بـ50 ألف جنيه.. كيف ساعد مصري 5 مغتربين بالإمارات للسفر إلى السعودية؟
كتب- عبدالله عويس:
مساء الأحد الماضي.. ساعات قليلة تفصل عن بدء تعليق الرحلات الجوية بين السعودية والإمارات. يشعر أحمد السيد و4 من المصريين معه بأن جهودهم والأموال التي اقترضوها للسفر راحت سدى. فشلت محاولاتهم للسفر من الإمارات إلى السعودية، فأموالهم سبق أن دفعوها للإقامة في الإمارات 14 يوما، وحجزوا تذاكر سفر في الـ6 من يوليو الجاري، غير أن تعليق الرحلات المباغت، كان في الـ4 من الشهر نفسه. ومع ذلك وصل أحمد والذين معه إلى السعودية، والبطل في الأمر شاب مصري يعمل في الإمارات.
في فبراير الماضي علقت السعودية السفر بينها وبين 20 دولة من بينها مصر والإمارات، لدواع صحية تتعلق بفيرورس كورونا، ثم رفعت ذلك التعليق بينها وبين 11 دولة، كانت الإمارات منها. وكان أحمد السيد الذي يعمل في السعودية منذ سنوات في إجازة طويلة من عمله، وحين قرر العودة إلى لقمة عيشه بالسعودية، اقترض وأخوه مبالغ تعينهما على السفر: «دفعنا فلوس السفر للإمارات، وفلوس الإقامة في الفندق لمدة 14 يوما، عشان نقدر نطلع منها للسعودية». غير أن هناك تكلفة أخرى تقع على عاتق الأخوين، متمثلة في تذكرتي السفر من الإمارات للسعودية، فحجزا لنفسيهما تذكرتين، وكان موعد السفر في الـ6 من يوليو الجاري: «فجأة عرفنا بقرار تعليق الرحلات بين السعودية والإمارات، وكل حاجة اتسدت في وشنا».
هاتف أحمد وشقيقه عمار المكتب الذي حجزا من خلاله تذكرتيهما، أخبرا المكتب بضرورة تقديم موعد السفر لكن ذلك لم يكن متاحا، وعوضا عن ذلك قام المكتب بإلغاء الحجر الصحي الذي دفعا ثمنه، لكنهما لن يحصلا على الأموال سريعا، في ظل إجراءات يجريها المكتب. جلس الشاب القادم من محافظة المنيا وشقيقه والـ3 الآخرين من الأصدقاء يفكرون في حل، لكن بلا جدوى، حتى أخبرهم أحدهم أن يحجزوا تذاكر جديدة من الإمارات للسعودية، فجمعوا كل ما معهم من أموال وذهبوا إلى أكثر من مكان، لكن الأموال لم تكن كافية: «كنا خلاص يوم الأحد، وفاضل ساعات على السفر وبنلف حوالين نفسنا، أنا لوحدي كنت دافع حوالي 30 ألف جنيه، ومش معايا فلوس تاني» يحكي الشاب الذي اتجه إلى شركة طيران ناس، للاستفسارعن موعد الطائرات، وهناك أخبره موظف بكافة التفاصيل، وأن الطائرة الوحيدة المتاحة ستقلع في السابعة مساء، قبل 4 ساعات من موعد تطبيق تعليق الرحلات.
كان كل ما مع أحمد وأصدقائه، 26 ألف درهم، وتبقى نحو 11 ألفا أخرى لا يملكونها. تبدد الأمل في السفر، غير أن الموظف أخبره بما لم يكن يتوقعه الشاب ولا الذين معه: «هدفعلكم من جيبي بس ترجعولي الفلوس، والحقوا هاتوا شنطكم عشان تلحقوا الطيارة». لم يصدق الشاب ما سمع، شكر الرجل كثيرا، وحين هم بالمغادرة، ناداه الموظف، وسأله إن كان يملك ثمن التاكسي الذي سينقله من مكتب الحجز إلى الفندق، ومن ثم إلى المطار، لكنه أخبره بالنفي، ليخرج له من جيبه 250 درهما: «التاكسي الواحد بيشيل اتنين، وإحنا كنا 5 فلازم 3 عربيات، وقال لي خلي أخوك يجهزلك الشنط واللي معاك عشان متتأخروش». وصل الشاب وشقيقه وأصدقاؤه الثلاثة أحمد عيد، وربيع محمد، ورمضان شعبان، إلى المطار، ولحقوا بالطائرة قبل 5 دقائق فقط من إغلاق أبوابها.
لم تكن ثمة علاقة سابقة جمعت أحمد والموظف الذي قابله، لكن لكنته في الحديث دفعته لسؤاله «هو إنت مصري؟» ليخبره الأخير بالإيجاب، وأن اسمه باسم حمدان: «أنا لحد دلوقتي مش مصدق إن في حد يعمل كده، لو أنا مكانه مش هتصرف بالشكل ده، في لحظات كنا حاسين إننا فقدنا كل حاجة، وأنا عندي عيال وأخويا متجوز، والـ3 التانيين شايلين بيوت والوضع صعب» يحكي الشاب الذي هاتف صديقا له بالإمارات لدفع بعض الأموال لباسم، وكان له شقيق ثالث في السعودية طلب منه إرسال المبالغ الأخرى المتبقية، وحين نسي أنه لم يرسل له ثمن التاكسي، عاود الاتصال به ليخبره الأخير أنه لن يقبل تلك الأموال مهما حدث: «ولا كان واخد مني ضمانات ولا أي حاجة، تحمل مسؤولية إنه يدفع لنا من جيبه لوحده حوالي 50 ألف جنيه، وإحنا مسافرين وسايبين البلد اللي هو قاعد فيها، وبقيت مندهش من تصرفه».
يعمل باسم في الإمارات منذ 10 سنوات، وهو وكيل طيران ناس في الإمارات، وحين رأى الشباب أمامه، لم يتردد في المساعدة: «إحساس الإحباط اللي شفته في عينهم مش قادر أوصفه، شباب رايحين ياكلوا عيش، لكن الظروف منعتهم، وكان ممكن أكون أنا في الموقف ده بدالهم» يحكي ابن محافظة الغربية، والذي يعمل تحت إدارة مصري آخر، يرى أنه من علمه مساعدة الناس بذلك الشكل مهما كان الثمن: «أستاذ محمد الجداوي مديري، اداني صلاحيات أساعد الناس بالشكل ده، وياما وقف جنبي فاتعلمت إن مساعدة الناس هتترد للشخص كده كده» قالها الشاب، الذي تحمل دفع فارق أسعار التذاكر من جيبه، ولم يتواصل مع الشباب المصريين الذين سافروا رفعا للحرج عنهم: «هم اللي كانوا بيكملوني طول الوقت، ولو مكنوش كلموني ولا بعتوا فلوس مكنتش هكلم حد منهم برضه، لكنهم محترمين ووفوا بوعدهم، والمهم إنهم سافروا للقمة عيشهم».
فيديو قد يعجبك: