أجبر زوجته على الاعتراف بالخيانة تحت التهديد.. فما الحكم؟.. باحث بالأزهر يوضح
كتب-محمد قادوس:
"ما حكم من أجبر زوجته على الاعتراف بالخيانة التي ارتكبتها بالتصوير وتحت التهديد؟" سؤال تلقاه مصراوي وطرحه على الدكتور ابو اليزيد سلامة، الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر الشريف، الذي أوضح الرأي الشرعي في تلك المسألة.
في رده لمصراوي قال سلامة إن القتل والزنا من أقبح الجرائم التي ارتكبها البشر على مرِّ التاريخ، مستشهدا في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة النساء "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" وفي قول الله-تعالى- أيضاً، في سورة، الإسراء "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا".
وأوضح سلامة انه لا يجوز المسلم أن يجبر أحدًا على الاعتراف بجريمة الزنا على وجه الخصوص، فالاعتراف ليس دائما سيد الأدلة، وخصوصًا أنه يقوم في هذه الحالة على الإكراه، والزوج ليس جهة تحقيق حتى يقوم بأخذ الاعتراف.
وأشار الباحث الشرعي إلى أن حق الزوج إن تأكد من ارتكاب زوجته لجريمة الزنا، عياذًا بالله، أن يفعل أحد أمرين:
الأول: اللجوء للقضاء لا القتل فيبلغ عنها السلطات المختصة.
الثاني: أن يفارق هذه المرأة بالمعروف دون أن يجبرها على الاعتراف؛ لأنه لا مصلحة من إجبار أحد على الاعتراف بهذه الجريمة وخصوصًا أنه في الحالة المذكورة ليس على يقين من ارتكابها لهذه الجريمة الشنعاء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12].
واكد سلامة أنه مع إقرارنا بأن الزنا من أخبث الكبائر التي لا ينبغي أن يقرها أو يقبلها المسلم في بيته ولا في أهله، إلا أنَّ النبي ﷺ لم يثبت أنه أجبر أحدًا على الاعتراف والإقرار بهذه الجريمة ولا بغيرها، بل إنَّه كان حريصًا على الستر وقصة المرأة التي وقعت في الزنا في صدر الإسلام وتابت أكبر دليل على حسن التصرف في مثل هذه المواقف فلم يذكر لنا أحد من الصحابة اسمها واكتفت الروايات بأنها الغامدية نسبة إلى قبيلتها كنوع من الستر، ولم يقم عليها النبي ﷺ الحد رغم اعترافها إلا بعد أن وضعت حملها ثم أرضعت حتى استغنى بالفطام مما يعني أنها مرَّ على اعترافها الأول ما يربو على السنتين حتى لا يحاسب الطفل بجريمة أمه، ولم يحبسها النبي ﷺ كل هذه الفترة بل تركها فربما تتراجع عن اعترافها، ولم يطلبها وإنما هي التي أصرت على تطهير نفسها من هذا الذنب الشنيع، ولم يوافق النبي ﷺ على سبها أو إهانتها فعن عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قال: (فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ الله ﷺ ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي ، وَإِنَّهُ رَدَّهَا ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لِمَ تَرُدُّنِي ؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا ، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى ، قَالَ : إِمَّا لَا ، فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي . فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ ، قَالَتْ : هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ ، قَالَ : اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ . فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ فَقَالَتْ : هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ فَطَمْتُهُ ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا ، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا ، فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ ، فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا ، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ سَبَّهُ إِيَّاهَا فَقَالَ : مَهْلًا يَا خَالِدُ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً ، لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ . ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ .
فيديو قد يعجبك: