"الفرحه اللي متمتش".. أهالي العشوائيات يتحدثون لمصراوي عن نقلهم لـ"الأسمرات"
كتب- إسلام الجوهري:
"عاوزين حد ينجدنا من الزبالة اللي عايشين فيها".. ربما هذه الجملة التي اطلقها عم "محمود" الذي يسكن في عزبة خير الله توضح حجم المعاناة التي يعيشها أهالي العشوائيات، ومؤخرًا افتتح الرئيس السيسي المرحلتين الأولى والثانية لمشروع "حي الأسمرات"، ويتضمن إنشاء ١١ ألف وحدة سكنية بتكلفة 1.5 مليار جنيه للقضاء على العشوائيات الخطرة في مناطق الدويقة وإسطبل عنتر وعزبة خير الله.
"الدويقة، عزبة خير الله، وبطن البقرة، .. وغيرهم) تلك المناطق التي تشكل خطرًا على سكانها، ما جعل الدولة تتحرك لمحاولة إيجاد حل لهذه الأزمة، مشروع "الأسمرات" الذي بدأ انتقال بعض أهالي هذه المناطق العشوائية إليه منذ أمس الثلاثاء.
البداية كانت في هدم الحكومة لبعض المنازل في تلك المناطق وإخلاء الأخرى بسبب وجود ما وُصف بأنه "خطر" على حياة المواطنين في مشكلة امتدت لأكثر من عامين كانت بدايتها من "الدويقة"، ووعدت الحكومة بتوفير مساكن لهم بايجار رمزي ونقلت بعضهم إلى مساكن بـ 6 أكتوبر، فيما امتنع الكثيرون بسبب بُعد المسافة عن أماكن عملهم ومدارس أولادهم ومصالحهم، فمنحت الحكومة خيارا آخر وهو بدل إيجار 300 جنيه لكي يستأجروا وحدات لحين تسليمهم وحداتهم في مشروع "الأسمرات".
"مشروع الأسمرات تأخر كتير"، قالها عم "محمود" أحد سكان عزبة خير الله، مضيفًا أنهم أطلقوا استغاثات للمسؤولين كثيرًا بشأن تراكم القمامة في أماكن سكنهم، وأنهم يحتاجون مساكن آمنة لهم ولأسرهم.
أمّا "محمد عيسي"، الذي يتجاوز الـ 74 عامًا من سكان الدويقة، فيقول إنه مازال يعاني بسبب عدم حصوله على وحدة سكنية في مشروع الأسمرات أو كما أطلق عليه "تحيا مصر" رغم وعود الحكومة لكثيرين وهو من ضمنهم منذ عامين بالحصول علي وحدة في المشروع، مؤكدًا أن لجنة وزارية زارته بالفعل وعاينت منزله إلا أن الأمر توقف عند هذا الحد، ولايزال لا يعلم متى ستنتهي معاناته. ويختتم "عيسى" حديثه قائلًا: "أنا عايش في غرفة مكشوفة، مع بناتي، من غير ما حاجة تحميهم جحيم الحر ولا من لسعة الشتاء".
أطلق"حنفي حسن"، أحد قاطني منطقة الرزار بالدويقة، مناشدة للرئيس السيسي بإنقاذ أهالي المنطقة، قائلًا: "إن الموت يهاجمهم كل يوم، فالعقارب والثعابين تُحيط بهم، انتظر مع الآلاف الحصول على وحدة سكنية في مشروع الأسمرات أو إحدى المشارع المشابهه له، لإنقاذنا مما نعيش فيه".
أمّا "يوسف" والذي انتقل أمس إلى "الأسمرات"، يقول إنه بالكاد يكسب قوته هو وأولاده وأنه لا يقدر على تحمل قيمة إيجار الوحدة السكنية التي حصل عليها في المشروع، مضيفًا أن مبلغ 300 جنيه والمنصوص عليه في التعاقد علي الوحدات يعد مبلغ كبير بالنسبة له خاصة وأنه يعمل باليومية ولا يستطيع إدخار أي أموال إضافيه أو تدبيرها.
يرى "ناصر"، أحد المنتقلين من الدويقة لـ"الأسمرات"، أنه لايوجد وسائل مواصلات مباشرة من المشروع، وأنه يضطر للتنقل للعديد من وسائل المواصلات حتي يستطيع الوصول إلى محل عمله بالدويقة الذي يقتات منه وعائلته. بينما "مهدي" ـ الذي يعمل بأحد مصانع الدويقة ـ عبّر عن سعادته بمستوي الإسكان في مشروع الأسمرات لكنه يتفق مع ما طرحه "ناصر" بأن قيمة الإيجار سيُحمل الأهالي أعباءً مادية لا يقدرون عليها، خاصة وأنهم بالكاد يصمدون أمام الغلاء والمصاريف الخاصة بهم وبعائلاتهم.
"كانت ببيع بعض الحلوى وبعض المستلزمات المنزلية أمام بيته في الدويقة، ولكن الآن لا أعلم كيف سأدبر أمور معيشتي" قالها "محمد". أمّا "ثروت" ـ أحد المنتقلين حديثًا إلي الأسمرات ـ يرى أن المشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود مدارس بالمنطقة، ومن غير الطبيعي أن يذهب أولادهم كل يوم إلي الدويقة حيث مدارسهم، مُعبرًا عن أمله في توفير مدارس حكومية مجانية في المشروع لحل تلك الأزمة. فيما يرى الشاب العشريني "حسن" أن مشكلة المواصلات ستكون الأكثر تأثيرًا فستكلفهم الكثير خاصة وأنه ليس هناك وسائل مواصلات مباشر.
ورغم المشكلات التي قد تواجههم، وجّه "محمد إبراهيم" تحية إلى الرئيس السيسي، وهو تغمره فرحة عارمة، ويرى أن الرئيس طوّر من مستواهم ونقل عيشتهم من الدويقة وعزبة خيرالله إلى هذا المشروع الذي وصفه بـ"الراقي"، مؤكدًا أن وحداتهم التي تسلموها على أكمل وجه ولا ينقصها شئ، ودعت "صفية" بالتوفيق لحكومة على هذا المجهود، مضيفة "ربنا كرمنا بالمشروع ده". وقول "ناصر" أنه لأول مرة يصبح آمنًا على بيته وأسرته وهو في عمله.
صندوق تطوير العشوائيات أكد أن محافظة القاهرة يوجد بها 24 منطقة مهددة للحياة بإجمالي عدد وحدات 28.700 وهي المناطق التي كانت تحتاج إلي الإزالة الفورية وإتاحة سكنية بديلة حفاظًا علي الأرواح.
وقال الصندوق أن الوحدات السكنية الجديدة تكون بنظام الانتفاع مقابل مبلغ يصل إلي 300 جنية شهريًا، على أن تُقام المرحلة الأولى من مشروع الأسمرات على مساحة 65 فدانا تضم حوالى 6258 وحدة سكنية بتكلفة حوالى 850 مليون جنيه، بتمويل من محافظة القاهرة وصندوق تطوير العشوائيات.
فيما تُقام المرحلة الثانية من المشروع بتمويل من صندوق "تحيا مصر" على مساحة 61 فدانا ملكية مشتركة مع القوات المسلحة، بقيمة تعاقدية 700 مليون جنيه، وتضم حوالى 4722 وحدة سكنية، بخلاف إنشاءات المبانى الخدمية والمرافق، ومن المقرر أن يتم البدء فى تنفيذ وإنشاء المرحلة الثالثة والجديدة لامتداد مشروع الأسمرات "الأسمرات 3"بعد الموافقة على المخطط العام للموقع التى تقام على مساحة 62 فدانا، بإجمالى عدد وحدات 7440 وحدة، بتكلفة متوقعة 950 مليون جنيه قابلة للزيادة.
وبشأن العمل والخدمات والمدارس يقول اللواء أحمد تيمور القائم بأعمال محافظ القاهرة، إنه تم توفير جميع المبانى والمراكز الخدمية للسكان الجدد، بتوفير 4 مدارس بمشروع "الأسمرات 1"، منها مدرستان تجريبيتان ومدرستان للتعليم الأساسى، كما أن مشروع "الأسمرات 2 "به 3 مدارس، فضلاً عن توفير مركز ثقافى وفنى ومكتبة عامة، كما سيتم انشاء مسرح كبير، بالإضافة إلى إنشاء ملاعب للترفيه عن الشباب، وتمت مراعاة كبيرى السن والمعاقين فى اختيار السكن، وتم اختيار الأدوار الأرضية لهم.
تيمور أكد أنه سيتم إنشاء مراكز للصناعات الحرفية، حتى يتمكن أصحاب الحرف من العمل فى مجالاتهم بجوار أماكن سكنهم، كما أنه سيتم إنشاء حوالى 388 محلا تجاريا، وتم الاتفاق مع ورش الإنتاج الحربى لدعم أصحاب الصناعات داخل الأسمرات، أما بالنسبة للمرأة يُضيف "صندوق تحيا مصر سيتكفل بإقراضها حتى تتمكن من العمل وإعالة أبنائها".
من المقرر أن تستمر الحكومة في نقل الأسر التي يصل عددها إلي 840 أسرة من سكان الأماكن الخطرة بحى منشأة نصار والدويقة بالمرحلة الأولى من مشروع الأسمرات، والتى افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسى الاثنين الماضي، وسلم عقود الوحدات السكنية لـ10 من الأهالي من سكان شارع أحمد حافظ بمنطقة الدويقة.
كانت هناك بعض الصعوبات في إقناع المواطنين بترك الأماكن التى عاشوا فيها منذ عشرات السنين، وعلّق الرئيس السيسي عن تلك المشكلة خلال مناقشته لأزمة العشوائيات، قائلًا "إن الدولة تتفهم صعوبة رفض بعض الأهالي لترك مساكنهم التي تصنف من ضمن المساكن العشوائية، وأن الدولة تسعى لحل ذلك بتطوير مساكنهم الأصلية".
في هذا الصدد، يرى الدكتور سامح العلايلي، عميد كلية التخطيط العمراني الأسبق بجامعة القاهرة، أن مقترحات الحكومة بتوفير مساكن بديلة للعشوائيات شىء جيد، مضيفًا لمصراوي، أنه يجب توفير الخدمات المتكاملة من أجل أن يستجيب المواطنين لمشروع النقل السكني لهم، لأن كل مصالحهم وحياتهم الأسرية مرتبطة بهذه المناطق.
فيما قال سيف الدين فرج، الخبير العمراني، إن نقل المواطن من مكان لآخر لابد من توافر ثلاثة أشياء "سكن، عمل، خدمات متكاملة"، مضيفًا لمصراوي، أن ذلك من شأنه حل المشكلة جذريًا، مؤكدًا أن بعض الأهالي سيعانون من بعض المشكلات المتعلقة بطبيعة عملهم وحياتهم المتمركزة حول المناطق التي اعتادوا العيش فيها، لذلك يجب توفير كل شئ لهم.
بينما يرى الدكتور سيد قاسم، خبير العشوائيات في مصر، أن العشوائيات هي ثقافة سائدة وسلوكيات خاطئة، مضيفًا لمصراوي، أنه يجب علينا توعيه الأهالي الذين يتم نقلهم حتي يحافظوا علي مكانهم الجديد الذي تم نقلهم إليه.
فيديو قد يعجبك: