إعلان

شيرين أبو عاقلة.. صوت فلسطين لن يموت (بروفايل)

03:09 م الأربعاء 11 مايو 2022

المراسلة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة

كتبت-هبة خميس:

صباح اليوم تحركت الصحفية والمراسلة الفلسطينية "شيرين أبو عاقلة"، انطلقت من القدس صوب مخيم جنين لتغطية المظاهرات هناك، علمت باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمخيم ووقع اشتباك، وهناك أرسلت بريدًا إلكترونيًا لمكتب قناة الجزيرة جهة عملها، لتخبر زملائها أنها سترسل التفاصيل بعد إطلاعها على حقيقة ما يجري، لكن الغدر لم يمهلها فرصة العودة وسرد الحقيقة مثلما فعلت دائماً. استشهدت "أبو عاقلة" أثناء تغطيتها، ولم يمنعها الواقي من تلقي رصاصات الاحتلال في مشهد شبيه باستشهاد الطفل "محمد الدرة" في الانتفاضة الثانية عام 2000، في لحظات توقفت حياة حافلة بنقل الحقيقة من الأراضي المحتلة لكنها لم تنتهي.

من جنين شُيعت شيرين كأبطال المحاربين، خرجت جنازة شعبية تتبع مثواها الأخير، تحولت كل الأضواء والأصوات صوب ابنة مدينة القدس، أصبحت هي الحكاية بعدما كانت الراوية.

ولدت "أبو عاقلة" عام 1971 في القدس، العاصمة الفلسطينية المحتلة، وتخصصت في الجامعة بدراسة الهندسة المعمارية، لكنها مالت تجاه دراسة الصحافة بجامعة اليرموك بالأدرن، وعقب تخرجها التحقت بالعمل في الكثير من الوكالات والصحف مثل الأونروا وصوت فلسطين وإذاعة مونت كارلو إلا أنها استقرت بالعمل في قناة الجزيرة الإخبارية عقب إطلاقها عام1997، كانت بين ثلاث مراسلات للقناة، حفظ أجيال الانتفاضة الثانية في الوطن العربي وجوهها ورفيقتها جيفارا البديري على الشاشات في وقت لم يكن للتليفزيون بديل ولا شريك في تغطية القضية الفلسطينية، قبل أن تنضم إليهما نجوان سمري.

مشوار طويل قضته "أبو عاقلة" لتنقل حقيقة ما يحدث من قوات الاحتلال وتقوم بعمل التقارير المميزة التي تكون فيها معظم الوقت في مواجهة الموت لكن شجاعتها لم تمنعها يوماً من نقل الحقيقة.


في عام 2002 تظهر "أبو عاقلة" تُصور ما يفعله الاحتلال رغم دنوها من الخطر وشعورها الدائم بأنها تقف وجهاً لوجه أمام الموت الذي سيمنعها من إيصال صوت الحقيقة.

في لقاء لها تحكي "أبو عاقلة" أن هناك الكثير من التقارير التي غيرت حياتها مثل تقريرها عن سجن عسقلان، حيث كانت أول صحفية فلسطينية يسمح لها بزيارة السجن للاطلاع على أوضاع الأسرى الفلسطينيون به، وملاحظتها لتلك الأوضاع جعلتها تكرس حياتها لقضية بلدها وتغطي ما يحدث خلال أحداث الانتفاضة، ومؤخراً غطت ما يحدث بحي الشيخ جراح واقتحام القوات للأقصى.

في أحد المقاطع تقف "أبو عاقلة" في وجه مضايقات المستوطنين، لا تهتز ولا تتأثر ليكون ذلك موقفها طوال سنوات كما يتحدث عنها زملائها، فلم تفقد شجاعتها لآخر لحظة ولا إيمانها بدورها الذي يحاول الاحتلال طمسه وتكذيبه من خلال أبواقه الإعلامية على مدى سنوات طويلة.

من أبرز التقارير التي عملت عليها "أبو عاقلة" تقريراً عن نقل ملكيات المنازل بالقدس من ملاكها الفلسطينيون للمستوطنين وتكريس القضاء الاسرائيلي للفصل في تلك الجرائم لصالح الاحتلال.
كما تابعت أزمة حي الشيخ جراح مبكراً حينما شرعت قوات الاحتلال في هدم منازل الفلسطينيون لتخلق أزمة الحي التي مازالت قائمة حتى الآن .

على سلالم المسجد الأقصى في رمضان تقعد "أبو عاقلة" مع سكان القدس الذين يدافعون عن الهجمات واقتحام المسجد مثلما يحدث كل فترة من قبل قوات الاحتلال، ليُسجل معها الفنان المقدسي حسام أبو عيشة آخر لقاء عفوي على الشاشة. ما كانت شيرين بعيدة عما يحمله قلب كل فلسطيني في القدس وكافة أرجاء الأرض المحتلة، ترابط بطريقتها، تفرح لفرحة تصيب مدينتها وتحزن لألمها.

قبل أشهر، في أكتوبر 2021، أعدت قناة الجزيرة تقريرًا في الذكرى الـ25 لتأسيسها، تركت شيرين كلماتها، قلب رسالتها التي أفنت من أجلها أوقاتها وراحتها وفي الأخير عمرها "ليس سهلاً ربما أن أغير الواقع لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال الصوت إلى العالم". تراجع الإهتمام والمتابعة لما يجري على فلسطين في السنوا الأخيرة عما كان وقت الانفاضة الثانية مطلع الألفينيات، لم يعد تردد التلفاز في البيوت العربية يتسع لطلة المراسلة الجسور رغم مواصلتها العمل، كما لو أن صراختها اليومية خلف الشاشة لم تكن كافية لتحرك القلوب وتعيدها لقبلتها، فكان الصوت الأخير لها، لعل رحيلها يفعل.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان