إعلان

اليمن أصبح مستنقعًا لإيران أيضا

اليمن أصبح مستنقعًا لإيران أيضا

محمد جمعة
10:00 م الثلاثاء 27 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

المتابعون للشأن اليمنى يعلمون جيدا أن مجريات الصراع الدائر هناك، قُتِلَت بحثا على يدي دوائر بحثية عربية وغربية، على حد سواء.

لكن اللافت في الأمر أن مسألة إحصاء خسائر الحرس الثوري الإيراني، والعناصر التنفيذية لحزب الله، في اليمن لم تحظ باهتمام ملحوظ، هذا على الرغم من تزايد تلك الخسائر، خلال الشهور الماضية، بدرجة كبيرة.

والشاهد هنا أن عدد من تم أسرهم من مقاتلي حزب الله، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وصل إلى عدد من تم أسرهم خلال عام 2016 بأكمله.

على سبيل المثال، أسرت قوات يمنية تابعة للتحالف الخليجي، في الرابع من مارس2017، سبعة مستشارين عسكريين تابعين لحزب الله في تعز ومأرب. وكذلك عنصرين من الخبراء البحريين التابعين لحزب الله بالقرب من تعز، أحدهما متخصص في زرع الألغام البحرية، بينما الآخر متخصص في الحروب البحرية اللامتماثلة. كذلك، تزايدت بدرجة كبيرة حوادث عثور قوات سعودية ويمنية على معدات إيرانية ضمن معدات من يقعوا في الأسر من المقاتلين الحوثيين شمال اليمن.

في بداية الصراع اليمني، كان المستشارون الإيرانيون، وكذلك من حزب الله، يتجنبون الانخراط بشكل مباشر في العمليات القتالية، وركزوا على برامج تدريب وتسليح الحوثيين. حيث تمركزت معسكرات التدريب التابعة لهما بعيدا عن الخطوط الأمامية، الأمر الذي سمح للجماعتين بتواجد ضئيل، وقلل من خسائرهما في اليمن، وفى ذات الوقت سمح لهما جزئيا بمضاعفة التواجد على مسرح العمليات في سوريا والعراق.

لكن الآن، يتم قتل وأسر مستشارين عسكريين من إيران وحزب الله بأعداد متزايدة في اليمن، نتيجة زيادة حجم الانخراط الإيراني في الصراع هناك... هذا ما تعكسه التطورات الميدانية خلال العام الجاري.

ففي فبراير 2017، أعلن محافظ صعدة هادي طرشان الوايلي أن عدد مستشاري الحرس الثوري الإيراني في محافظته قد تضاعف. ويشرف هؤلاء على صيانة ونشر أنظمة الصواريخ الباليستية لكتائب الصواريخ التابعة للحوثيين.

لكن بالمقابل، وفى ذات الشهر كانت ضربات التحالف الخليجي قد أصابت هدفها لتقتل العشرات من مستشاري الحرس الثوري العسكريين، ومسؤول صواريخ معروف بـ"الأفغاني"، في محافظة صعدة شمال اليمن.

أيضا، في 22 مارس الماضي، بعثت إيران بالمزيد من ميليشيات الشيعة العرب والأفغان في سوريا، ونشرتهم هناك بهدف تقديم الدعم العسكري للحوثيين في اليمن.

لكن بعدها بأسبوع، أمطرت سفن حربية تابعة للتحالف الخليجي منطقة ساحلية بالقرب من مدينة الحديدة بالقذائف. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل العديد من مقاتلي الحرس الثوري أثناء مساعدتهم المقاتلين الحوثيين في تجهيز قوارب مفخخة كان من المقرر أن تنفذ هجمات ضد سفن أمريكية وسعودية في البحر الأحمر.

قبل ذلك، وتحديدا في 21 من مارس الماضي، ضربت عاصفة رملية الحدود الجنوبية الغربية للسعودية مع اليمن. وفي التوقيت ذاته، اتجه ضابط تابع لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، معروف بكنيته فقط "أبو علي"، مصحوبا بـ52 من الحوثيين المسلحين بقاذفات كاتيوشا نحو منطقة عسير داخل أراضي المملكة العربية السعودية. وكان هدف هذه الكتيبة تنفيذ سلسلة من الغارات الصباحية ضد المملكة.

وهاجم الحوثيون بالفعل آنذاك بلدة ظهران، قبل أن يتجهوا جنوبا لكي يستولوا على نقطة "علب" الحدودية السعودية.

بعد سيطرتهم على مركز قيادة "علب"، زرع مهندسون حوثيون متفجرات داخل المركز وقاموا بنسفه. ردت قوة تدخل سريع سعودية، مصحوبة بمقاتلات إف 15 سريعا على هذا الهجوم.

محصلة هذا الهجوم، قتل الضابط التابع للحرس الثوري الإيراني هو و40 من المقاتلين الحوثيين، وإصابة 12 آخرين، وتدمير مركباتهم وقاذفات الصواريخ التي كانوا يحملونها.

ويدلنا هذا الحادث بتفاصيله المذكورة أعلاه، على حجم ومعدل الكلفة البشرية التي تدفعها إيران ووكلاؤها في اليمن.

في الواقع، لقد تزايدت أعداد خسائر الحرس الثوري الإيراني في اليمن بأكثر من الضعف هذا العام مقارنة بالعام السابق عليه.

لكن، وخلافا للقليل جدا من البيانات الغامضة أو المقتضبة، لم تعلق إيران أو حزب الله بشكل معلن عن عملياتهما العسكرية أو خسائرهما في اليمن، وذلك في تناقض واضح مع بياناتهما الصحفية العاطفية الناعية بأسى شديد لـ"شهدائهما" في العراق وسوريا !!

بالطبع، يمكن فهم الدعم الإيراني للحوثيين بوصفه جزءا من استراتيجية "تطويق ومحاصرة" شبه الجزيرة العربية.

وقد كان الحوثيون دائما نموذجا للاستثمار قليل الكلفة، الذي يعود على إيران بفوائد كثيرة. ولكن الآن يبدو أن هذه المعادلة تتغير بدرجة كبيرة.

صحيح أن خسائر إيران ووكلائها في اليمن، لم تصل بعد إلى حجم خسائرهم في سورية. وصحيح أيضا أن التدخل الإيراني في اليمن ساهم في توريط دول الخليج أكثر فأكثر.

لكن كل هذا لا ينفى، بالمقابل، أن تحولات التدخل الإيراني في الصراع اليمني، وصلت مؤخرا إلى وضع "المستنقع" أو "حقل القطران".

إعلان

إعلان

إعلان