إعلان

حديث معروف

د. غادة موسى

حديث معروف

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 13 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إنه حديث الجامعات. مستقبل الجامعات الحكومية في مصر. ولا أعلم دولة في العالم لا تعتني بجامعاتها الحكومية، التي لا يُنظر لها باعتبارها صروحًا تعليمية فحسب، وإنما كمؤسسات ثقافية وحيوية. فتاريخ الجامعات المصرية، وبصفة خاصة جامعتي القاهرة وعين شمس والجامعات العريقة في محافظات مصر سواء جامعة المنصورة أو جامعة أسيوط - شاهد على الدور الذي لعبته في حركة التنوير الثقافية وحركة تحديث العلم وحركة الاستقلال السياسي الوطني.

والجامعات الحكومية في دول العالم تتطور ويتم رفدها بكل ما هو جديد وحديث. ولا يتم التمييز في ذلك بين كليات العلوم الطبيعية وكليات العلوم الإنسانية. بل إن جامعات العالم العريقة تحتل فيها كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية مكانة لا تقل أهمية عن كليات العلوم الطبيعية.

وتعد النظرة لطبيعة العلوم التي تحتاج لاهتمام ورعاية وأولية في تخصيص الموارد -في سياسة التعليم العالي في دولنا- من الإشكاليات المفاهيمية الكبرى. فالعلم أصبح محصورًا في العلوم الطبيعية وعلوم التكنولوجيا. فحتى يمكن مواكبة العصر لا بد من التركيز في تلك العلوم أكثر من غيرها.

وبإلقاء نظرة سريعة على دور الجامعات نجده يتمحور في الآتي: التعليم والتعلم، البحث العلمي، خدمة المجتمع والبيئة. لذلك حرصت معظم جامعات العالم على رفد العلوم الطبيعية بعلوم إنسانية مثل: علم الاجتماع أو دراسة الفلسفة أو دراسة الاقتصاد. فليس من المعقول تطوير الخدمة الطبية والعلاجية بدون معرفة البيئة والمجتمع الذي توجد فيه بعض الأمراض أو الممارسات الخاطئة. كما يصعب وصف خطة علاجية بدون التعرف على إمكانات المجتمع المادية والمجتمعية. فالأمور لا تنفصل ولا تتجزأ.

كذلك البحث العلمي، فالبحث العلمي هدفه تطوير العلم وخدمة المجتمع به. أي يحتاج إلى تضافر وتعاون مجتمعي وتواصل مع المجتمعات المحيطة بالجامعات.

وكل ما سبق يحتاج إلى موارد مالية. ولست في حاجة إلى استعراض موازنة الجامعات الحكومية التي إذا ما قورنت بحجم خسائر بعض الشركات لاعتبرت "لا شيء". بل نجد أن هناك تفاوضًا على مخصصات التعليم العالي للجامعات الحكومية. إذًا من أين يمكن أن تأتي الجامعات بموارد إضافية تعينها على مهامها؟، نجد الحل في الرسوم الخاصة بالتعليم في الأقسام الأجنبية ورسوم الدراسات العليا. وهذه الرسوم تعتبر باهظة للغاية، ولا تمكن النابهين والمتفوقين من إمكانية استكمال دراساتهم العليا؛ ببساطة لأنهم دخلوا الجامعات الحكومية باعتبارها غير مكلفة، فكيف إذًا ترتفع مصاريف الدراسات العليا إلى مبالغ باهظة؟!

الأمر الثاني يتعلق بالبحث العلمي، فحتى ينشر المدرس المساعد أو المدرس أو الأستاذ المساعد أبحاثه في مجلات علمية لها تصنيف دولي يحتاج إلى حوالي مائتي ألف جنيه بحد أقصى. من يتحمل تلك التكلفة؟، الجامعات تتحمل جزءًا يسيرًا.

ثم نأتي لبيت القصيد وهو رواتب أساتذة الجامعات. هذه الرواتب تحتاج لإعادة نظر جادة. وكما سبق القول، فالأستاذ الجامعي شأنه شأن القاضي يحتاج أن يعيش كريمًا نزيهًا حتى يستطيع أن يؤدي رسالته التعليمية والعلمية بدون عقبات أو تنازلات. وهذا الحديث ليس جديدًا. فأتذكر أن عميد الأدب العربي ورئيس جامعة القاهرة الدكتور طه حسين قد ناقش وزير المالية في هذا الشأن عندما طالبه بزيادة المخصصات المالية لجامعة القاهرة، فلم يستجب له الوزير آنذاك، فما كان من دكتور طه حسين إلا أن وافق على موقف الوزير متسائلًا عن كيف يمكنه تطوير العملية التعلمية الجامعية بدون موارد، وعما إذا كانت تلك رغبة الدولة...

إعلان

إعلان

إعلان