صعيدي في مهمة روسية.. يدرس الهندسة ويعمل مترجما ببطولة العالم للمصارعة
كتب- عبدالله عويس:
من صعيد مصر إلى روسيا، سافر مصطفى سليمان للدراسة منذ سنوات، ولم يكن طالب الفرقة الرابعة بكلية هندسة البترول بجامعة أوفا، يعرف أن ثمة دور آخر سيلعبه هناك خلال فترة إجازته.
أثناء بطولة العالم للشباب، بلعبة المصارعة، التي أقيمت في روسيا، بين الـ16 والـ22 من أغسطس الجاري، عمل مصطفى (24 عاما)، على مدار 9 أيام مع البعثة المصرية. كان مع أفرادها حين فازوا بالمباريات وحين خسروا. يترجم ويشرح لهم ما غمض عليهم.
ومنذ وصول البعثة إلى رحيلها، ظل الشاب القادم من محافظة سوهاج، بصعيد مصر، ملازما لتحركات أفراد بعثة بلاده. حتى حظي في النهاية بتقديرهم، وأهداه رئيس البعثة فانلة المنتخب المصري.
يقول مصطفى، والذي شارك من قبل في احتفالات نظمتها جامعته (أوفا النفطية التقنية الحكومية)، إن مديري الجامعة أدركوا إتقانه اللغة الروسية، ومعرفته بكثير من معالم بلادهم، فاختاروه مترجما للعرب المشاركين بأحد المهرجانات التي تقام كل 4 سنوات في روسيا، تمارس فيها أنشطة بثقافات كل دولة.
كانت الفعالية تتبع وزارة الثقافة الروسية، وأظهر الشاب المصري حينها تميزا وجهدا كبيرين، ورشحته الوزارة ليكون مترجما للبعثة المصرية القادمة إلى بطولة المصارعة: «فاعتبرت الأمر تشريفا لي، أن أكون برفقة أبناء بلدي، أساعدهم وأترجم لهم، كما اصطحبهم في جولات سريعة بعد المباريات».
ولم يقتصر عمل الشاب على الترجمة فحسب، أوكلت إليه مهمة استقبال بعثة مصر من المطار، وتنظيم مؤتمرات لهم، ومواعيد الاجتماعات والمباريات. كما كان حلقة الوصل بينهم وبين مديري البطولة.
وشاركت مصر في البطولة بسبعة لاعبين، كان أبرزهم عماد أشرف، في وزن 77 كغم، والذي فاز على نظيره الإسرائيلي بنتيجة (5-0)، ثم فاز على بطل أرمينيا بنتيجة (5-1) في منافسات الدور ربع النهائي، قبل أن يخسر من بطل النرويج ثم بطل إيران، مكتفيا بالمركز الخامس في البطولة.
كان مصطفى يشارك اللاعبين همومهم وأحاديثهم، يتذكر حين كان عماد مترددا قبل مواجهة اللاعب الإسرائيلي، لكنه حسم أمره بالمشاركة، واثقا في فوزه بالمباراة: «كان يفكر في الانسحاب في البداية، لكنه قرر خوض النزال وفاز به بشكل ساحق» يحكي مصطفى.
يقع مسكن الشاب على مسافة بعيدة من صالات الألعاب، ولذلك كان يشارك اللاعبين أماكن إقامتهم في أحد الفنادق المخصصة لهم، يأكل ويشرب معهم. ويشهد لحظات التدريب ويتابع المباريات: «وفي بعض الأوقات كنت أذهب إلى مكان إقامتي من خلال سيارة أجرة، ثم أعود للاعبين في الصباح».
يظهر مصطفى تفوقا دراسيا، ويطمح أن يعمل فيما بعد بشهادته التي على وشك الحصول عليها من جامعته الروسية. ولنشاطاته المختلفة وإقدامه على المشاركة في كثير من الفعاليات، صار رئيسا لاتحاد الطلاب المصريين بجامعة أوفا.
بعد أحد أيام البطولة، كانت هناك مأدبة عشاء أقامها رئيس جمهورية باشكورستان، إحدى الكيانات الفيدرالية الروسية، ودعي الشاب إليها رفقة رئيس البعثة المصرية واثنين من المدربين المصريين: «وهذه أمور تكسبني خبرة كبيرة، وأتعرف فيها على ثقافات مختلفة، كانت تلك الأيام مهمة لي».
إلى جانب مصر، شاركت دول عربية أخرى في البطولة، كالإمارات والجزائر وتونس، والبحرين، وكان الشاب يعاون البعثة الإماراتية في شؤون الترجمة، رغم أن البطولة وفرت لهم مترجما روسيا، لكن مصطفى يعتبر أن ترجمته ستكون أكثر دقة: «لأننا في النهاية عرب مثل بعضنا البعض، كما كنت أقوم بتشجيعهم وتشجيع باقي اللاعبين العرب».
حصل الشاب المصري على 40 بطاقة للتشجيع، فسارع إلى زملائه من المصريين والعرب المقيمين والدارسين بروسيا، ووزع عليهم البطاقات للحضور: «كانت اللحظات استثنائية، نتفاعل مع عرب آخرين في أيام معدودة، شعور جميل أن تكون وسط أبناء لغتك».
ورغم أن الشاب لم يحصل على مقابل نظير عمله، إلا أن منظمي البطولة منحوه مكافأة رمزية. وأعطاه أحمد عمارة، رئيس البعثة المصرية فانلة المنتخب المصري. يقول وصال قرطام، مدرب المصارعة الحرة والذي كان ضمن البعثة إن مصطفى «كان شهما للغاية، ولم يتعامل معنا أحد بهذا القدر من الود والاهتمام من قبل».
فيديو قد يعجبك: