قرار تاريخي من جوجل بالتوقف عن مراقبة تحركات مواقع المستخدمين
أعلنت شركة جوجل إنها ستسمح قريبًا للمستخدمين بتخزين بيانات تحركاتهم ومواقعهم على أجهزتهم الخاصة بدلاً من خوادم الشركة، الأمر الذي يمهد لإنهاء ممارسة المراقبة طويلة الأمد التي سمحت لسلطات إنفاذ القانون بالاستفادة من كمية البيانات الهائلة التي تحتفظ بها الشركة لتحديد مواقع مرتكبي الجرائم والمشتبه بهم.
وتزايد استخدام ما يسمى بـ "أوامر السياج الجغرافي Geofence Warrants" في السنوات الأخيرة، بسبب انتشار الهواتف الذكية إلى جانب تزايد حجم الشركات التي تتعامل مع البيانات الكبيرة مثل جوجل التي تخزن كميات هائلة من بيانات مواقع مستخدميها، بشمل شرعي عند الطلب بواسطة جهات إنفاذ القانون.
وقال موقع "تك كرانش" إنه يمكن لهذه الجهات استخدام "أوامر تحديد الموقع الجغرافي" لمطالبة جوجل وغيرها من الشركات بتسليم المعلومات المتعلقة بأجهزة المستخدمين الموجودة في منطقة جغرافية معينة في وقت معين.
وحسب دويتشه فيله، يرى المنتقدون أن أوامر تحديد المواقع الجغرافية غير دستورية ومطاطة للغاية، لأن هذه المطالب غالبًا ما تتضمن أيضًا معلومات عن أشخاص أبرياء كانوا قريبين من الموقع وقت ارتكاب الجريمة. وأضافوا أنه حتى المحاكم لا تستطيع الاتفاق على ما إذا كانت أوامر تحديد المواقع الجغرافية نفسها قانونية أم لا.
ولم يذكر إعلان جوجل أوامر تحديد الموقع الجغرافي على وجه التحديد، مكتفيًا بالقول إن الانتقال لتخزين بيانات الموقع على أجهزة المستخدمين من شأنه أن يمنحهم "مزيدًا من التحكم" في بياناتهم.
ويقول خبراء التقنية إن هذه الخطوة ستجبر وكالات إنفاذ القانون على طلب أمر تفتيش للوصول إلى هذا الجهاز المحدد بدلاً من مطالبة شركات التقنية - ومنها جوجل - بالحصول على البيانات.
وعلى الرغم من أن جوجل ليست الشركة الوحيدة الخاضعة لأوامر تحديد المواقع الجغرافية، إلا أنها كانت أكبر جامع لبيانات الموقع الحساسة، وأول من قام باستغلالها حسبما نشر موقع "تك كرانش" التقني.
حقيقة وصول الشرطة وجهات إنفاذ القانون إلى بيانات مواقع المستخدمين لدى جوجل، انكشفت لأول مرة في عام 2019. وتعتمد جوجل منذ فترة طويلة على بيانات موقع مستخدميها بهدف التسويق والاعلان عن المنتجات المختلفة، وهي البيانات التي جلبت خلال عام 2022 وحده حوالي 80٪ من إيرادات جوجل السنوية، بما يعادل حوالي 220 مليار دولار.
ولكن في الواقع، يُعتقد أن مسألة مراقبة المواقع أوسع من ذلك كثير، إذ قامت سلطات إنفاذ القانون في وقت لاحق بتوسيع مطالبها المتعلقة ببيانات الموقع لتشمل شركات أخرى غير جوجل ومنها شركتي ياهو ومايكروسوفت رغم أنهما لم تعلنا عن تلقي أوامر بتنفيذ "السياج الجغرافي" ولم تكشفا عن عدد الطلبات التي تتلقاها للحصول على بيانات مواقع المستخدمين.
وحذرت تقارير سابقة لمنظمات حقوقية من سوء استخدام وكالات انفاذ القانون لمسألة "السياج الجغرافي"، وذكروا مثالاً على ذلك إصدار الشرطة في مينيابوليس مذكرة تحديد الموقع الجغرافي لمعرفة الأفراد الذين حضروا الاحتجاجات بعد مقتل جورج فلويد، وكذلك متابعة تحركات السيدات الراغبات في الإجهاض بالسفر الى ولايات لا تجرم هذا الأمر، ما جعل المشرعين الامريكيين يطالبون جوجل بالتوقف عن جمع بيانات موقع المستخدمين وتخزينها بسبب سوء الاستخدام من جانب الأنظمة والحكومات.
وأظهرت البيانات أن جوجل تلقت 982 أمرًا بتحديد مواقع أشخاص في عام 2018، ثم 8396 أمرًا في عام 2019، و11554 أمرًا في عام 2020، ما يكشف عن ارتفاع حاد في عدد هذه الطلبات.
وبعد إعلان جوجل عزمها على وقف جمع بيانات مواقع المستخدمين على خوادمها، قالت مؤسسة الحدود الإلكترونية، التي طعنت في دستورية أوامر "السياج الجغرافي" في المحكمة، في منشور على مدونتها: "في الوقت الحالي، على الأقل، سنعتبر هذا بمثابة فوز".
وقال ديفيد سيفرت، المدير القانوني لمشروع مراقبة تكنولوجيا المراقبة، في بيان صحفي: "ما أعلنته جوجل يعد خطوة كبيرة في مكافحة تتبع مواقع الأشخاص، لكن لا يمكننا التوقف عند هذا الحد.. يجب على جميع شركات التكنولوجيا التي تجمع حاليًا بيانات الموقع أن تحذو حذوها وتتوقف عن تسهيل أوامر السياج الجغرافي".
لكن المؤسسة لاحظت أن هناك طرقًا أخرى وثغرات لا يزال بإمكان جوجل من خلالها تسليم البيانات الشخصية الحساسة لمستخدميها إلى جهات إنفاذ القانون ومنها طريقة قانونية أيضاً تعرف باسم أوامر "الكلمة الرئيسية العكسية reverse keyword"، والتي يمكن من خلالها تحديد حسابات جوجل المختلفة التي جرى من خلالها البحث عن كلمة رئيسية معينة في وقت محدد، مثل ما قبل ارتكاب جريمة الأمر الذي قد يؤخذ كقرينة ضد الشخص صاحب الحساب.
ويقول خبراء التقنية إن ما أعلنت عنه جوجل سيستغرق وقتاً طويلاً لتنفيذه، حيث لا تزال الشركة تحتفظ بكميات هائلة من بيانات المواقع التي جمعتها على مدى سنوات مضت والتي يمكن لجهات إنفاذ القانون الاستفادة منها في أي وقت، حتى تقرر جوجل أنها لم تعد ترغب في الاحتفاظ بها.
وفي أحدث تقرير للشفافية لها في عام 2022، قالت شركة آبل Apple إنها تلقت 13 مذكرة قانونية تطالب ببيانات لمواقع بعض عملائها، لكنها لم تقدم أي بيانات في المقابل. وقالت الشركة إنها "ليس لديها أي بيانات لتقديمها استجابة لطلبات السياج الجغرافي" لأن البيانات موجودة على أجهزة المستخدمين، والتي تقول آبل إنها لا تستطيع الوصول إليها.
فيديو قد يعجبك: