إعلان

تشويش روسي على إسرائيل... لماذا الآن؟

محمد حسن الألفي

تشويش روسي على إسرائيل... لماذا الآن؟

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 01 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

محمد حسن الألفي

تشكو إسرائيل أن روسيا تشوّش على رحلات الطيران المدني وطلعات الطيران الحربي، لكن موسكو تنفى مرة وتبرر مرات. والحق أنها ليست المرة الأولى، التي تقوم فيها روسيا بالتشويش الطيفي الترددي، على أجهزة الملاحة الجوية في إسرائيل خاصة شرقي المتوسط. فقد سبق أن شوّشت القوات الروسية بقاعدة حميميم بريف اللاذقية بسوريا، على أجهزة تحديد المواقع GPS بمطار بن جوريون، في يونيو عام ٢٠٢١ ، كما قامت روسيا بالتشويش الالكتروني على الطائرات الحربية الأمريكية في طلعاتها بالقرب من إيران.

لنعرف أولا معنى ووظيفة التشويش، ثم نناقش الأسباب وراء التحول في السياسة الروسية، وهل هو جذري أم عارض. حين يتم التشويش على أجهزة تحديد المواقع، بالطائرات المدنية فإنها تجد صعوبة بالغة في الهبوط، وفى الطائرات الحربية، تتلقى الأجهزة الملاحية بالمقاتلات بيانات كاذبة، وإنذارات وهمية، وتوجيهات بالانسحاب فورا من فوق الموقع المستهدف.

من ناحيتها، ردت موسكو على الشكاوى الإسرائيلية بأنها غير حقيقية، وردت مرات مبررة استخدام التشويش بقاعدة حميميم بأنها إجراءات تأمين دفاعية لحماية قواتها. وأيا كانت الأسباب، فمن الواضح أن روسيا تبعث برسالة إلى تل ابيب عبر عمليات التشويش الإلكتروني وتضليل المقاتلات الإسرائيلية في غاراتها المتكررة على قواعد الصواريخ الإيرانية والسورية في محيط دمشق.. معظمها بالطبع صواريخ روسية، وأنها لن تكتفي بالفرجة على تدمير ومهاجمة منصات ومنظومات الدفاع الجوي السوري.

وكانت موسكو قامت الأسبوع الماضي بدورية جوية مشتركة مع السلاح الجوي السوري، مما عزز من مخاوف إسرائيل ببروز دور روسي يتجاوز حماية بشار الأسد من الأتراك أو الأكراد أو الدواعش. أما لماذا الآن، وهل هو تغير جوهري أم عارض، فإن القدرة على تحديد مدى هذا التغير، تكمن في التوتر الأمريكي الأوروبي الروسي، على الحدود مع أوكرانيا، ويكمن في التجهيزات العسكرية المتسارعة على الحدود بين بيلاروسيا حليفة روسيا وأوكرانيا المارقة. يكمن ثالثا في فهم مغزى المناورات البحرية المشتركة بين الأساطيل والبوارج الحربية الروسية والإيرانية والصينية شمال المحيط الهندي... وهو ما يعنى وقوف الدول الثلاث فى صف واحد إزاء خصم غربي متعدد الجبهات على جانبي الأطلسي.

ربما تخفف موسكو من التداخل الطيفي الترددي، يؤدى إلى إحداث اضطرابات في المجال الجوي الكهرومغناطيسي، فوق شرقي المتوسط، لتوفير الأمان في هبوط الطائرات المدنية، القادمة بالذات من ناحية الغرب، إلى مطار بن جوريون. ومن المفهوم أن موسكو لا تتحمل في الوضع الدولي المتأزم حاليا، عواقب كارثة جوية مدنية، يستغلها الإعلام الغربي، لتشويه صورتها وبيان أنها صارت دولة تزعزع الاستقرار الدولي وتهدد السلامة الجوية للطيران المدني.

لم تسكت إسرائيل على ما وقع لطياريها فوق المواقع السورية وما عاصروه من تضارب في بيانات التوجيه، وتقدمت باستفسارات إلى موسكو ... ويبدو القادة السياسيون والعسكريون في تل أبيب في حيرة من أمرهم تجاه هذا التحول الروسي.. وهناك تساؤلات عما إذا كان ذلك عقابا عارضا لإسرائيل بسبب استمرار الغارات على دمشق دون اطلاع الجانب الروسي عليها بوقت كاف... أم أن روسيا قررت بالفعل بناء حائط صد إلكتروني حول دمشق لحماية حليفيها في المنطقة ... إيران وسوريا ... أم أن روسيا ترد على موقف أمريكا مع أوكرانيا ... بمناوشة إسرائيل؟

المسرح الدولي بلغ أشد درجات التعقيد والاستقطاب

إعلان