إعلان

عصام خضيري يكتب: أحفاد «جماعة المقطم» في الصحافة

عصام خضيري يكتب: أحفاد «جماعة المقطم» في الصحافة

04:01 م الأربعاء 18 مايو 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - عصام خضيري:

ما أشبه تبرير اقتحام نقابة الصحفيين ببارحة جماعة «المقطم» - ولمن لم يُحِط خُبْرًا، «المقطم» هي صحيفة الاحتلال الإنجليزي في مصر - التي سعى المحتلون إلى اجتذاب أفرادها بدعم من اللورد كرومر، وأصدروها ليحارب صحفيوها زملاءهم المناوئين، والثائرين من أجل الكرامة والاستقلال. 

والمرء إذ عرف أن أولئك - «جماعة المقطم» - كانوا يدعون علنًا إلى مسالمة، ومحاسنة، ومعاونة الإنجليز في إصلاح مصر، ويشيعون أنه لا نفع للمصريين في مقاومتهم، وأن احتلال البلاد خير للعباد من استقلالها، بَطُل العجب من تأييد وتبرير اقتحام نقابة الصحفيين. 

وبنظرة على مؤيدي «حادثة النقابة» من المجتمعين في عُصبة «الأهرام» تكتشف أهمية المثل القائل، «اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها».. فـ«يعقوب صروف وفارس نمر وشاهين مكاريوس»، وغيرهم من الصحفيين المؤيدين والمنبطحين للاحتلال كانوا أغنى الصحفيين مالاً، وأكثرهم أطيانًا، ويملكون دورًا كالقصور، ويعيشون ترفًا قد لا يبلغه الوزراء     !

و«أحاديث إفك سلامة النية، وتطبيق القانون» المنبعثة من أفواه قلة سبقهم إليها آباؤهم الأولون بـ«المقطم»، وغيرها من الجرائد الموالية للمبعوث البريطاني، وقت حادثة دنشواي، التي أُعدم وجُلد وسُجن فيها 92 قرويًا إثر وفاة ضابط إنجليزي بـ«ضربة شمس» ! 

ويزول الضجر يتبعه الغضب من عبارة «بيهيجوا الشارع ضد الصحفيين.. ولم يحدث اقتحام للنقابة»، عندما تعرف أن أسلاف قائليها هاجموا الفلاحين المصريين الذين دافعوا عن شرفهم، وكرامتهم، ولم يقربوا ضباط الاحتلال الذين ارتكبوا جريمة «قتل المرأة وإحراق الجُرن» ولو بالإشارة، معتبرين أن «هذه الحادثة أهاجت خواطر الناس هياجًا عظيمًا، وستكون شُؤمًا ووباًلًا على - الفلاحين - مرتكبيها».

وجماعة «المقطم» أيدت رواية ناظر الداخلية عن حادثة دنشواي حينها، وزادوا عليها، أن «ضباط الإنجليز ابتعدوا عن الشر، وبان حبهم العجيب للمسالمة، وخلوص طويتهم، وصفاء نيتهم إلى حد يكاد لا يصدق !».

ورأوا أن أهالي «دنشواي» فعلوا حينئذ فعلًا يجل عنه أهل الشرق، ولا يليق بأبناء مصر الدفاع عنه، أو وجود هؤلاء الفلاحين بينهم.. ولو بُعثوا - وجماعة «المقطم»  - من مرقدهم هذا لقالوا: «ماذا نقول وأي شيء يقال بعد كل ما قيل.. لم يعتدِ أحدًا على أمن النقابة.. ولا للتستر على مطلوبين للعدالة» !

وتأييد سلطة «اللورد» لصحفييها لم تتوقف عند الدعم والتمويل بل ذهب إلى «حماية الداخلية لهم»، ومنع المساءلة القضائية، أو تطبيق قانون المطبوعات ضدهم. 

وفي المقابل استخدم ناظر الداخلية العنف مع الصحفيين المتظاهرين أمام «المقطم»، وأُفسح المجال لـ«المواطنين الشرفاء» بتوجيه السباب لصحفيي «المؤيد» و«اللواء» في رسائل موقعة بأسمائهم كانت ترسل لـ«وحيد بك» ونشرت بالصحف ! 

و«القضية لا ينبغي أن تكون سياسية»، لأن «جماعة المقطم» يرون أن حادثة دنشواي منحصرة بين 5 ضباط وأهالي قرية ريفية، وأن كل مصري ذي عقل ومروءة وأنفة يرفض أن يلطخ بلده بعار ارتكبه «رعاع الأمة وسفلتها»، وأن إعدام الفلاحين وجلدهم هو جزاء ما جنت أيديهم. 

ولم يكن «الترهيب بفرض الحصار.. وتكميم الأفواه» وليد اللحظة، فطالبوا بـ«كف شر أولئك الزعانف - يقصد الصحفيين الثائرين - لأن تكميم أفواههم من مصلحة البلاد، ومصلحة الساكنين فيها، ومعاقبة جرائد التهور والهياج التي تضر بضاعتها البلاد ضررًا عظيمًا، لعبثها بحرمة المصريين بنشر أقوال وهتافات الصحفيين الشائنة التي تجرح الإنجليز»، أي والله بالنص كده ! .

 

الآراء الواردة تعبر عن الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي مصراوي

إعلان

إعلان

إعلان