإعلامي وعما يصنعه محدودو القدرات بالمهنة، ومثل نطاق محدوديته كحالات شاذة أو اتساع نماذجه في عصر ما تعبيرا عن الثقافة المهنية والمهيمنة على أداء وسائل الإعلام في كل عصر، ومن ثم موقعها الثقافي وتأثيرها إقليما وزمانا، وعبر المشهد في دلالته عن رؤيتين تاريخيتين في صناعة الميديا، أولاهما التي تعتبر الذيوع والانتشار لا يقتضي بالضرورة جهدا مهنيا وإنما أن تخاطب ما يحرك ساكنا من غرائز أو تربي الجمهور على أن يتتبع موضع "عضة الرجل للكلب" ليصبح نمطا يحبه ويقبل عليه- بضرورات الفطرة وأيضا اللاوعى- يصنع التريندات ويتفاخر به محدودو المهارة والتدريب على بعضهم البعض، وثانيهما يبدو مترفعا يصفه البعض بالمحافظة والنخبوية، التي هي بالضرورة جافة متفلسفة ومتعالية عن الحياة اليومية وعادياتها، وتم تصدير ذلك كأنه لا التقاء بينهما في مساحة أرحب هي مهنية وممتعة معا.
وقد أثر بالسلب داخل هذا السياق احتكار البعض لفهم ما يريده الجمهور، فذاعت مقولة تم استيرادها من خارج زمنها بأن من يبتغي الانتشار والشهرة عليه أن يتبع فلسفة أداء يكون فيها المهم البحث عن حالة تتبع وكشف ما ينتهك سترا، حتى إنني رأيت تغطية على موقع جديد يبتغي شهرة يقوم من يعلق على حادث قفز أفضى لموت بتسليط الكاميرا على شقة في أحد أدوار عمارة سكنية ويشير محددا بالدقة رقم العمارة واسم الشارع والحي بأنه هنا ومن شرفة الشقة حدثت حالة المرأة التي تم حدث لها "كذا وكذا"، هكذا وصل الجهل المتعمد واللاتدريب وغياب الحساب والتي أسفرت في كثير من تجلياتها عن كثافة متابعة جرائم شاذة وتعمد فضح الناس بلا وعي قانوني وبلا اختلاف في التغطية- حيث النميمة السوداء منهجا- وبكثافة تعلو متابعة ضرورات الحياة والمستقبل، أى أن هذه الرؤية تُعلي وتُعلم الجمهور إقصاء ما يخص شؤون الحياة اليومية وفق تصور أنه جمهور أسير نهمه وتربصه كذئب للنميمة!.
خطورة ذلك أنه في أحداث مهمة وقضايا ذات أولوية سيجد هذا الجمهور- وهنا تبرز الأزمة- مضطرا أن يسلم أذنه وعينه لروايات مختلفة متباينة بدون وعي أو استسهالا، هي بالضرورة ذات قصد ويقدمها "آخرون" بعيدون جغرافيا وإنسانيا عن كل ما يحيط به، وبعد أن خفت أو بهت تأثير ودور بعض من وسائطه الإعلامية في سرد وتغطية متنوعة للوقائع اليومية تؤسس لثقة في تقديماتها، ويزداد هذا الاحتياج والاعتماد بعد أن اتسع نطاق ما يحيط بالفرد ولم يعد يمكنه منفردا أن يحيط به خُبرا أو يستطيع عليه صبرا، وهنا بالتحديد يبدو النفوذ المهول للسوشيال ميديا قراءة ونقلا وتأويلا وتأثيرا مختلطا.
إن تأكيد الاهتمام بتغطية أحوال الناس العادية وثقافاتهم ومعايشهم وأحوالهم ومشكلاتهم وأفراحهم وفنونهم وثقافاتهم هي مجال النفاذ نحو تواصل معهم وقربا منهم ثم هي مجال بناء الثقة في وسائل إعلامه وتعظيم مدى الاعتماد عليها، تلك التغطية المهنية التي تربط الناس بالإعلام وتوفر أيضا لوسائل الإعلام رئة التنفس والبقاء اقتصاديا، فيكون الإعلام أيضا حاضرا حين الاحتياج له، محليا وإقليميا، فاعلا لا ساكنا، مبادرا لا رد فعل، ولا يعني ذلك أنه بالضرورة إعلام الشكاوى والسلبيات، وهنا يكمن فصل المهنية العظيم عن كيف يتحقق ذلك في مناخ من توازن يبرز الأولويات الحياتية بدون تقليل أو تهويل، مع إمتاع العرض والتقديم، هذه هي ماكينة ضخ ونجاح المهنة الإعلامية ومقومات استمرارها في العالم، الإبداع في توازن لا تطغى عليه الغرائبية أو البعد عن مدار الواقع تحليقا في مجال الحوادث والجريمة تحديدا حتى إنه لو لم يجد ما شذ منها اخترعها وأطال بقاءها.
ولنكن واضحين تماما ونحن نقارب المسألة: هل اختفى من إعلام الكون التحميل والقصد والغرض يوما؟، وهل منع "التحيز" المصنوع من انتشار وذيوع فضائيات ومنصات إعلامية إقليمية ودولية واقبال الجمهور عليها؟، لكنها براعة "التحميل" واحتراف المهنة إذ يتوافران أداء، فلتنظر ما شاءت لك عيونك وهي تجول في الأثير والفضاء وعبر الشاشات والمنصات، ولتسأل في وداعة: لماذا يتم ضخ كل تلك الاستثمارات والموارد من ميزانيات الدول غربها وشرقها على مشروعات إعلامية إحترافية ومؤثرة، بعضها لا ينطق بلغة دولها ولاتتوجه لسكان جغرافيتها؟، إنه الإعلام إذ يكون ضمن استراتيجية المجتمعات قوة ونفوذا وتأثيرا وامتدادا، يحمل رسائلها ويثبت أفكارها وثقافتها وتفسيراتها وتصوراتها للأحداث ويؤكد على دورها الثقافي وحضورها محليا وإقليميا، وهذا لعمرك مما قد صار من بديهيات حاضر الزمان.
إعلان