اقبال كثيف بلا شراء.. كيف انعكست قفزة الذهب على شارع الصاغة؟
كتبت- شروق غنيم:
في تردد تدخل منال السيد إلى أحد محال الذهب، تسأل عن ثمن شراء سلسلة تحمل اسم صغيرتها المولودة حديثًا، يُخبرها البائع بالأسعار فيحل الوجوم على وجهها، تستفسر عن أي انخفاض قد يحدث في الأيام المُقبلة، لكنه لا يمنحها جوابًا شافيًا، فتغادر خائبة الأمل من المكان.
وفي النصف الأول من مايو، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا تاريخيًا وغير مسبوق، لتواصل الزيادات الكبيرة التي لاحقت الذهب بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
ولأول مرة تجاوز سعر جرام الذهب عيار 18، ألف جنيهًا، وهو العيار الأكثر انتشار في البلاد بين المقبلين على الزواج لتكاليفه القليلة.
وعلى مدار الأيام المنصرفة، تأرجحت أسعار الذهب بين ارتفاع وهبوط، وسجل اليوم الاثنين انخفاضًا في مصر مع بداية التعاملات، وتراجع الجرام 40 جنيهًا، مقارنة بتعاملات أمس، مع تراجع سعر الذهب عالميًا.
تتراص محال الذهب على جانبي شارع الصاغة، يقف المشترون أمام الواجهات الزجاجية لتفحص المعروضات، يترددون قبل اتخاذ قرار الدخول للسؤال عن الأسعار، تُفكر منال في تأجيل موعد شراء هدية صغيرتها التي انتوتها قبل أن تأتي إلى الدُنيا "يمكن يحصل تغيير اليومين الجايين"
قبل قرابة 25 عامًا، بدأ سيد صلاح العمل في مجال الذهب، افتتح محال في شارع الصاغة بمنطقة المعز بالعاصمة، وأخر في الصعيد جنوب مصر. داخل مكانه الخاص في القاهرة، وضع يافطة "نشتري الذهب القديم بأفضل الأسعار"، إذ يتوافد يوميًا مواطنون يرغبون في بيع الذهب الخاص بهم "بحكُم الأسعار الحالية، بقوا أكثر من اللي بيشتروا".
لم يشهد صلاح أوضاعٍ كهذه من قبل "كلنا بنمر باللحظة دي لأول مرة في حياتنا، مين كان يتوقع الذهب يكسر ألف جنيه؟". قليل ما يزور المشترون محال الرجل الخمسيني في المنطقة التراثية، رغم أنه بحسب خبرته فصل الصيف الأكثر إقبالًا على شراء الذهب بحكم مواسم الزواج والإجازات "لكن حاليًا اللي بيشتري المُضطرين بس بسبب اتفاقات بالجواز من قبل اللي حصل"
على مدار الأيام المنصرفة أخذ يتجول شريف مصطفى برفقة خطيبته على الأماكن الشهيرة بضم محال للذهب، من الزمالك، إلى الدقي وصولًا إلى شارع المُعز. يدوّن الشاب الثلاثيني في ورقة خاصة الأسعار التي يجدها في كل مكان للمقارنة بينهما، رغم ذلك فإنه يعلم بأن المبلغ الذي بحوزته لن يُكفي لشراء "شبكة" مكتملة، يضحك الشاب الثلاثيني إذ ينظر إلى محال لبيع الفضة "شكلها هترسى على كدة".
قبيل الشراء الرسمي وسط العائلة، قرر الشابان التجول بحُرية لاختيار "الشبكة" ولتوفيقها حسب الميزانية التي بحوزتهما "هترسى على دبلة وخاتم ودي متعتبرش شبكة عمومًا"، يأسى الثنائي للموقف الحالي "لسة قدامنا مشوار طويل في المصاريف لتجهيز الشقة، مش هنقدر ندفع مبلغ كبير في الشبكة".
على عكس أغلب المتجولين في شارع الصاغة، تشعر ياسمين محمد بأنها محظوظة بسبب ارتفاع أسعار الذهب. في حقيبة بلاستيكية احتفظت بعدة أساور وسلاسل، تجوب بها على المحال المختلفة بنية بيعها مع وصول الذهب لأسعار غير مسبوقة. ادخرت السيدة الأربعينية الذهب الخاص بها من أجل أي ظروف طارئة، قبل فترة تعرضت إلى ظروف مادية، لكنها أجلت بيعه قليلًا "لما حصل الارتفاع قررت ابيعه أستفيد به في الظرف اللي عندي وهبقى كسبانة في كمان".
لا يتأخر محمد نبوي عن متابعة أخبار أسعار الذهب خلال الأيام الجارية، بعناية يُدقق في التفاصيل والهبوط حتى وإن كان بسيطًا. جاء الشاب العشريني لشراء هدية لطفلته الصغيرة حياة صاحبة الستة أشهر "كنت ناوي اشتري لها حلق من أول ما اتولدت لكن الظروف مسمحتش".أجل الخطوة إلى أن اكتمل المبلغ المُراد "لكن الأسعار رفعت فبقيت مضطر أدفع زيادة".
جولة سريعة في شارع الصاغة حتى وجد الزوجان أفضل سعر لهدية صغيرته، لم يتردد في الشراء خوفًا من أن يحدث أي صعود مُفاجئ "في اليوم الواحد كل شوية نسمع سعر مختلف"، انتزع الشابان فرحة صغيرة ما إن أتموا هدف زيارتهما "مبسوطين إننا جبنا لبنتنا حلق زي ما اتمنينا، وفي النهاية الذهب ذهب، قيمته عمرها ما تقل".
فيديو قد يعجبك: